زاكي الدين احمد حسين
بقلم : د. سمير المصري
زاكي الدين احمد حسين
في ﻣﻨﺘﺼﻒ ﺍﻟﺴﺒﻌﻴﻨﻴﺎﺕ أمسكت اﻣﺮﺃﺓ يابانية في مدينة اﻟﺨﺮﻃﻮﻡ بطنها ﻭهي ﺗصرخ من الالم .
ﻫﺬﻩ الصرخة انجبت ﻣﺴﺘﺸﻔﻰ { ﺍﺑﻦ ﺳﻴﻨﺎ } ﺃﻋﻈﻢ ﻣﺴﺘﺸﻔيات ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ .
هذه ﺍﻟﻴﺎﺑﺎﻧﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺯﻭﺟﺔ ﺳﻔﻴﺮ ﺍﻟﻴﺎﺑﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ ، ﻭﻛﺎﻧﺖ في الوقت نفسه ﺍﺑﻨﺔ ﺍﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭ ﺍﻟﻴﺎﺑﺎﻥ .
ومع استمرار صراخها استنجد ﺯﻭﺟﻬﺎ ﺍﻟﺴﻔﻴﺮ ﺑﺎﻟﺨﺎﺭﺟﻴﺔ السودانية، ﻭوجهته ﺍﻟﺨﺎﺭﺟﻴﺔ ﺍﻟﻰ ﻣﺴﺘﺸﻔﻰ ” ﺑﺤﺮﻱ ”، لكن الرﺟﻞ انطلق ﺑﺰﻭﺟﺘﻪ ﺇﻟﻰ أقرب ﻤﺴﺘﺸﻔﻰ لأسعافها ،
وﻫﻨﺎﻙ وجد ﺍﻟجدران ﺍﻟﻤﻐﻄﺎﺓ ﺑﺎﻟﻘﺎﺫﻭﺭﺍﺕ ، ﻭﺍﻻﺭﺽ ﺍﻟﻤﺒﻘﻮﺭﺓ ، ﻭﺍﻟﺮﺍﺋﺤﺔ ﺍﻟﻘﺎﺗﻠﺔ الملحوظة، والنفاذة الغير طبيعية .
ماذا يفعل الزوج السفير مع زوجته … ابنة الإمبراطور ؟
الزوج السفير ﺍﻟﻤﻔﺰﻭﻉ طلب ﻣﻦ ﺍﻟﻄﺒﻴﺐ ﺃﻥ ﻳﺘﻜﺮﻡ ﺑﻤﺎ ﻳﻜﻔﻲ ” ﻟﺘﺴﻜﻴﻦ ” ﺃﻟﻢ زوجته ابنة الإمبراطور ﺣﺘﻰ ﺗﺼﻞ ﺍﻟﻰ ﻣﺴﺘﺸﻔﻰ ﺧﺎﺭﺝ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ .
لكن ﺍﻟﻄﺒﻴﺐ ”ﺯﺍﻛﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺃﺣﻤﺪ ﺣﺴﻴﻦ” ماذا فعل ؟
لقد نظر ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻔﻴﺮ ﻭقال له ﺑﻬﺪﻭﺀ ” ﻣﻌﺬﺭﺓ ، ﻟﻜﻦ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﻫﺬﻩ ﺑﻘﻲ ﻟﻬﺎ ﺳﺎﻋﺘﺎﻥ ﻟﻠﺠﺮﺍﺣﺔ .. ﺍﻭ ﺍﻟﻤﻮﺕ ” .
ﺍﻟﻔﺰﻉ ﻭﺍﻟﻴﺄﺱ ﻫﻤﺎ ﻣﺎ جعلا ﺍﻟﺴﻔﻴﺮ ﻳﺴﺄﻝ ﺯﻭﺟﺘﻪ ﻋﻤﺎ ﺗﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﺗﻔﻌﻞ ، فكانت اجابتها المؤكدة القاطعة ” ﻧﻌﻢ .. ﺍﺧﻀﻊ ﻟﻠﺠﺮﺍﺣﺔ .. ﻫﻨﺎ الان ” .
أجرى الدكتور اﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ” ﺯﺍﻛﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ” ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺠﺮﺍﺣﻴﺔ بالادوات البسيطة . ﻭبقي ﺍﻟﺴﻔﻴﺮ ﻳﻨﺘﻈﺮ في الخارح ويهيء نفسه لسماع ﻧﺒﺄ ﺍﻟﻮﻓﺎﺓ ….
فجأة …. باب غرفة العمليات فتح ، وخرجت ﺍﻟﻤمرضة لتقول له أن زوجته بخير..
طار ﺍﻟﺴﻔﻴﺮ بزوجته ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻴﺎﺑﺎﻥ ، ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻤﻄﺎﺭ ﺇﻟﻰ ﺃﺿﺨﻢ ﻣﺴﺘﺸﻔﻰ .. ﻓﻬﻲ ﺍﺑﻨﺔ ﺍﻻﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭ ، ﻭﻫﻨﺎﻙ أخضعوها للفحص الدقيق ، ﺑﻌﺪ ﺳﺎﻋﺘﻴﻦ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﺍﻷﻃﺒﺎﺀ ﺗسأﻝ السفير
ﺃﻳﻦ ﺃﺟﺮﻳﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ، ﻭﻣﻦ ﻗﺎﻡ ﺑﻬﺎ ؟
ﻗﺎﻝ السفير ﻓﻲ ﺑﻠﺪ بأفريقيا ﺍﺳﻤﻪ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ .. ﻭﻃﺒﻴﺐ ﺍﺳﻤﻪ ﺯﺍﻛﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ .. ﻣﺎﺫﺍ ﻫﻨﺎﻙ .. ؟
ﻗﺎﻟﻮﺍ : ﻫﺬﺍ ﻃﺒﻴﺐ ﻣﻌﺠﺰﺓ .. ﻭﻟﻦ يحول شيء ﺩﻭﻥ ﺩﻋﻮتنا لهذا ﺍﻟﻄﺒﻴﺐ .
ﻟﻜﻦ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﻟﻠﺒﺮﻭﻓﻴﺴﻮﺭ ” ﺯﺍﻛﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ” أتت ﻣﻦ اﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭ اليابان نفسه. ﻭﻫﻨﺎﻙ سألوه ﻣﺎﺫﺍ ﺗﺘﻤﻨﻰ ؟ ﺃﻃﻠﺐ ﺃﻱ ﺷﻲﺀ ..
العجيب في الأمر لم يطلب شي لنفسه !! بل ﻗﺎﻝ ﺍﻃﻠﺐ ﻣﺴﺘﺸﻔﻰ ﻟﻠﺴﻮﺩﺍﻥ ، ﻣﺴﺘﺸﻔﻰ ﺣﺪﻳﺚ .
فكان ﻣﺴﺘﺸﻔﻰ” ﺍﺑﻦ ﺳﻴﻨﺎ ” ﺑﻤﻌﺪﺍت ﺣﺪﻳﺜﺔ ﺟﺪﺍً .. ﻭالتي ﺗﺠﺪﺩ ﻛﻞ ﻋﺎﻡ .
توفي هذا الجراح القدير ..{ د زاكي الدين احمد حسين } يرحمه الله.
توفي دون أن يدري أحد به ، لا موكب مهيب ، ولا وداع يليق ، فعلا أنه عالم جليل محب لبلده ، منكر لذاته .
فكيف نسمع عن رحيله ؟
هذا الرجل الانساني العظيم الذي لم يفكر في مصلحته الشخصيه ، كان اكبر من كيانه الخاص ، لقد كان كبيرا بقدر مساحة وطنه ، وامانته الطبية
اخلص في العمل ، إن الهزائم دائماً داخلية والانتصارات أيضاً داخلية .. الداخل على المستوى الشخصي ، وعلى مستوى الأسرة ، وعلى مستوى الأمة ،
هو المحك ، وهو الميزان ، وكل كلام غير هذا الكلام مخالف لمنطق العقل والدين ،
العمل دون الإخلاص مثل المسافر الذي يملأ جرابه بالرمل، فلا يأخذ منه إلا الوزن الثقيل ، ولا ينتفع به خلال سفره.
الخلاصة
الفكرة تنجح عندما يقويها الإيمان ، والعمل ينجح عندما يقويه الإخلاص ، ويزداد حماس الشخص كلما أخلص لله -عز وجل .
الإنسان الناجح هو الذي يجمع بين الإخلاص في عمله والتواضع ، والإخلاص يكون في أمور الدين والدنيا.
ليس العاطل هو من لا يؤدي العمل ، بل العاطل هو من يستطيع تقديم الأفضل ولكنه يرفض .
و العمل الذي لا يحتوي على الإخلاص لا يثمر بالنجاح ، فلا شيء أفضل من الإخلاص في العمل،
ليس هناك شيء أفضل من إخلاص إلى تقوى ، ومن حلم إلى علم ، ومن صدق إلى عمل ، فهي زينة الأخلاق ومنبت الفضائل . فالحب بلا إخلاص بناء بلا أساس ،
دمتم بخير وأمان الله تعالى وحفظه ورعايته ، مخلصين للوطن ، والعمل ، لله تعالي .