كل يوم و العالم فى عيد حب.. زوج فى ورطة
قصة قصيرة
بقلم عبده مرقص عبد الملاك
عندما عاد للمنزل فى المساء كان يدندن بأغنية رومانسية قديمة -كعادته- و لما دلف من باب الشقة حياها باسما و تبدو عليه علامات الزهو و الاعتزاز كبطل انتصر فى معركة مصيرية.
فتلقته باشة وردت عليه بنغمة يعرفها و لكن قلما تتحدث بها وهذا يعد خروجا عن المألوف و المتعارف عليه فى معظم الاحوال والاحيان.
مما جعله يتوجس ان هناك حدثا جللا وراء هذا التغيير وبادرته قائلة :”هل نسيت ما حدثتك عنه ؟”
فأجابها بزهو القائد المنتصر :” كيف لى أن أنسى، اننى لو نسيت نفسى ما نسيت ما تشدين به، و لذا عولت على نفسى بمجرد خروجى من المنزل البحث عن بغيتك و صرت ابحث فى كل المحلات و المتاجر.
و بعد ان اعيانى البحث و فى نهاية المطاف عثرت على المراد و قد اجزلت للبائع فى العطاء لأنه أسعدنى بتحقيق مطلب أعز الناس لقلبى ،و لما انتهى من كلامه قدم لها علبة انيقة مزدانة بشرائط ملونة، فسارعت لفتحها.
و ما أن فتحتها حتى صعقت و صرخت :” يا اللهى ، الطم يا ناس ، طول عمرى اسمع ان الناس تصاب بحول فى عينيها ،لكن عمرى ما سمعت عن حول الودان، ماذا أفعل معك؟ و كيف اعالج عدم تركيزك او استيعابك لما تسمع؟
رد عليها بهدوء:”ماذا حدث ؟ لماذا كل هذا يا عزيزتى ،اننى لم اقترف جرما بتلبية مطلبك و احضاره من اشهر مول فى المدينة.
ردت عليه – متهكمة – :” يا حضرة الشاعر ، مرهف الاحساس و الاديب القدير ،يا زوجى العزيز ،ألم تقرأ أو تسمع عن عيد الحب؟
هز كتفيه كتلميذ يدلى باجابته لاستاذه -:” بلى ،قد قرأت الكثير و سمعت اكثر و عايشت ذلك و اعرف ان عيد الحب يحتفل به على المستوى العالمى يوم 14 من فبراير كل عام و لكن على المستوى المحلى – اقصد على مستوى منزلنا – نحتفل به كل يوم.
هى – و قد نفد صبرها – :” انت عارف النهارده ايه فى الايام ؟
هو :” ايوه ،النهاردة الاحد 14 فراير 2024 ولكن ما علاقة هذا بما طلبتى منى ؟
هى :” ما هو ده بيت القصيد يا استاذ ،انت بتسمعنى و انت شارد الذهن ،انت لو سمعتنى جيدا كنت ادركت ،انى قلت لك اياك ان تنسى ( الفلانتين ) مش تشترى نفتالين.
و هنا اسقط في يديه فقد نسى انها مازالت طفلته المدللة و لابد ان يجد مخرجاً له من هذا الموقف العصيب ،فنهض من مجلسه و فتح الدولاب و اخرج منه علبة قطيفة فتحها و اخرج منها علبة صغيرة قدمها لها ،ففتحتها متلهفة ،فوجدت بها وردة حمراء جافة و رسالة ،فأندهشت و صاحت يا الله ،انها وردة حبنا و اول رسالة ارسلتها لى ،ان لديك قدرة عجيبة على الاحتفاظ بالاشياء ،تصور ان الرساله والوردة عمرهما اربع عقود ،لكن الوردة جفت و الرسالة كلماتها بهتت ،يااااه اربعون عاما عشتها معك فى دنيا الاحلام و الاوهام و لم اجن سوى الكلام.
هو :”يا عزيزتى ،الرسالة لم تبهت لكن انت نسيت ان ترتدى ( النضارة ) ووردة حبنا لم تذبل و لم تجف و يكفى انها ذكرتك بقصة حبنا هذه هى رسالتها و اننى فخور بأن جعلتك تعيشين فى عالم الاحلام و تسبحين فى بحور الكلام لأنك أرق من ان تعيشى فى الواقع المرير فلتهنأى بالاحلام.
ثم فتح العلبة الاخرى و اخرج منها سلسلة ذهبية رقيقة يتدلى منها قلب صغير ،و تقدم نحوها و طوق جيدها بها مقبلا اياها على جبينها ، قائلا : كل عيد حب و انت احلى حب ,عشت بالحب و للحب
فأطرقت قائلة :” حقا انك فارس . صعب نزاله ،لقد هزمتنى فاعذرنى حفظك
الله لى دوما.. و تعانقا.