أثر التصوف علي الحياة السياسية في مصر من قرن 3 الي قرن 7 الهجري
دكتور / كمال الدين النعناعي
( 3) (التصوف والفتوة)
علم السياسة هو علم الحكم
وتسييس الرعية وهو السبيل لتفهم روح الجماعة السياسية
أي مجموعة المفاهيم النابعة من الشريعة الاسلامية
فهل تسني لجماعة الصوفية في مصر تفهم روح الجماعة السياسية فيها حتي يمكننا القول بأن ثمة دور قامت به جماعتهم فطبع أثره علي الحياة السياسية حوالي هذه الفترة محل دراستنا؟
قبل ان نجيب علي هذا السؤال
ينبغي أن نشير الي أن الحديث
عن التصوف حديث عن الفتوة أيضا
ففي التصوف الفتوة في جانبها العملي..
(الفتوة) سلوك قديم عرفه العرب في الجاهلية،
ولم يكن الفتيان في الأصل طبقة أو بيوتاًت ٱنما كانوا أفرادا يتناثرون في القبائل شعارهم (الايثار)
ثم ٱتخذت شكلا جماعيا علي شاكلة اتفاق ( حلف الفضول)
فيما نص علي منع الظلم عن الغريب ونصرة الضعيف…
والفتوة في ٱصل المصطلح معناها الشباب،
وفتيت البنت تفتية أي خدرت،وسترت ومنعت من اللعب مع الصبيان
وقالوا للشاب فتي والشابة فتاة
وربما استعير المسمي للعبد وان
كان شيخا مجازا لما كان عليه
وفي قوله تعالي
(واذ قال موسي لفتاه…)
واذا كان (التقليد) يعني أعتناق آراء الغير في المعنويات دون ان يعوزه دليل
ومحاكاة ظاهرية في الحسيات
فانتقال نظام الفتوة من العرف العربي الجاهلي الي التصوف
بشكله الاسلامي في مصر قام علي دليل من الكتاب في قوله
تعالي ( أنهم فتية آمنوا بربهم فذدناهم هدي)
وفي الحديث النبوي ما يحض علي أن يكون القتال قائما علي
أسس أخلاقية سامية تمثلها الشريعة الاسلامية (بن الجوزي
فلما دخل عمرو بن العاص مصر
سنة 19 هجرية في عهد الخليفة عمر بن الخطاب صار الاهتمام بمسألة الثغور الاسلامية شاغل الحكام من ناحية والجماعة الصوفية من ناحية اخري كوازع ديني.
ويعتبر عمر بن الخطاب مؤسس( الدولة)
فيرجع اليه أنه أفتتح تاريخا وأنشٱ حكومة
ورتب لها الدواوين ونظم فيها
أصول القضاء والادارة
وأتخذ بيت المال ووصل بين أجزائها
بالبريد وحمي ثغورها
( أي الاماكن المواجهة للعدو والمكشوفة علي البحر بالمرابطين)
فيمكننا القول أن جماعة الصوفية التي برزت علي مسرح الأحداث سنة 200 هجرية أكتسبت بالفعل علما
في السياسة يظهر أثره فيما سنتعرض له من أفكارهم
فضلا عن ذلك،
اذ كان عليها ان
تعالج نزاعا شب بين شخصيتين بغرض تولي السلطة بمدينة الاسكندرية بمصر،
وما ترتب علي ذلك من أمتداد
النزاع ليشمل قبيلتين هما.
بني لخم وبني مدلج.