“فضل ليلة النصف من شعبان”
بقلم .دكتور / محمد عرفه….
اعلم أخي الحبيب أن شهر شعبان سمي بشعبان لتشعب الخير فيه وكان الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم يصوم في شعبان أكثر من غيره من الشهور فلما سئل عن صيامه قال هذا شهر يقع بين رجب ورمضان وفيه ترفع الأعمال وفيه يغفل الناس عنه وأحب ان يرفع عملي فيه وأنا صائم لله رب العالمين. كذالك به تحويل القبلة وفيه ليلة عظيمة وهي ليلة النصف من شعبان فإن ليلة النصف من شعبان قد ورد في فضلها عدة أحاديث منها ما هو صالح للاحتجاج ومنها ما هو ضعيف لا يحتج به . فمما هو صالح للاحتجاج ما رواه البيهقي في شعب الإيمان عن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” إذا كان ليلة النصف من شعبان اطلع الله إلى خلقه فيغفر للمؤمنين ويملي للكافرين ويدع أهل الحقد بحقدهم حتى يدعوه” ورواه الطبراني وحسنه الألباني رحمه الله في صحيحه
. وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله ليطلع في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه، إلا لمشرك أو مشاحن” رواه ابن ماجه وابن حبان عن معاذ بن جبل رضي الله عنه.
هذا وقد قال عطاء بن يسار: ما من ليلة بعد ليلة القدر أفضل من ليلة النصف من شعبان يتنزل الله تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا، فيغفر لعباده كلهم، إلا لمشرك أو مشاجر أو قاطع رحم.
فينبغي على العبد أن يتحلى بالطاعات التي تؤهله لمغفرة الرحمن وأن يبتعد عن المعاصي والذنوب التي تحجبه عن هذه المغفرة. ومن هذه الذنوب: الشرك بالله فإنه مانع من كل خير. ومنها الشحناء والحقد على المسلمين وهو يمنع المغفرة في أكثر أوقات المغفرة والرحمة. فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين والخميس فيغفر الله لكل عبد لا يشرك بالله شيئاً إلا رجلاً كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقول: أنظروا هذين حتى يصطلحا”. رواه مسلم. فأفضل الأعمال بعد الإيمان بالله سلامة الصدر من أنواع الشحناء كلها.
ولم يثبت في تخصيص هذه الليلة بصلاة معينة أو دعاء معين شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه وأول ظهور لذلك كان من بعض التابعين. قال ابن رجب في لطائف المعارف: وليلة النصف من شعبان كان التابعون من أهل الشام كخالد بن معدان، ومكحول، ولقمان بن عامر وغيرهم، يعظمونها ويجتهدون فيها في العبادة وعنهم أخذ الناس فضلها وتعظيمها.
وقال ابن تيمية رحمه الله: وأما ليلة النصف من شعبان ففيها فضل وكان في السلف من يصلي فيها.
وقال الشافعي رحمه الله: بلغنا أن الدعاء يستجاب في خمس ليال: ليلة الجمعة والعيدين وأول رجب ونصف شعبان.
وأما صيام يوم النصف من شعبان فيسن على أنه من الأيام البيض الثلاثة، وهي: الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر لا على أنه يوم النصف من شعبان .
ليلة النصف من شعبان هي ليلة الخامس عشر من شهر شعبان وهي الليلة التي تسبق يوم خمسة عشر شعبان وتبدأ مع مغرب يوم أربعة عشر من شعبان وتنتهي مع فجر يوم خمسة عشر من شعبان. ولهذه الليلة أهمية خاصّة في الإسلام لأنه تم فيها تحويل القبلة من بيت المقدس إلى البيت الحرام بمكة المكرمة بالعام الثاني من الهجرة على أرجح الآراء بعد أن صلى المسلمين قرابة الستة عشر شهراً تقريباً تجاه المسجد الأقصى. ولأنه ورد فيها عدة أحاديث نبوية تبيّن فضلها وأهميتها، ويحييها عدد من المسلمين بالصلاة والذكر وتلاوة القرآن والدعاء.
ومن أسمائها:
ليلة البراءة.
ليلة الدعاء.
ليلة القِسمة.
ليلة الإجابة.
الليلة المباركة.
ليلة الشفاعة.
ليلة الغفران والعتق من النيران.
وقيل: إن للملائكة في السماء ليلتي عيد، كما أن للمسلمين في الأرض يومي عيد فعيد الملائكة ليلة البراء وهي ليلة النصف من شعبان وليلة القدر وعيد المؤمنين يوم الفطر ويوم الأضحى. ولهذا سميت ليلة النصف من شعبان ليلة عيد الملائكة. وتسمى أيضاً ليلة التكفير وليلة الحياة وليلة الشفاعة وليلة المغفرة وليلة العتق ي سطوليلة القسمة والتقدير. حكم صيام ليلة النصف من شعبان
نوهت دار الإفتاء المصرية على أن إحياء ليلة النصف من شعبان بقيام ليلها وصيام نهارها ليس بدعة كما يدعي البعض وإنما في هذه الليلة نفحات حيث ينزل الله تعالى إلى السماء الدنيا.
وقالت دار الافتاء إن ليلة النصف من شعبان لها فضل عظيم لما ورد عَنْ أم المؤمنين عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «فَقَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيْلَةً فَخَرَجْتُ فَإِذَا هُوَ بِالْبَقِيعِ فَقَالَ أَكُنْتِ تَخَافِينَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْكِ وَرَسُولُهُ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي ظَنَنْتُ أَنَّكَ أَتَيْتَ بَعْضَ نِسَائِكَ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَنْزِلُ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَغْفِرُ لِأَكْثَرَ مِنْ عَدَدِ شَعْرِ غَنَمِ كَلْبٍ».اللهم بلغنا رمضان لا فاقدين ولا مفقودين وارفع عنا البلاء والوباء ونجنا مما نحن فيه ودائماً نلتقي على الخير.