فاز أردوغان والخاسرون الوحيدون في هذه الإنتخابات أصحاب المؤامرات
نبيل أبوالياسين يكتب:
إن الشعوب عندما تتحرر إجتماعياً تصبح واعية، وأكثر جرأة على المطالبة بالتحرر السياسي أيضاً.
لذا فإن نتائج الدورة الأولىّ من الإنتخابات التركية أثبتت أن هذا المسلم المتدين المنادي بالقيم العائلية، لا يزال بطل الأغلبية المحافظة التي طالما إزدرتها النخبة المدنية والعلمانية.
وهذا ما قالتةُ “الصحف الغربية”، وفي الدورة الثانية”الإعادة” فأصبحت الإنتخابات في تركية تحظىّ بإهتمام عالمي بالغ وغير مسبوق، لأن كانت نتائجها ستؤثر بشكل كبير على المحيط الأقليمي والعالمي في نفس الوقت، وفاز أردوغان والخاسرون الوحيدون في هذه الإنتخابات أصحاب المؤامرات والمنظمات الإرهــابية.
وقد أعلنها الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان”مساء أمس الأحد، فوزه في جولة الإعادة لإنتخابات الرئاسة التركية، وذلك أمام حشد من أنصاره في ولاية إسطنبول.
عبر “أردوغان” عن شكره للمواطنين الأتراك وكوادر حزب العدالة والتنمية لدورهم في تحقيق نسب عالية في الإنتخابات، وقال؛ إن فوزه بالإنتخابات تكريس للديمقراطية، وأن المسيرة قد بدأت وسنستمر فيها، أن شعبنا جعلنا نعيش عيد الديمقراطية، وأكد؛ للشعب التركي أنه سيكون على قدر الثقة التي منحوها له.
ومن على سطح حافلة متوقفة أمام مقر إقامتهُ في إسطنبول، ووسط حشد كبير من أنصاره، قال؛ إن عاهدت إلينا أمتنا مسؤولية حكم البلاد لـ5 سنوات مقبلة، وسنفي بكل الوعود التي قطعناها للشعب، وأن كل عملية إنتخابية هي نهضة للوطن.
وأظهرت هذه الإنتخابات أن لا أحد يستطيع أن يهاجم مكتسبات هذه الأمة مهما بلغ، وإنه يعتقد أن حزب الشعب الجمهوري سيحاسب منافسه “كمال كليجدار أوغلو” على خسارة هذه الإنتخابات، وقد حصل”أردوغان” على 52.11% من الأصوات، في حين نال كليجدار أوغلو 45.89%، بنسبة فرز بلغت 98.64% وفق وكالة الأناضول التركية.
وأحدث”أردوغان” تحولاً عميقاً وغير مسبوق في تركيا من خلال مشاريع البنى التحتية الضخمة التي تضمنت بناء طرق سريعة ومطارات ومساجد، وسياسة خارجية منفتحة على شرق آسيا ووسطها، على حساب حلفاء أنقرة الغربيين التقليديين الذين حاول التقرب منهم إثر وصوله إلى السلطة، ورغم النفور الغربي الغير مبرر تجاهه، فإن الحرب في أوكرانيا سمحت له بالعودة إلى صدارة المشهد الدبلوماسي، وهذا بفضل جهود الوساطة التي قام بها بين روسيا وأوكرانيا، فضلاًعن؛ تعطيله منذ أكثر من عام دخول السويد إلى حلف شمال الأطلسي.
وتوسعت الفجوة بينه وبين معارضي “أردوغان”الذين أتهموه بنزعة إستبدادية، لا سيما بعد المحاولة الإنقلابية الفاشلة التي وقعت في يوليو من عام 2016، وبعدالتعديلات الدستورية عام 2017 التي زعموا أنها وسعت صلاحياته، ودائماً ما يصور “أردوغان” في الغالب من الغرب على أنه سلطان متمسك بالعرش، لكن نرىّ الرجل الذي يحن إلى الإمبراطورية العثمانية، والذي شيّد قصراً يضم أكثر من الف غرفة في أنقرة، ويواصل تقديم نفسه بوصفه رجلاً من الشعب في مواجهة “النخب”، وحبه لوطنة ولشعبة كان سبب بفوزه في كل الإنتخابات منذ تولىّ حزبهُ العدالة والتنمية السلطة في عام 2002.
وبرغم تعرضة إلى هزات سياسية، وخاصةً عندما حرمتهُ المعارضة ف عام 2015 من غالبيتةُ البرلمانية، ثم من رئاسة بلديتي “أنقرة وإسطنبول” في عام 2019، وبرغم ماقيل عنه من تباطؤ حركته في بعض الأحيان، فلا يزال “أردوغان” قادراً على عقد عدة إجتماعات في يوم واحد، ويستعرض قدراتهُ الخطابية مستشهداً بقصائد قومية وآيات قرآنية مما يثير الحشود، ونرىّ هذا من دوعي الحنكة السياسية التي يتمتع بها “أردوغان”الذي كان يتطلع إلى إحتراف رياضة كرة القدم، والتي مارسها فترة قصيرة، قبل الإنتقال إلى العمل السياسي.
وتعلم الرئيس “أردوغان” الذي فاز بولاية جديدة أصول اللعبة السياسية داخل التيار الإسلامي الذي كان يقوده نجم الدين ًأربكان، ثم دُفع إلى الواجهة مع إنتخابه رئيساً لبلدية إسطنبول في عام 1994، وفي عام 1998، تم الحكم عليه بالسجن مع النفاذ بعدما أنشد قصيدة دينية في حادث أسهم في تعزيز موقعه، وسنحت له الفرصة برد الصاع صاعين عند فوز حزب العدالة والتنمية، الذي شارك في تأسيسه، في إنتخابات عام 2002، وفي السنة التالية أصبح رئيساً للحكومة وبقي في هذا المنصب حتى 2014 عندما أصبح أول رئيس تركي ينتخب بالإقتراع العام المباشر.
وبعد عقدين في السلطة، بدا “أردوغان”الرئيس المنتهية ولايته مهدداً بتداعيات الأزمة الإقتصادية وزعم أنه يقوم بإستئثار السلطة، ولكن “أردوغان” تصدّر نتائج الدورة الأولىّ لثالث إنتخابات رئاسية يخوضها خلافا لكل التوقعات.
وهذا ما بدأت به بعض الصحف الغربية تقاريرها عن “أردوغان” قبل أسبوع من جولة الإعادة للإنتخابات الرئاسية في تركيا، التي يخوضها بعد أن تصدر الجولة الأولىّ أمام منافسه “كمال كليجدار أوغلو”.
ومن الملفت والغريب جداً، أن العديد من الصحف، وكالات الأنباء الغربية ركزت قبل الإنتخابات بشكل غير مسبوق، ولم نشاهدها في أي إنتخابات في العالم على الإنتقادات الموجهة لـ”أردوغان”، ورأت أن فرصة منافسة الرئيسي “أوغلو” الأكبر، لكنها عادت بعد الجولة الأولىُ لتركز على شعبية “أردوغان” وتزايد فرصه في حسم السباق خلال جولة الإعادة، ومضت الصحف الغربية، في تقريرها قائلة؛ إنه في أنقرة ومن على شرفة مقر حزبه العدالة والتنمية أمام حشد من المناصرين المتحمسين مساء يوم الدورة الأولىّ من الإنتخابات أعطى الرئيس “أردوغان”إشارة واضحة لبلاده وأشاروا إلى أنها “رسالة استقرار”.
وأُشير: في مقالي هذا إلى مقالي السابق في 14مايو 2023، والذي حمل عنوان «أغلفة المجلات والصحف الغربية بين معركة الإنتخابات التركية والوضع الباكستاني»، وذكرت فيه وضع الغرب مع الإنتخابات التركية، وقلت؛ حينها أنه ، ولأول مرة منذ سقوط الخلافة الاسلامية، قبل مائة عام يتعامل الغرب مع الإنتخابات التركية على أنها معركة بين الإسلام والغرب، وهذا واضح للجميع، ومن خلال مراقبتنا ومتابعتنا للحملة الإعلامية والسياسية الغربية الموجهة ضد الرئيس التركي ”أردوغان”، وجدنا أنها محاولة إنقلاب ناعمة كاملة الأركان يشارك فيها أذرعة من الداخل التركي الموالي للغرب بشكل مكشوف!، و”أردوغان” يبدي إستعداده لتسليم السلطة سلمياً في حال خسارة الإنتخابات وتقبل النتيجة أيا كانت، وفق ماقال.
وأكدت: فيه أن معركة الإنتخابات التركية بين”أردوغان” وبين الغرب الذي إحتشد بشكل ملفت وغير مسبوق خلف مرشح المعارضة، وأهمية هذه الإنتخابات بالنسبة لهم نراها ويراها جميع المراقبين والمتابعين عن كثب بشكل جلي في كم التصريحات للدول الأجنبية على الصحف، وأغلفة المجلات الغربية فالمعركة التي نراها اليوم ويراها الجميع في تركيا ليست مجرد إنتخابات، ولكن بكل صراحة وبدون تحفظ هي معركة بين الصليب الغربي و والهلال الإسلامي.
كما أشير؛ إلى مقالي في 24 مايو 2023، «أردوغان بين الفوز المحتمل وتأهب الآخرين لخسارتة»، ولفت: فيه إلى أن
العالم أجمع يترقب الإنتخابات الرئاسية التركية في مرحلتها الثانية” الإعادة”، وإعلان المرشح الخاسر في الإنتخابات “سنان أوغان”، عن دعمه للرئيس المنتهية ولايته “رجب طيب أردوغان” في الجولة الثانية للإنتخابات الرئاسية يعُد إنتصاراً للديمقراطية التي لا يرغبها الغرب، فدائماً يتشدقون بها مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِمْ، وما تخفية صدورهم عكس ذلك، وقلتها مراراً وتكراراً أنهم يتحدثون عن الديمقراطية وحقوق الإنسان وهم«جذور الإستبداد» وأصبح شعوب العالم العربي والإسلامي تنأىّ عن أسلوب حديثهم المبتذل.
وإنتقدت؛ فيه هجوم الحكومات الغربية، وبعض وسائل الإعلام على الإنتخابات التركية، وأكدت أن الديكتاتور الذي زعمة الغرب في هجومهم على “أردوغان” لا يُذهبه لإنتخابات الإعادة ووصفت حينها هذا الهجوم بالمخطط الغربي على تركيا وعلى كافة الدول العربية والإسلامية، ولاسيما المتقدمة منهم ديمقراطياً وأمنياً وعسكرياً وإقتصادياً، وها قد نرىّ المواطنون الأتراك بدأ منهم المقيمون في الخارج الإدلاء بأصواتهم يوم السبت الماضي، في جولة الإعادة لإنتخابات شهد لها العالم بإستثنى الحاقدين على الإسلام والمسلمين للديمقراطية والإستقرار والتقدم في بلادهم، بنزاهة الإنتخابات ووعي الشعب التركي في إختيار رئيسهم لإستكمال مسيرة التنمية والتقدم بطريقة حره وديمقراطية.
وختمت مقالي آنذاك؛ بأنة قد سعىّ الغرب مجتمعين بمحاولة إزاحة الرئيس التركي”أردوغان” وفشلوا فشلاً ذريعاً، وستتحول المعركة بفوز “أردوغان” في الإعادة، وسيكون بطل قومي أيضاً ويستمر في مسيرتةُ التنموية للبلاد، ويتجسد هذا في الوطنية والديمقراطية التي يتمتع بها “أردوغان”، الذي قال؛ قبل إجراء الإنتخابات التركية، إني أبدي إستعدادي لتسليم السلطة سلمياً في حال خسارة الإنتخابات وتقبل النتيجة أيا كانت.
وختاماً: فقد شاهدنا وشاهد الجميع عندما يكون الشعب واعي فلا يمكن أن ينساق وراء إدعاءات مضللة ومغرضة، تريد النيل من أمم وإستقرار البلاد، وهذا ما أبدع فية الشعب التركي الذي كان ظهيراً وداعماً للعيد الديمقراطي الذي شاهده العالم بأسرة، وأن
لا السجن، ولا المظاهرات الحاشدة، ولا حتى المحاولة الإنقلابية الفاشلة في عام 2016 نجحت في وقف صعود الريّس “أردوغان”كما يحلو لمؤيديه تسميته، لكنه هذه العام واجه إنتقادات شديدة بسبب وضع الإقتصاد التركي وغضب الناجين من زلزال 6 فبراير في العام الماضي المدمر، والذي تزعم بعض الصحف الغربية بأنهم تُركوا لمواجهة مصيرهم في الأيام الأولىّ التي تلت الكارثة،
ويبقى”أردوغان” في نظر أنصاره وكثير من الشعوب العربية والإسلامية، الرجل الوحيد القادر على “التصدي” بكل قوة وحسم للغرب وقيادة السفينة عبر الأزمات الإقليمية والدولية.