نبيل أبوالياسين: هل إنتحار الطيار كشف الخداع الأمريكي وجعلها لاتصلح لوساطة السلام.
كتب نبيل أبو الياسين
إستمرار الإبادة الجماعية، وجريمة التجويع الممنهجة في غزة، وعلى مرأى ومسمع من العالم أفقد شعوب العالم بما فيهم اليهود ثقتهم في النظام العالمي برمته.
وما يجري في غزة ليس حرباً بل محاولة للتطهير العرقي لأن الحروب لها قوانينها وأخلاقها أيضاً، وقوات الإحتلال بمساعدة أمريكا إستباحت كافة قوانين الحرب وجميع القوانين الدولية والإنسانية،.
فضلاًعن أن إسرائيل تمارس أفعالاً همجية بحق المدنيين وتقصف الأطفال في قطاع غزة، حتى عندما يستلمون المساعدات.
ومازال نظام نتنياهو يواصل إرتكاب المجازر رغم قرارات محكمة العدل الدولية التي أصدرتها مؤخراً والمدعومة غربية وعربياً.
إن إنتحار “الطيار الأمريكي” بات أيقونة للإنسانية في أمريكا، وفضح الإدارة الأمريكية أمام العالم بأسره، ولا حل إلا بإقامة دولة فلسطين على حدود 1967 وعاصمتها القدس.
وإن القانون والعدالة سقطا ضحية للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وأن أمريكا والدول الغربية متهمين بشكل رسمي بالضلوع في إراقة الدماء في القطاع.
ومشتركين أيضاً في جريمة بشعة وغير مسبوقة في تاريخ البشرية”جريمة التجويع” في غزة، والعالم الآن أصبح أكبر من الدول الـ”5″ دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي.
كما أن الإضطهاد يسبب حروباً أكثر دموية من السابق، وجميع الناس في غزة الآن معرضون لخطر المجاعة الوشيك، ويشرب الجميع تقريباً المياه المالحة والملوثة.
وهذا ما أكده؛ مراراً وتكراراً المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة أن الرعاية الصحية في جميع أنحاء الإقليم بالكاد لاتعمل.
وعندما ماتت الإنسانية عند العالم المخزي تحركت عند الطيار الأمريكي”آرون بوشنل“، الذي فاجئ العالم بمشهد وهو يشعل النار في نفسه أمام السفارة الإسرائيلية في العاصمة واشنطن، إحتجاجاً على الإبادة الجماعية للفلسطينيين في غزة، وظل يهتف بالحرية لفلسطين حتى لفظ أنفاسه الأخيرة، وصعدت روحه إلى الله رافضاً للظلم الصهيوني، في حدث إنساني بالغ التأثير، حظي بإهتمام واسع النطاق في أمريكا والعالم بأسره، ويتساءل الكثير.
ما الذي يدفع هذا الشاب الأمريكي وهو في مقتبل العمر “25 عاماً” ليضحي بروحه من أجل الفلسطينيين، وهو ليس مسلماً وليس عربيا ولا علاقة له بفلسطين؟ وما الذي أوصل هذا الطيار إلى درجة الغضب مما يجري في”غزة”!؟، من إبادة جماعية رغم ما يضخه الإعلام الأمريكي من أكاذيب وقصص وروايات مفبركة لتشويه غزة؟!.
وشاهدنا وشاهد العالم حرص الطيار الأمريكي المنتحر على تصوير المشهد من أوله، وحتى نهايتة في بث مباشر على إحدىّ موقع التواصل الإجتماعي، وهو في قمة الهدوء وذكر في كلمات قليلة السبب الذي جعله يقدم على الإنتحار والتضحية بروحه، حتى لا يترك للإدارة الأمريكية وغيرهم من مجرمي الحرب أي فرصة لتشويهه وإتهامه بالجنون وغيرها من الإتهامات التي يتم إطلاقها عادة للتعمية على القضية الفلسطينية التي يموت من أجلها من يقرر هذه النهاية الحزينة والمؤلمة!؟، وإليكم
مما قالة” آرون بوشنل” قبل إنتحارة”لن أكون مشاركاً بعد الآن في الإبادة الجماعية في غزة” أنا على وشك القيام بفعل متطرف ولكن بالمقارنة مع ما يلقاه الناس في فلسطين على يد الإحتلال والمستعمرين فهذا ليس تطرفاً على الإطلاق.
وهذا ما قرره حكامنا في “واشنطن” بأن يكون أمراً عادياً لأنهم يستهترون بحياة العرب، ثم سكب على نفسه مادة سريعة الإشتعال وأشعل النار في جسده، وظل يهتف بالحرية لفلسطين حتى سقط على الأرض جثة هامدة، لم يخلوا مشهد النهاية مما يرمز للروح العدوانية التي تسيطر على الإسرائيليين، إذ بينما جاء أحد من أفراد الشرطة الأمريكية بسرعة، وهم يحاولون إطفاء النار كان الحارس الإسرائيلي يصوب مسدسهُ تجاه الطيار المنتحر، وسمع صوته منذ بداية الفيديو وهو يصرخ مطالباً الطيار الذي يحترق بأن ينبطح أرضاً، وظل شاهراً سلاحه حتى بعد أن أتت النار على الجسد الممدد على الأرض!؟.
إن الرسالة الأهم التي قدمها” آرون بوشنل”من أمام السفارة الإسرائيلية هي سقوط الشعارات الأمريكية الكاذبة، وسقوط الإمبراطورية الأمريكية القائمة على سلسلة من الشعارات الإنسانية المخادعة التي تبرر بها التدخلات العسكرية وقتل الشعوب الأخرىّ، فهذا الطيار الذي كان وما زال في الخدمة ذهب إلى المشهد الأخير من حياتةُ بزيه العسكري، وعندما قال؛ إنه لن يشارك في الإبادة والجرائم البشعه في غزة بعد اليوم، أراد أن يدين الجيش الأمريكي الذي يمارس الإبادة، وهي عبارة ستفسرها الأيام القادمة بعدما يتم وقف إطلاق النار وتتكشف الحقائق والفظائع على الأرض في قطاع غزة، وما فعله “الطيار الأمريكي”، رسالة إنسانية عالمية توضح حجم التعاطف الإنساني مع الشعب الفلسطيني، وتؤكد؛ أن الإبادة التي يمارسها الجيش الإسرائيلي المحمية بـ”الفيتو” الأمريكي في مجلس الأمن والمنظمات الدولية والمدعومة من الجيش الأمريكي والجيوش الأوربية لم تحجب الشعور الإنساني العام خاصةً في الغرب من إظهار الدعم لغزة.
إنتحار الطيار الأمريكي “آرون بوشنل” سيكون الشرارة التي تشعل الثورات في العالم ضد الإحتلال المجرم، وضد كل من يدعمه ويتواطؤ معه وصمت عن إجرامه التي غايتها إبتلاع غزة بعد تدميرها وتخريبها وإبادة أهلها، وهي رسالة أيضاً للفلسطينيين في غزة الذين كان صمودهم سبباً في شعور شعوب العالم بمعاناتهم، وملهماً للشباب الذي يعبر عن دعمه بوسائل التواصل المختلفة.
وإنتحار الطيار يعُد أقوىّ تحرك فردي يمكن أن يفكر فيه إنسان، وهو بداية لما سنراه من الردود على المجازر الإسرائيلية الأمريكية التي تتجاوز كل الحدود الإنسانية.
فالإبادة الجارية ترتكب في غزة لن يفلت المجرمون من محاكمة الشعوب بعدما عجزت المحاكم الدولية والمنظمات الأممية، وإذا كانت الإبادة قد حركت الشعوب في أمريكا وأوربا فإن صبر الشعوب العربية لن يطول، لذا؛ يجب على الأنظمة العربية أن تدرك خطورة الوضع وأن تحترم وتقدر غضب الشعوب الذي وصل إلى منتهاة، وقد شاهدنا تأثير الطيار الأمريكي “آرون بوشنل”، حيثُ بدأت الصحوة الحقيقية بين الطيارين الأمريكيين الذين تجمعوا للإعتصام أمام السفارة الإسرائيلية في”واشنطن” في وقت لاحق قائلين إنهم لم يكونوا جزءً مما يحدث في غزة، وما فعلهُ الطيار الأمريكي يذكرنا بما فعله التونسي “محمد البوعزيزي” الذي أحرق نفسه في 2011، فكانت نهاية حياتة هي الشرارة التي أشعلت الثورات العربية، والتي أطاحت بالكثير من الحكام، ولم تكن إنتحار “البوعزيزي” تصرفاً يدل على اليأس وإنما صرخة أيقظت الضمائر والجماهير النائمة.
وبشأن “جريمة التجويع” الممنهجة من قبل الإحتلال الإسرائيلي وبمشاركة الإدارة الأمريكية أوجه رسالة إلى محكمة العدل الدولية ، أليس تجويع المدنيين هي إستراتيجية إسرائيل في التعامل مع جرائم الحرب؟، عندما يتضور المدنيون الفلسطينيون في غزة جوعاً، وتمنع إسرائيل تسليم حوالي “1050”حاوية معظمها مملوءة بالدقيق، والتي ستكون كافية لإطعام أكثر من مليون شخص من سكان غزة لمدة شهر كامل،
وعندما يفر المئات من أحد آخر المستشفيات العاملة في غزة، خوفا من الهجوم الإسرائيلي، أليس هذا ضمن قرارات المحكمة الأخيرة التي حثت على عدم ترويع المواطنيين الأمنيين وخاصة في المستشفيات؟، بعد أن أمرهم الجيش الإسرائيلي بالمغادرة وهدد بمزيد من الإجراءات لوقف ما قالة؛ إنه نشاط حماس هناك.
وياسادة قضاة “العدل الدولية” ما يتم في غزة الآن ليست كارثة طبيعية بل يتم منع الإمدادات المنقذة للحياة عمداً من قبل الإحتلال النازي، والنساء والأطفال يدفعون الثمن، وهذه هي إستراتيجية جرائم الحرب التي تنتهجها إسرائيل، والتي تتمثل في التجويع والحرمان الذي يستهدف المدنيين الفلسطينيين في غزة، وأن مقتل هذا العدد الكبير من الأشخاص الذين كانوا يحيطون بقافلة تحمل مواد غذائية في جزء من غزة يتوجب تحقيق مستقل وشفاف،حيث: تتفشى المجاعة يعكس حالة اليأس والفوضى المتصاعدة في المنطقة، وبسبب عرقلة إسرائيل المتعمدة للمساعدات الغذائية،وتفتح القوات الإسرائيلية النار أول أمس “الخميس” على تجمع حشد بالقرب من قافلة من شاحنات الإغاثة في مدينة غزة يعُد مشهد فوضوي إستشهد فيه العشرات وحرج المئات، وفقاً لمسؤولي غزة.
ويتبجح المسؤولين الإسرائليون ويقدموا روايات كاذبة ومضللة، إلا أن وفاة الكثير من الأشخاص الذين كانوا يحيطون بقافلة تحمل طعاماً في جزء من غزة حيث؛ تنتشر المجاعة وتعكس اليأس والخروج على القانون في الأراضي الفلسطينية في أعقاب العدوان الإسرائيلي النازي، وقالت: وزارة الصحة في غزة في بيان لها إن القوات الإسرائيلية قتلت أكثر من “100” شخص وأصابت “700” آخرين في “مذبحة”،بينما كانوا ينتظرون الطعام من القافلة، وجاء إراقة الدماء الأخيرة حيث؛ أفاد مسؤولو الصحة في غزة أن عدد القتلى من الحرب قد إرتفع إلى أكثر من “30000” معظمهم من الأطفال والنساء، وأمريكا مازلت تخدع العالم وتتحدث عن وقف إطلاق النار، وتنسف الإنسانية من جهة أخرىّ بإستخدامها “الفيتو” لإستمرار الإبادة والمجاعه في غزة.
وفي نفس السياق ألفت: إلى أنه بعد مرور شهر على الإدعاءات الإسرائيلية بأن عدة أفراد من موظفي الأمم المتحدة “الأونروا” شاركوا في هجوم حماس في 7 أكتوبر، لم يتلق محققو الأمم المتحدة حتى يومنا هذا أي دليل من إسرائيل يدعم هذه الادعاءات!؟ ومع ذلك، لا تزال الحكومات تقوم بتعليق تمويل”الأونروا”، وهذا يؤكد؛ أن جريمة التجويع ممنهجة ويتم تنفيذها من خلال الإحتلال تحت إشراف وإدارة أمريكا، وأدت الإدعاءات الكاذبة ضد 12 موظفاً في وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” إلى تعليق 16 دولة مانحة رئيسية حشدتهم”واشنطن” تبرعات يبلغ مجموعها حوالي”450″ مليون دولار في وقت يواجه فيه أكثر من مليوني من سكان غزة المجاعة، وتقول الأونروا إنها تقترب من “نقطة الإنهيار” ولديها فقط أموال كافية لمواصلة العمل لأسابيع مقبلة على الأكثر.
وختاماً لابد من أن إكرر توجسي الشديد، والذي لا أرجو فيه أن اكون مخطئاً بل سأكون على صواب، وهذا إستناداً إلى خبرتي وقراءتي للمشهد العالمي، أن فصل “الهدنة المؤقتة” وتبادل الرهائن والأسرىّ، عن الوقف الدائم لإطلاق النار وعن عملية سلام شاملة لإنهاء الإحتلال، هي مجرد “خدعة أمريكية” خبيثة وأُحذر من الوقوع فيها لانه سيتم إستئناف الحرب وزيادة المعاناة الفلسطينية وإستمرار الظلم البين والإبادة والتجويع،
لذا؛، أطالب العالم أجمع، ولاسيما؛ العالم العربي والإسلامي بأن يفيقوا من غيبوبتهم غير المسبوقة في تاريخ الإنسانية ولا ينجروا وراء هذه الخدعه المفضوحة، وأن يهبوا لوقف هذا الحصار غير الإنساني عنوة، ويجبر الكيان الإسرائيلي وشريكتةُ أمريكا على وقف المذابح والإبادة الجماعية في حق الأبرياء الفلسطينين ودخول المساعدات الكافية لقطاع غزة وفق قرارات محكمة العدل الدولية.