«رامي علم الدين » يكتب..
أتابع بإهتمام حالة الجدل الكبير الذي أعقب الإعلان عن تسمية «محطة مترو الزمالك » بإسم الإعلامية المرحومة صفاء حجازي، حيث تداول نشطاء مواقع التواصل الإجتماعي العديد من التساؤلات حول السبب الرئيسي، حتى أن حادثة هبوط أرض «عمارة الشربتلي» بالزمالك وإخلاء السكان لم تأخذ نفس الحيز والإهتمام الإعلامي في الشارع، بين حالة من الإستغراب لهذا القرار وأسبابه .
البعض ذهب إلى أن السيدة«صفاء حجازي» ورغم أنها إعلامية مجتهدة ومتميزة، فرضت مهنية نادرة رغم أنها بنت كلية التجارة، دقهلية النشأة ، إلا أنها لا تأتي في ترتيب القمة بين أروقة ماسبيرو، رغم من أطلقوا عليها«المرأة الحديدية» وسط قائمة من كبار الإعلاميين وعظمائهم، وذهب الآخرين إلى طرح أسماء إعلامية كانت من وجهة نظرهم أنها الأجدر والأنسب بهذا التكريم، رغم أنها طيلة عشرين عامًا، قدمت برنامج بيت العرب على التلفزيون المصري، من تمويل جامعة الدول العربية، فيما قامت بإجراء حوارات مع ملوك وروؤساء الدول العربية، فضلًا عن تغطيتها أحداث القمم العربية ونشاط الجامعة العربية، ورئيسة إتحاد الإذاعة والتلفزيون المصري منذ أبريل 2016، لتكون أول سيدة تتولى هذا المنصب وثاني رئيس للإتحاد عقب ثوره 2013 في مصر، خلفًا لعصام الأمير الذي تمت إقالته من المنصب في نفس الشهر.
إطلاق اسم الإعلامية «صفاء حجازي» على محطة مترو الزمالك ، رغم وجود أسماء أكثر تستحق هذا التشريف والتكريم والتخليد، كالإذاعية والإعلامية العظيمة الراحلة «تماضر توفيق»، أول سيدة تترأس التلفزيون المصري، والإعلامية «سلوى حجازي»، والإذاعية العظيمة «آمال فهمي» وكثيرات غيرهن من الإعلاميات والإذاعيات الرائدات داخل أروقة ماسبيرو العريق، ويسبق هؤلاء جميعا أيضا عشرات الآلاف من الشهداء ومن نجوم مصر في الفكر والعلم والفن والرياضة بل والوظيفة الحكومية الرفيعة، وبعض هؤلاء كان يعيش في حي الزمالك، وبعضهم مازال حيا يرزق، في إتهام أننا مازلنا محكومين بالعواطف والأهواء الشخصية، وأننا مازلنا أبعد ما نكون عن الموضوعية وعن أبسط قواعد المنطق والعقل والإدراك لقضايا المجتمع واهتماماته وأولوياته.
تابعت الحوار، والرفض، والتلسين، والتنمر، والمعارضة، والسخرية، والغضب، والاستخفاف، ولم يعجبني للأسف كل ماقيل ، الكل ينحاز لرأيه وتعميه عبقريته المطلقة في التفسير والتحليل بمنطقه الخاص ، بمعزل عن الحقيقة، إن وجهة النظر التي دعت الدولة المصرية لتسمية «محطة صفاء حجازي»، لم يكن ذلك ، لأنها المرأة المصرية الأشهر التي تستحق التكريم فمصر عامرة ، إن مسلك الدولة المصرية منذ ثورة ٣٠ يونيو وتحرير مصر من الإحتلال الإخواني، اهتمت دون مجاملة ولا نفاق ولا سطحية ، بإطلاق الأسماء الوطنية وتكريمها وتعاملت مع الأمر بمنتهي الجدية ، وضعا في الإعتبار المغزي السياسي والإجتماعي من إختيار الأسماء التي يتم إطلاقها علي الأماكن والطرق والكباري والدفعات العسكرية و حاملات الطائرات والقواعد العسكرية والقمر الصناعي ، لا إسم يطلق عبثاً ولا نفاق ولا مجاملة ولا صدفة .
لم تكن مفاجأة مدوية بالنسبة لمتابعي المشهد عن قرب، ومن يغوصوا في كواليس «جمهورية السيسي» في ولايتها الثانية، وليس من العجب، تخصيص تكريم من الدولة المصرية بحضور رئيس الجمهورية اسم الإعلامية«صفاء حجازي» في
«مؤتمر الشباب الرابع»، حيث عرض المؤتمر فيلم تسجيلي وثائقي عن أهم إنجازاتها بماسبيرو ، وذكر الفيلم التسجيلي عن دورها في إذاعة بيان ٣ يوليو ٢٠١٣ ، في وقت كان ماسبيرو مختطف من الإخوان ويعج بالخلايا النائمة ، وفي وقت كان فيه إذاعة البيان بالتلفزيون المصري أملا ينتظره عموم المصريين وحدثاً عظيماً يؤكد نجاح ثورتهم ٣٠ يونيو، وأمراً يشكل شجاعة كبيرة، في ظل وجود وزير إعلام إخواني يدعي صلاح عبد المقصود، ورئيس إخواني بقصر الإتحادية، ومكتب الإرشاد في المقطم، ومعتصمين في ميدان رابعة يهتفون بأسم الشرعية، التي جاء بيان ٣ يوليو المذاع في التلفزيون المصري ضربة قاضياً لهم جميعاً ، ورسم طريق جديد لمصر العظمى المدنية ، فماذا لو لم تقدم«صفاء حجازي» على إذاعة بيان ٣ يوليو ٢٠١٣، «صفاء حجازي» أو كم عرفت في ماسبيرو «المرأة الحديدية»، «سيدة الإعلام الأولى» والتي اشتهر عنها حوارات الزعماء والرؤساء والملوك العرب «برنامج بيت العرب»، ونعتها الجامعة العربية ، أول إمرأة تتولى رئاسة إتحاد الإذاعة والتليفزيون المصري حتى وافتها المنية ٢٠١٧، رمز وقيمة عظيمة للحدث المحوري تظل فى تاريخنا الوطنى مبعث فخر واعتزاز، هى من أذاعت بيان عزل مرسي ٣/٧ ولم تخف من بطش الاخوان وتطوعت بشجاعة، باذاعة البيان كاملا وعندما دخل عليها مدير أمن ماسبيرو يرتجف يطالبها بوقف البث وقعت علي إقرار بمسئوليتها الكاملة منفردة عن إذاعة البيان واستمرت في البث المباشر برغم هروب المحيطين بها خوفاً من فشل الثورة وبطش أعوان الإخوان، فاذيع بيان القوات المسلحة المصرية بيان ٣ يوليو ٢٠١٣ بصوت وزير الدفاع وحضور الرموز والشخصيات الوطنية والمصرية معلنا إنتصار ثورة ٣٠ يونيو ومحددا خارطة المستقبل للوطن من شاشة تلفزيون الشعب المصري للمصريين والعالم كله.
بطولات لانعرف عنها شيء لأبطال تصرفوا بشجاعة وقوة لصالح الوطن والشعب في اوقات صعبه دون خوف او تردد ، قد يراها البعض الآن لم تفعل شيء أو كانت تمارس عملها او يراها مجرد امر بسيط صغير لايستحق ذكر ولا تكريم و…..
لكن مصرنا في ولايتها الثانية اختارت أن تكرم الإسم وصاحبته ، بإطلاق الإسم علي محطة المترو بعدما كرمت في مؤتمر الشباب الرابع ، تقديراً للشجاعة والبطولة والقوة في لحظه صعبة لصالح الشعب والوطن ، وهو اختيار احترمه واقدره، ولا أخفي سراً أنه أسعدني كثيراً.. تكريم صادف أهله.
قصة الإعلامية«صفاء حجازي» رغم بساطتها ، إلا أنها عميقة الدلالة، وتعكس مدى إهتمام جمهورية السيسي برمزية الحدث، كونها إشارة إلى تخليد أبطال سيدات الظل، الذين ربما لا يعلم عنهم أغلبية الشارع المصري إلى جانب المساواة بين الرجل والمرأة، الدولة منحتها الحقوق والامتيازات الكاملة مستندة إلى الدستور والقوانين، لكن البعض يتخذ – فعليًا – مواقف مستترة ضد أى إجراء للإصلاح وتحرير المرأة من الثقافة القديمة، التى تبرر سلب الحقوق وتصادر أى نجاح للمرأة، قال سيدنا علي بن أبي طالب – كرم الله وجهه «ليس كل ما يُعْرَف يُقال، وليس كل ما يُقال حَضَرَ أهلُه، وليس كل ما حَضَرَ أهلُهُ حان وقته، وليس كل ما حان وقته صَحَّ قوله».
حقيقة .. لسوء حظي .. لم ألتق مطلقاً ولا أعرف شخصياً الإعلامية صفاء حجازي .. إلا أن التكريم صادف أهله.
رحم الله .. «المرأة الحديدية ».. الإعلامية «صفاء حجازي»