حقاً إنه لشيء محزن!
بقلم: عمر الشريف
حقاً إنه لشيء محزن!
منذ أيام حدث ما أحزنني وما أغاظني وأرعبني، كنت أقود سيارة والدي في شارع مزدحم منتهى الازدحام، ميكروباصات وتكاتك وباعة يفترشون الأرض وفكهانية وعربات سندوتشات، ومارة يملأون كل ماتبقى من فراغ، وكنت أقود ببطء وحرص شديد.
فجأة وجدت من يخبّط بعنف على مقدمة السيارة، ويصيح وينظر لي بغيظ وكراهية غير عادية، لا أدري ماذا حدث، لكني في أقصى الأحوال قد أكون قد لمسته بالسيارة، ثم اقترب من جانبي واستمر في الصياح: “أبهاتكم جايبنلكم عربيات علشان تدوسوا على خلق الله، حرام عليكم كفاية افترا بقى، مش عارفين نعيش، أنا عندي سكر وضغط، والمعاش مش بيكفيني لأخر الشهر، انتو ايه، حرام عليكم حرام” ثم ارتمى على الأرض و أخذ يبكي، طبعاّ تجمع الناس الذين يملأون المكان أصلًا وازداد الضجيج.
نزلت من السيارة، كان عجوزاً مهلهل الملابس، على وجهه أخاديد من البؤس، يبكى و ينتفض… طيبت خاطره وعرضت عليه أن أوصله بالسيارة، والتعليقات تحيط بنا من كل جانب، فقام الرجل مهزوماً وانصرف دون أن يلتفت لأحد.
تخيلت لو أن الرجل قد أصابته غيبوبة سكر، أو أنه لسبب ما بدأت موجة من الإدانة لي وسط عشرات المتجمهرين حولي.
هذا الرجل لم يرى في إلا من أصحاب السيارات وهو الهالك بين المواصلات، ولم يرى في إلا الشاب ابن البيه الذي يبدو من مظهره أنه ينتمى لمستوى مادي يعتبره هو الثراء والرفاهية.