بيزنس السلاح.. تجارة الموت المشروعة بقلم د/وجيه الغبورى
تحليل : د. وجيه الغبورى
بيزنس السلاح …
“الاقتصاد لا يعرف لغة الأخلاق.. فقط يتحدث لغة الأرباح والمكسب بطلاقة” .. جملة تم إقتبساها من بحث بعنوان فلسلفة الاقتصاد للكتاب الكبار دانيال هاوسمان ومايكل ماكفرسون، نشر البحث 1993، وهنا الكاتب لا يقصد إطلاقًا إن الاقتصاد مجال بدون أخلاق، لكنه بيوضح أن الاقتصاد له فلسفة مختلفة تقوم على الاختيار العقلاني ، وتقييم النتايج، يعني النمو والمكسب، واللي مقدمين على كل حاجة وأي حاجة.. ولك الحق أن تتفق أو تختلف مع الكلام
تحليل اليوم، يتكلم عن نوع مهم ومُحير من الاستثمارت، سوق جذاب أرباحة مليارات الدولارات، سوق من يعرف كواليسه وأسراره يتحكم في دول وحياة شعوب كاملة.. باختصار نحن نتكلم عن سوق مشهور بإسم “الاقتصاد الحرام” أو تجارة الموت المشروعة.
ما هو الاقتصاد الحرام ؟ وكيف هى تجارة موت وفي نفس الوقت مشروعه؟ وما هى أسرار وكواليس اللعبة العالمية الخاصة بهذه التجارة ؟ وماهو حجم الاستثمارات والنقود ؟ ومين يديرها من دول العالم؟
السؤال الأهم ، اين مصر ودول الشرق الأوسط من هذه التجارة ؟ وكيف نروج لها؟
في سنة 2020، وبالتحديد في شهر مارس، فرضت كل دول العالم تباعًا إغلاق شامل، بسبب إنتشار فيروس كورونا.. الفيروس ده بالفعل غيرمفاهيم العالم كله، كان سبب في ظهور أنواع جديدة من البيزنس، ودعم أنواع ثانية تنمو ودمر أنواع ثالثه، كمان غير مفاهيم وأنماط الاستهلاك في العالم وحتى أولويات الجنس البشري، لكن بالصدفة عند عمل بحث صغير من أسبوعين عن موضوع مهم، إصطدمنا بمعلومة غريبة جدًا وهي أن السوق العالمي، قلص إنفاقه على مشروعاته ومخططاته و الدول غيرت في ميزانيتها وتجاهلت كل خططها التنموية والاستثمارية مقابل دعم القطاع الصحي، وهو طبيعي، لكن ماهو غير طبيعي أنها تثبت أو تزود ميزانياتها العسكرية وبالأخص مخصصات تسليح الجيوش وهو ما حدث بالفعل.. فتحليلنا اليوم عن تجارة السلاح
تجارة السلاح، تُعتبر من أكتر الصفقات رواجا في العالم بسبب الحروب والنزاعات المحلية والدولية، وفي المقدمة نزاعات الشرق الشرق الأوسط و أفريقيا، المتصدرين لقوائم إستهلاك السلاح…
بحسب تقرير لـ”بيزنس إنسايدر” فإن صرف جزء صغير من أموال تجارة السلاح سنويًا يكفي لحل مشاكل الفقر والبطالة ومكافحة الجريمة وخلق عالم في العالم.
بحسب تقرير صادر عن موقع ويب ديفنس وهو موقع متخصص في الشأن العسكري، فإن صادرات السلاح الأمريكية والروسية والألمانية والصينية والفرنسية وغيرها، تُقدر بنحو 5 ترليون و100 مليار دولار سنويًا، لكن الارباح تتخطى الـ100 مليار دولار سنويًا سواء السوق الرسمي أو السوق السودا للسلاح…..
بحسب تقرير للبنك الدولي، فإن حجم الإنفاق العسكري العالمي في سنة 2020، الذى عانا من انكماش اقتصادي كبير بسبب جائحة كورونا، حوالي ترليون و981 مليار دولار، برغم كورونا، وهو رقم لم تصل له صناعة السلاح من سنة 1988، وقت الحرب الباردة……
في أحدث تقرير عن صناعة السلاح في العالم، قال صندوق النقد الدولي، في تقريره المحتوى على أرقام صادمة، انه بالرغم من إنخفاض نمو الاقتصاد العالمي بحوالي 4.4 % بسبب جائحة كورونا، فإن نفقات التسليح في جميع أنحاء العالم بلغت وصلت 2.4 % من الناتج الاقتصادي العالمي، ولو قارنا نسب التسليح دبي سنة 2019، نجد ان هناك زيادة في 2020 بنسبة 2.4%.
وايضا بحسب تقرير صادر عن موقع جلوبال فاير باور، والمتخصص في الشأن العسكري، حجم مبيعات الأسلحة على مستوى العالم ارتفع بنسبة 5.5 % في الـ 4 سنوات من 2015 و2019.. نصف المبيعات كان من نصيب منطقة الشرق الأوسط.. وتصدرت الولايات المتحدة الأمريكية قائمة المصدرين للسلاح حول العالم، في الوقت الذى تصدرت فيه المملكة العربية السعودية قائمة المستوردين لأنها تستحوذ وحدها على خُمس مبيعات السلاح الأمريكية…..
نفس التقرير يؤكده معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، في أحدث تقاريره الخاصة بالاقتصاد العسكري إن الولايات المتحدة صدرت أكثر من تلت إجمالي الأسلحة العالمية في الخمس سنين الماضية وذلك ما عزز موقعها كأكبر بائع أسلحة في العالم.
ذكر تقرير، لويب ديفينس المتخصص في الشأن العسكري، ان هناك تراجع في صادرات الأسلحة الروسية والصينية في الفترة بين 2016 و2020، مقابل نمو في صادرات الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا، ضمن قائمة البلدان الخمسة الأكثر تصديراً للسلاح…….
موقع إسرائيل ديفينس، وهو موقع إستخباراتي إسرائيلي يرصد صفقات السلاح حول العالم، اعد تقرير إن الولايات المتحدة الأمريكية في صدارة قائمة الدول المصدرة للسلاح، وارتفعت حصتها العالمية من صادرات الأسلحة من 32% لـ 37% لحد 2020…….
التقرير الإسرائيلي كشف إن واشنطن صدرت سلاح رئيسي اى أسلحة تقيلة أساسية طيران وأسلحة ثقيلة لـ 96 دولة بأسلحة في الفترة من 2016-2020.
التقرير وضح ايضا أن ما يقرب من نصف الأسلحة الأمريكية ذهبت لمنطقة الشرق الأوسط، وبالأخصّ السعودية حيث اشترت 24% من صادرات الأسلحة الأمريكية الإجمالية.
التقرير هنا قال إن روسيا في المرتبة الثانية كأكبر مصدّر للأسلحة في العالم، بحصة 20% من صادرات الأسلحة في العالم، وتصدر لـ 47 دولة، لكن أكثر من نصف صادراتها للهند والصين والجزائر.
و إن فرنسا صاحب المركز التالت كأكبر مصدر للأسلحة في العالم، وصادراتها زادت بنسبة 44%، لكى تستحوذ على 8.2% من صادرات الأسلحة العالمية.
أما ألمانيا، ففي المركز الرابع كأكبر مصدّر للأسلحة، صادراتها زادت بنسبة 21%، لان حصتها من السوق الدولي هى 5.5% من الحصة الإجمالية العالمية.
إسرائيل ديفينس صرح بأن الصين، خامس أكبر مصدّر للأسلحة في العالم، وحصتها من السوق الدولي 5.2% من إجمالي صادرات الأسلحة.
أغرب تقرير هو الصادر عن موقع بلومبرج المتخصص في الشأن الاقتصادي، حيث اوضح أن الـ10 سنين الأخيرة، شهدوا دخول لاعب جديد وقوي في سوق السلاح وهو تركيا والتى ظهرت على الطريق كنمر اقتصاد متخصص في صناعة الأسلحة وحصل نمو كبير في مجال الصناعات الدفاعية بإمكانات وخبرات محلية تركية، مما مكن تركيا أن تتحول في وقت قياسي من بلد مستورد للأسلحة لبلد مصنّع ومصدّر لها .
ايضا تركيا تفوقت في صناعات حديثة ومتطورة مكّنتها من منافسة دول كبيرة، مثا صناعات الدرونز أو الطيارات بدون طيار، مما جعلها بين الدول الـ3 الأولى عالميًا المصنعة للطيارات بدون طيار.. ولكى تعرف أكتر عن تفوق تركيا الصناعي……..
.
نرجع لتقرير بلومبرج،حيث اوضح إن صادرات السلاح التركي ارتفع بنسبة 30% في ال5 سنين الماضية حتى نهاية 2020، كمان انخفضت واردات تركيا من الأسلحة بنسبة 59% ولتبقى في المرتبة الـ 13 في قائمة الدولة المصدرة للأسلحة عالمياً، وارتفعت أعداد شركات الصناعات الدفاعية التركية اللي دخلت قائمة أكبر 100 شركة سلاح في العالم .
تقرير لوكالة رويترز يؤكد على أن السلاح من أشهر السلع تداولا عالميًا ، وأهم السلع الاستراتيجية التى لاغنى عنها، وأن معدلات الربحية فيها 800%، وإن السلاح ليس له مدة صلاحية ، لإن الفاسد من الأسلحة يُعاد تدويره أو يبُاع لمناطق الصراع المحدود أو المناطق الفقيرة أو تسليح الدول الأفقر عالميًا أو الإرهابيين.. او كما اسماهم التقرير الفئران الرمادية، قصده يقول فئران تجارب، للعلم ، تقرير رويترز يصف تجارة السلاح بأنها حرام، هو هنا لا يقصد حرام شرعًا هو يقصد حرام لانها أداه قتل وتخريب وصراعات لكنه في نفس الوقت يقول أنها تجارة مشروعة لأنها للدفاع عن النفس.
دوتش فيلا الألمانية قالت في تقريرها ، أن مكافحة الإرهاب يحرك سوق السلاح الدولي وإن العمليات الحربية ضد الإرهاب بتدفع الجيوش لشراء الأسلحة والذخيرة والعتاد أوالحصول على خدمات لوجستية ودفع أجور جنود يكلف الجيوش وضرب مثل على التحرك العسكري الأمريكي في العراق وسوريا، وقال إن العمليات العسكرية المحدودة ضد ما يسمى تنظيم “داعش” الإرهابي كلف الجيش الأمريكي حوالي 312 ألف دولار في كل ساعة.. تقرير اخر لورسيا اليوم وبصراحة أنا غير متأكد من دقته يقول أن سوق الإرهاب الدولي بيستهلك أسلحة بحوالي لـ25 – 32 مليار دولار سنويًا.
اما عن الشركات التى تدير سوق السلاح في العالم.. فهناك تحقيق دولي عن بيزنس السلاح عملته مؤسسة “أريج للصحافة الاستقصائية” حيث تصف سوق إنتاج وتصنيع السلاح يحكمة قاعدة وهي “إحرص على تسليح عملاءك وأعدائهم حتى يدافع كل منهم عن نفسه، لكن إحذر تفوق أحدهم ففي النهاية لا نتمنى أن نفقد أي عملائنا أو أعدائهم”.
إذاعة مونتي كارلو الدولية، بالإشتراك مع وكالة الأنباء الفرنسية، نشرت حديثًا تقرير مُسرب يكشف قائمة بأكبر الشركات، وحجم مبيعاتها في سوق الأسلحة العالمية .
هذه الشركات هي “لوكهيد مارتن”، الأمريكة واللي استحوذت على 53.23 مليار دولار من سوق الأسلحة العالمية في أخر إحصائية لها في 2019 ، ايضا شركة بوينج الأمريكة عملت مبيعات سلاح بـ 33.58 مليار دولار، نورثروب جرومن تالت أكبر مقاول للمعدات الدفاعية للجيش الأمريكي وأكبر باني للقطع البحرية وهي الشركة التي أنتجت كل حاملات الطائرات الأمريكية، صدرت أسلحة بقيمة 33.58 مليار دولار. .
و شركات “ريثيون” الأمريكة وشركة صناعة طيران الصين ، “بي إيه إي سيستمز” البريطانية كمان “ليوناردو” الإيطالية و”إيرباص” ، الأوروبية و”تاليس” الفرنسية و”ألماز، الروسية و”داسو ” الفرنسية المُصنعة لطائرات الرفال ورولز-رويس”، البريطانية.. والشركة رقم 22 في صناعة وتصدير السلاح ع مستوى العالم وهي شركة “إيدج” (EDGE)، الإماراتية والتى باعت سلاح بـ 4.75 مليار دولار.
ببساطة كل الشركات لا يهمها السوق الدولي، ان يكون في حالة توتر دائمًا، لأن ذلك جزء من نجاح مشروعها الاقتصادي على فكرةنحن هنا لا نتحدث عن السلاح أخلاقيًا، إطلاقًا نحن نتحدث عن السلاح كسوق كبيزنس.
من يستورد هذه الكميات الضخمة واللي بيتم انتاجها سنويًا من السلاح .
بحسب تقرير لمجلة “ديفينس نيوز” الأمريكية، فإن السعودية أصبحت أكبر مستورد للأسلحة في العالم، واستوردت معدات عسكرية بقيمة 6,4 مليار دولار، متقدمة عن الهند، التى أنفقت 5,5 مليار دولار، وبذلك الواردات السعودية زادت بنسبة 54 % ومتوقع أنها تسجل زيادة 52 % لتصبح 9,8 مليار دولار.. المجلة تقول إن السعودية تدفع دولار من كل سبعة دولار تمتلكهم على شراء الأسلحة مما يجعل التنافس عليها عالميًا ضخم كل الشركات عايزة تتعامل معها.
تقرير مجلة “ديفينس نيوز” الأمريكية قالايضا إن الشرق الأوسط هو أضخم سوق إقليمي لمبيعات الأسلحة، ويتوقع أن يستورد السنة القادمة حوالى 110 مليارات دولار خلال السنين الـ10 القادمة…….
اما عن مصر، فهى من الدول التى تعتمد سياسة التنوع في التعامل مع السوق الدولي فيما يخص التسليح، وتتعامل مع عدد من الأسواق الرئيسية مثل فرنسا وألمانيا وأمريكا وبريطانيا وبلغاريا وإيطاليا والتشيك الهند والصين ودول الاتحاد السوفيتي القديم، وايضا روسيا لكن روسيا معلق خلال الفترة الحالية وبسبب قانون كاتسا الأمريكي والذى بيفرض عقوبات على أي دولة تشتري من روسيا سلاح .
تقرير لوزارة الاقتصاد الألكانية يقول إن مصر تاني أكبر مستورد للسلاح الألماني بقيمة 764 مليون يورو، بعدها إسرائيل في المركز الثالث بقيمة 583 مليون يورو……..
“
نيويورك تايمز”، كشفت عن إن مصر تعتمد الفترة الأخيرة بعد تحديث كل أسلحتها، أنها تنقل تكنولوجيا التصنيع ويكون لينا حقوق التصنيع وايضا التصدير وهذا ما أعلنه الجيش المصري مؤخرًا، خاصة وأن مصر تسعى أن يكون ليها نصيب من أرباح هذا السوق دوليًا.. ففى الشهر الماضى وبالتحديد 29 نوفمبر 2021، مصر أطلقت النسخة التانية، من فعاليات المعرض الدولي “EDEX 2021” وهذا يُعتبر أكبر معرض للصناعات العسكرية والدفاعية في أفريقيا.. شاركت فيه أكثر من 400 شركة عارضة، يمثلوا 42 دولة، وحضره أكثر من 30 ألف زائر وحضر كل وزراء دفاع العالم .