قوة مصر
رضا ابو راضي
صرح العميد دكتور عمرو عبدالمقصود الخبير الأمني والإستراتيجي أن كواليس مفاوضات الهدنة شهدت معركة مخابراتية صاخبة وساخنة بشكل لا يتخيله أحد.
ولولا الضغوط المصرية لما خرجت هذه الهدنة إلى النور أبدا في ظل تعنت الجانب الصهيوني وتصلبه، ناهيك عن صعوبة التفاوض معاه وقدرته على المراوغة والإغراق في التفاصيل.
ولكن مصر في النهاية فرضت كلمتها ومارست «الدبلوماسية الخشنة» في أوضح وأقوى صورها واستطاعت في النهاية أن تجبر المفاوض الصهيوني على القبول بأشياء كان مرفوض النقاش حولها.
ومنها مثلا توقف طلعات الطيران الاسرائيلي على كامل القطاع، وهذه الجزئية كانت مرفوضة بالاجماع من الطرف الآخر بكل أضلاعه (جيش الكيان – الموساد – الحكومة الإسرائيلية).
وأيضا كيفية تأمين خروج الرهائن الإسرائيليين من المخابئ والأنفاق بدون ما اسرائيل ترصد هذه الأماكن ، ثم تأمين خروجهم من القطاع حتى يصلوا للمعبر ، وبعد ذلك كيفية توصيلهم وإعادتهم مرة اخرى لدولة الكيان.
كما كان هناك أيضاً جدلا كبيرا حول نوع وجنسية وطبيعة الطائرات التي ستقلهم من مطار العريش للأرض المحتلة، وكذلك جزئية إدخال الوقود لقطاع غزة والتي كانت مرفوضة رفضا باتا من دويلة الكيان.
هنا يتبادر سؤال.. ما هى أوراق الضغط التي تملكها مصر والمفاوض المصري لكي تفرض كلمتها على اولاد الغم بهذا الشكل؟
الاجابة تأتي من تقرير مطول نشرته الليلة صحيفة تايمز أوف إسرائيل نقلاً عن مسؤول رفيع في الإدارة الأمريكية وقالت فيه ان مصر صرحت بشكل واضح وقاطع لا يقبل اللبس ، بأنه إذا لم يتم التوافق على البنود دي فليس هناك حل آخر غير ان «مصر» ستفرض الأمر بالقوة وستقوم بخلق «منطقة آمنة» داخل القطاع وتحت الحماية المباشرة من الجيش المصري بالقوة ، وستقوم بإدخال ما تشاء من إغاثات ومواد إعاشة لسكان القطاع بإرادتها الحرة المنفردة وبقوة مؤسستها العسكرية.
هذا يعني أنه تهديد مباشر بحرب صريحة مع دويلة الكيان، وقامت بإبلاغ هذا التحذير لكافة الأطراف وعلى رأسهم الولايات المتحدة ، التي لم يكن أمامها غير خيارين اثنين.. إما الهدنة ووقف إطلاق النار ، وإما تغيير معادلة المنطقة كليا وبالقوة.
وإمعانا في إظهار الجدية قامت مصر بتحديد ساعة الصفر لبدء تحركها، وتم بالفعل تحريك مفارز من الجنود بكامل تسليحهم وعتادهم وآلياتهم ومعداتهم للمنطقة الحدودية.
وهذا بعد الاتفاق مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني على حشد 300 ألف من جنود الجيش الأردني بكامل تسليحهم وعتادهم وآلياتهم على طول الحدود مع الضفة الغربية (راجع زيارة الملك الأردني المفاجئة بالأمس للقاهرة) لتأكيد أن الأمر في منتهى الخطورة والجدية وليس مجرد تهديد أو تلويح باستخدام القوة وكفى.
وكل هذه المساعي من أجل إجهاض المخطط الأصلي والذي بيقضي بإزاحة سكان القطاع وإجبارهم بالقوة وتحت ضغط الجوع والعطش وانقطاع كل سبل الحياة على اجتياح الحدود المصرية الفلسطينية.
، وهذا يا سادة سر مقولة الرئيس اليوم بأن التهجير «خـط أحـمــر» لن تقبل به مصر ولن تسمح به تحت أي ظرف من الظروف .
وبذلك نجح المفاوض المصري في تمرير شروطه و تم فرض الإرادة المصرية على جميع الأطراف وتحيا مصر وتحيا القيادة الحكيمة وتحيا فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية عاشت مصر حره وكلمتها على جميع دول العالم.