“قصة قصيرة .. لزينب كاظم .”..
كانت مرح امرأة شابة تعيش في أحد الأحياء المترفة الراقية
وكانت هي امرأة مثقفة وجميلة وانيقة جدا منظرها يبهج القلب الحزين لها اطلالة توحي بالتفاؤل لذلك كان كل من ينظر في وجهها من الرجال ينتابه شعور غريب لا يفهم تفسيره هل هو حب ام اعجاب ام غبطة وفرح لكن كل ما يعرفه انه انجذب اليها بعقله الباطن وكان هناك رجل يعمل في احد الصيدليات طويل القامة مفتول العضلات ابيض الوجه وكان معطاء ومثقفا والكل يعرفه ويتعامل معه من سكان المنطقة والكل يعرف انه شارف على الخامسة والأربعين من عمره ولم يتزوج فكانت النساء يتدخلن بحياته كما هو حال اغلب النساء الشرقيات البسيطان فمرة احداهن تسأله لماذا لم يتزوج بعد والأخرى تستعرض ابنتها امامه والأخرى تكون اكثر جرأة وتطلب منه ان يتزوج ابنة اختها الخريجة وتظل تعدد خصالها الحميدة كي يرضى فيما تذهب اخرى بتفكيرها ابعد وتقول له انه لربما مصاب بالتابعة او أحد الأمراض النفسية او لربما عمل له سحر أخر زواجه وهو يضحك من قلبه على كل هذا الجهل الذي يراه ويسمعه فهو انسان درس الصيدلة ورأى فتيات ونساء بعدد شعر رأسه لكن لم تحرك احداهن القطعة التي بين جنبيه الا تلك المرأة التي تمر بالقرب من صيدليته او تشتري منه علاجا بين الفينة والفينة لكنه لم يجرأ ان يسأل عنها احد كونها غامضة حسب رأيه او نظرته الأولى اليها كونه لا يعرف اين بالضبط هي تسكن وطبيعتها الرقيقة الترفة اوحت له انها لا تشبه الأخريات ولا مرة لمحها مع احدى النساء لذلك اراد ان يتريث قبل ان يسأل عنها لكنها كلما مرت به لتأخذ علاجا ما شعر وكأنه ركب مركب السعادة والفرح الى عالم اخر فهي تملك خفة الدم والثقافة واحيانا تتحدث معه لدقائق بسيطة ينظر في عيونها فيغرق في فيض الحب الذي ينهال من عيونها التي تجمع بين الرقة والشراسة فهي لبوة بكل ما تحمل الكلمة من معنى وعندما تهم بالخروج منه يعود به مركب السعادة عند باب صيدليته ويظل يودعها بعيونه التي تخترق حدود القلب لأنها لأول مرة تعشق ويظل يتوسل روحه الا تعشق وان كانت عشقت يتوسلها ان تترك الأمر فهو ما خلق لهذا الأمر ،انسان قدم للعلم ولمهنته الكثير ولا يحب تربية الأولاد وتعبهم لكن نظره يظل يتبعها وكأنه سنين ضوئية مرت في دقائق او كأنه سافر عبر الزمن لا بل صار يغار عليها عندما يراها تتحدث مع أحد ما ويراقبها ويحترق غيرة وفضولا تجاه تلك السيدة التي سيطرت على كل كيانه
وفي احد المرات لمح معها طفلين وكأنها لبوة جميلة تسير مع شبليها فضرب قلبه اعصارا قويا واصابت روحه زوبعة ورمى برقا قويا من عيونه العاشقة لكنه كذب نفسه فهو لا يريد ان يصدق ان ذلك الحلم الوردي سينتهي وان تلك المرأة متزوجة فأخذ يقنع نفسه ان هذين الطفلين ليسا ولديها
فهو كان يقضي ليالي ويفكر انه كيف سيخطبها ويتزوجها وانه اخيرا تحركت نبضات قلبه وتأكد من انه لديه قلب كباقي البشر فأصبح طماعا بأحلامه! بأنها أصبحت له وقويت الكيمياء بينهما وانهما يضحكان معا ويخرجان معا ويعيشان حياة الحب والسفر الى بلد اخر وانه سوف يكون بينهما طفل ثمرة عشقهما وووو الاف الأحلام ..لكن للأقدار رأي اخر فمرح ليست فتاة سعيدة كما كان يظن بل هي امرأة تعيش مع رجل لا تحبه كونها تزوجته لغرض الزواج والأنجاب فقط حالها حال الكثير من الفتيات والنساء وهي ام لطفلين هذا ما عرفه بعدما سأل احدى النساء والتي كانت تسكن بالقرب من بيتها فأجابته وكأنها تشمت به بأن المرأة التي أحب واختارها قلبه متزوجة وام لشبلين وضحكت ساخرة منه وذهبت فعاد قلبه صخرة لا تنطق ولسانه تلعثم وعاد انسانا واهبا نفسه للعلم بلا حب ولا حياة فهو لا يريد ان يتزوج بلا مشاعر مفضلا العيش بلا شريكة على العيش مع سيدة لا يحبها .