رسالة إلى صديقي
بقلم/ مريم صبري
كلما اقترب ديسمبر، زاد اضطرابها..لم يعد ديسمبر كما كان في الماضي. فمذ علم بأمانيها، بات يمارس سحره الخاص عليها؛ ليجعلها تنتظر عام بعد عام..فعلي مدار الأربع سنوات الماضية، لم يكن ديسمبر بالحنون، بل لم يعد الوقت الآمن لها من العام. بدأت تدرك أحلامها في ذاك الشهر، ثم بدأت تكتُب عنها حتي انها كانت علي يقين تام بأنه سيهاديها تلك النجمة التي تمنحها يوماً ما..و لكن كان لديسمبر رأياً آخر.. أعجبه اضطرابها، و يمكننا أن نجزم بأنه وقع في غرام إيمانها به، ثم ألقي بها بعيداً حيثُ الضجيج و لوم البشر..لم يؤمن به أحدا مثلما آمنت به؛ حتي أنها شبهته بتلك النجمة الساطعة بالسماء؛ تلك التي تظهر لحظات و تختفي شهور، و يبقي العاشق منتظراً في شرفته كل ليلة في انتظارها لتظهر مجدداً..لا يعرف الموعد، و لكن بداخله شعور بأنها ستزوره مجدداً تلك المرة، خرجت من عُزلتها و ذهبت الي البحر؛ ذلك الصديق الكتوم الذي يسخط لغضبها و آلامها..و لكنها ذهبت وحيدة دون أغنيات أو ألحان. لم تعد لديها من الطاقة ما يكفي للرقص أو الغناء ربما مازالت تريد أن تكتب له من القصائد ما تطيب له النفس، و لكنها لأول مرة علي يقين تام بأنها لن تصل إليه ابدا.. لطالما تمنت ملحمة حقيقة، حب صادق و نقي، تتصارع من أجله القلوب ليحيا معا الي الأبد، و لكنها اليوم تصارع وحدها، بل تصارع نفسها كي تصمد لمواجهة ما فُرض عليها..و من الطريف حقا أنها مازالت تهوي ديسمبر..و لكنها لم تعد تنتظره! فمن يريد ديسمبر آخر من الجفاء و القسوة؟ من يريد ديسمبر آخر بلا أمنيات؟ من يقبل بالهزيمة مجدداً؟ هي ستقبل.. ربما تقبل..و ربما لا.. ربما ستنتظر..و ربما ستثوم بالهرب! و ربما ترسل له رسالة أخري..ربما الأخيرة؛
رسالة أخري لن تتلقي رداً عليها.. “يا من سكن روحي دون سابق انذار، و وهب لي من الأحلام و الامنيات ما يساوي نجوم السماء كافة.. تحية طيبة، اعتذر عن عدم ارسالي باقة من الورود اليوم..فذبلت حديقتي حتي أنني لا املك سوي الأشواك..و لأني أحبك كثيراً، و اشتاق اليك جداً، اخاف عليك من أن تؤذيك للثأر لي.. و أعتذر كثيراً عن عدم عتابك اليوم..فقد أنهكني الانتظار كثيراً و أشعر بأن كلماتي لا قيمة لها أمام ما اشعر به.. و لكني لن أكف عن التغزل بك..فمهما طال الصمت بيننا، و مهما بعدت المسافات، ستظل ساكن ثنايا الروح وحدك..ستظل نجمة بعيدة المنال، بل ملاكاً لن يراه غيري ابداً.. مازال طيفك يزورني كل ليلة..و مازلت أبتسم لك رغم حزني الشديد..فربما هذا انعكاس حبي اليك؛ فعلي الرغم من سخطك علي الدائم و اشعالك للنيران من حولي، و علي الرغم مما تتسبب به دائما من الآلام، وهبت لك قلباً يمكنه احتواء أكثر من ذلك.. أحياناً أشعر و كأنك محتل؛ تسللت الي قلبي بهدوء شديد، ثم ملكته، ثم أعلنت قسوتك عليّ و كأنك تثأر لما فعلته الايام بك و أنا التي صمدت أمام كل هذا لإيماني بك..فقد رأيت ضوءا خافتاً يخرج منك ذات مرة، ثم أقسمت الا اتخلي عنه ابدا.. لم أكن يوماً بلا حيلة.. و لكنني اليوم تملكني الخوف من فقدانك الي الأبد.. ربما احتاج الي ما يعيد الامل إليّ من جديد..ربما احتاج ألا يأتي ديسمبر أبدا.. دُمت طيباً…