الشعب السوداني ضحية حكامهم المتصارعين علي السلطة
بقلم : يوحنا عزمي
من يقرأ او يستمع إلي البيانات التي تصدر تباعا عن الجناحين العسكريين المتصارعين علي السلطة في السودان ، وما تحمله
من زهو حول قدرة كل منهما علي إلحاق الهزيمة بالطرف الآخر وتحميله بخسائر عسكرية فادحة سوف ترغمه علي القاء سلاحه والاستسلام ، من يتابع تلك البيانات العسكرية يتصور أنهما يحاربان إسرائيل التي تسحق بقوتها الغاشمة شعبا عربيا يرزح تحت نير الإحتلال الصهيوني لاراضيه ، او يحاربان إثيوبيا التي اقامت داخل أراضيهم سد الخراب المشئوم للتحكم في احد اهم شرايين حياة السودان ، وليس استخدام اسلحتهما لتدمير جيشهما الذي كان يمكن ان يكون الحامي والدرع الواقي لأمن السودان القومي والضامن لسلامة ووحدة أراضيه.
هذه الأسلحة التي يوجهها حميدتي والبرهان في الإتجاه الخاطئ وضد ما كان يجب ان تستخدم فيه ، هي الأسلحة التي اقتطع السودانيون ثمنها من لحمهم الحي كما يقال ، والتي من اجلها
جاعوا وتعذبوا وتحملوا ، حتي جاء الوقت ليروها وهي تحول حياتهم إلي جحيم ، ولتدمر لهم كل معالم حياتهم وتحيلها إلي خرائب واطلال ، ولتفتح حدود السودان أمام جحافل الشر والتطرف والإرهاب لتدخل إليه وتفعل فيه مثلما فعلت في غيره وربما اكثر منه ..
وليهرب السودانيون خارج بلادهم في موجة نزوح جماعي غير مسبوقة التماسا للنجاة وبحثا عن ملاذات آمنة في العديد من دول الجوار تاركين كل شيئ وراءهم ينعي ما صارت إليه احوالهم من بؤس وعذاب وتشرد وضياع بفعل ما اوصلهم حكامهم إليه ..
حكامهم الذين بدلا من ان يخجلوا من انفسهم لما فعلوه بشعبهم
ما زالوا يكابرون ويخادعون ويراوغون باعلانهم بلا حياء أنهم مع الديموقراطية ومع عودة الحكم المدني إلي السودان ومع حق الشعب السوداني في اختيار من ينوبون عنه في تمثيله في اجهزة الحكم ومؤسساته ، الخ. هذه الاسطوانة المشروخة من الشعارات التي لم تعد تجد من يعيرها اهتماما او يلتفت إليها وسط هذا الكرب العظيم من الفرار والهروب والنزوح والهرولة خارج الحدود بعد ان ضاع الوطن وتفرقت بالسودانيين السبل وتشتت شملهم وضاع منهم مستقبلهم ، واصبحت الديموقراطية واحاديث الديموقراطية وعودة السلطة إلي الشعب ، ترفا لا يقدر عليه الا المتاجرون بالشعارات ممن يعيشون مع انفسهم في عالم آخر غير العالم الذي تعيش فيه كل هذه الملايين المنكوبة والضائعة من السودانيين.