(ظلّي الذي لا أراه)
شعر /هنيبعل كرم
لِظلِّي الذي لا أراهُ وشمٌ،
هذا لي…
والدّروبُ تسيرُ به في قمقمٍ فوق الموجِ،
هناك وطني…
كيفَ لِظلٍّ أن يُحبَسَ في قُمقمٍ فيه الوطنُ والأحلامُ
عصافيرُ النّوافذِ بوجهِ الغَيم؟!
لِظلِّي الذي لا أراهُ هنا وشمٌ،
هذا لي،
ورصيفٌ يطلُّ على الفراتِ من بيروتَ،
هناك وطني!
غريبٌ هذا الظلُّ!
غريبٌ حين يُلامسُ عَتمَ الليلِ
ليختلطَ الليلُ بعتمِ الظلِّ وينبلجَ الفجرُ!
هذا وطني،
ظلٌ في قُمقمٍ
والأعداءُ تاريخٌ يُدَرَّسُ في الكتبِ،
ونحنُ نعيدُ ونَشْدو:
“مَنْ منَّا الأعداءُ يا وطني؟!”
فهناك العتمةُ، وهناك القمقمُ والجدرانُ
وهناك وراءَ الجدرانِ عقولٌ مرعِبةٌ
وصليلٌ يُسمَعُ للقَيدِ
كصوتِ الذّبحِ باسمِ النّفطِ وباسمِ الخُبزِ
وباسمِ الأشياءْ!
هناك يُداسُ بين الذبّاحينَ المِنبرُ
فيضيءُ صهيلًا قبل الذّبحِ: أينَ الفارسُ؟!
زمنُ الفرسانِ محبوسٌ في الخشبِ، يا وطني،
والخشبُ وجعٌ من زمنِ الصّلبِ!
والواقفُ هنا على قائمتينِ يحاولُ مُلكًا،
يستدعي الرّيحَ تفكّ لِجامًا لا يُفكُّ!
في وطني أوطانٌ
تنتظرُ الفتوى الغربيةَ لنُطلقَ ريحًا!
نحنُ الذبّاحون، يا وطني،
نحنُ النّهّابونَ يا وطني،
نحنُ الشّمّاتون نتهاوشُ كديدانِ الجِيفِ،
والأعداءُ تاريخٌ،
والتّاريخُ هنا ريحٌ تُطلقُها مجالِسُنا!
الآنَ العالمُ أقفلَ شواطئَنا،
منها انطلقَ الحرفُ شهيًّا وأوّلُ شهيدٍ
في يدهِ الدّنيا والأكوانُ يبنيها بثلاثِ لَيَال!
استقمِ الآنَ يا وطني، نريدُكَ…!
استقمِ الآنَ كُبُراقٍ فكَّ لِجامَ الرّيحِ
وهُبَّ… نخرجْ إلى التّاريخِ،
نحنُ الآتي، والمفتاحُ…
وهذا البحرُ قطرةٌ في النّحرِ حين تشاءْ،
قلْ أنت “هَلُمُّوا”…
ترانا عَصَبْنا الموجَ في أوردةِ الدّجى…،
قلْ أنتَ “هلمُّوا”،
نحنُ نريدُكَ مرفوعَ الرّأسِ
وليس مُطَأطأً تحتَ حِذاءْ…