نعمة الحياة الزوجية
كتبت: فاطمة عبد العزيز محمد
إن الزواج أمر غريزي، يحتاج المرء إليه كحاجته للطعام والشراب، وقد جبلت النفوس السوية على التفكير فيه، والطمع في تحقيقه، والزواج من أمور الخير التي ينبغي المبادرة إليها، ففيه كثير من المصالح العظيمة، ومن ذلك إعفاف النفس عن الوقوع في الحرام، حيث ان الزواج ضرورة إنسانية.
والزواج نعمة جديرة بالشكر لله و الثناء عليه، و ما أبلغ قوله تعالى ممتنا على عباده : “و من آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها و جعل بينكم مودة و رحمة، إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون”، و المودة والرحمة أساس هذه الحياة الزوجية.
والدين الإسلامي يريد من المرأة في الزواج أن تكون للرجل زوجة تعفه و تحصنه، و تدير شؤونه في إخلاص و وفاء، و تكون له رداء في الشدائد، و عونا في الملمات و النائبات، و أما لأولاده تحسن تربيتهم و تعدهم للدين جنودا مخلصين و للوطن أبناء عاملين، و من الرجل أن يكون للمرأة زوجا يعفها و يحصنها و يقوم بنفقتها و يؤدي حقوقها، و أن يكونا معا نفسا واحدة ذات صورتين رجل و امرأة، وما أبلغ قوله تعالى يمثل لنا صورة هذا الاتحاد و الامتزاج بين الزوجين : “هن لباس لكم و أنتم لباس لهن”، فقد شبهت الآية الكريمة كلا من الزوجين باللباس لأن كلا منهما يستر الآخر، فحاجة كل منهما إلى صاحبه كحاجته إلى اللباس، فإن يكن الملبس لستر معايب الجسم و لحفظه من عاديات الأذى، و للتجمل و الزينة، فكل من الزوجين لصاحبه كذلك يحفظ عليه شرفه و يصون عرضه، و يوفر له راحته و صحته، فالرجل يفضي إلى المرأة بخوالج نفسه، وهي كذلك تبادله ذلك الإحساس، وكل منهما يرى من الآخر أدق مواضيع البدن و يطلع على دخائل صاحبه و طواياه.
والزواج واجب اجتماعي للمحافظة على بقاء النوع الإنساني و صيانته من الفساد الخلقي، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : “من رغب عن سنتي فليس مني”، فالزواج سنة النبيئين و المرسلين إذ كان لهم زوجات و ذريات طيبة، وما ينبغي للإنسان أبدا أن يعزف عن الزواج، فسنة الحياة أن لا تكون وحيد، وان يكون لك شريك تحكي له همك ويشاركك حزنك، وان يكون لك أبناء يراعوك حين تكبر ويكونون ونس لك وسند.
وفي الحديث : “أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال لعاكف بن وداعة الهلالي : ألك زوجة يا عكاف ؟ قال : لا، و لا جارية : قال : و أنت صحيح موسر، قال : نعم و الحمد لله، قال : فأنت إذن من إخوان الشياطين، أما أن تكون من رهبان النصارى فأنت منهم، و أما أن تكون منا فاصنع كما نصنع، و إن من سنتنا النكاح شراركم عزابكم، و أراذل موتاكم عزابكم، ويحك يا عكاف تزوج، قال : فقال عكاف لا أتزوج حتى تزوجني من شئت، قال، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : فقد على اسم الله و البركة كريمة بنت كلثوم الحميري”، و بهذا يتبين أنه لا رهبانية في الإسلام، وفي الإعراض عن سنة الزواج التي شرعها الله لعباده قتلا لروح العفاف، و حرمانا للأمة من النسل الصالح.