بقلم / محمداحمدعبدالحميد
عند اختيار شريك الحياة هناك مجموعة من
الإعتبارات كما يلي:
الصحة الجسمية والعقلية:
من المُمكن أن نتصور أهمية هذا العامل، إذا تصورنا حالة شاب تزوج من فتاة مريضة مرضاً مزمناً، أو ضعيفة التكوين الجسمي، حيث تصبح حياة الأسرة كلها جرياً وراء العلاج، وحيث يحول تكرار نوبات المرض دون أداء الواجبات المنزلية، وحسن رعاية الأبناء، وإدارة الحياة الزوجية على الوجه الذي يكفل السعادة للأسرة، أما الزوجة القوية البنية، السليمة الجسم، فإنها تضفي على جو المنزل نوعاً من الحيوية والنشاط، فضلاً عن أن استعدادها الصحي السليم ينعكس على أولادها بحكم الوراثة، فيكونون أصحاء، ويكون مستقبل الأسرة مملوءاً بالأمل الواسع والسعادة المبنية على الصحة.
ومع أن كل شخص معرض للمرض، وواجب كل من الزوجين أن يتقبل بشريك حياته ويواسيه، ويعمل على تخفيف أمراضه على علاجها، وينظر إليه نظرة عطف وإشفاف ورحمة.. إلا أن من الأفضل أن يعيش الزوجان في جو صحي، إذا أمكن حسن الاختيار من البداية على أساس الاستعداد الصحي الجيد، والوقاية خير من العلاج، وهناك حديث شريف كما ذكرنا يقول: (تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس) وفي هذا الحديث تنبيه للمُقبلين على الزواج أن يدققوا في صفات الأسرة التي يريدون الزواج منها، فيعرفوا شيئاً عن الأعمام والخالات والأجداد.. حتى إذا ما تبين لهم خلو الأسرة من الخصائص الوراثية.
سواء من الناحية الصحية أو العقلية، فإنهم يضمنون لمستقبل ذرياتهم صحة عقلية وجسمية قوية، ويمكنهم أن يتفاخروا بنسبهم وأصلهم، ويستطيعون أن يؤدوا خدمات حقيقية في الإنتاج البشري.
الذكاء والنضج العقلي:
إن كثيراً من المتاعب الزوجية يرجع أصلها إلى عدم نضوج الزوج أو الزوجية بالدرجة الكافية التي تساعد على حل المشكلات قبل تفاقمها، أما الغباء فهو سبيل الخطأ.
ومن العجيب أن موضوع الذكاء غير واضح في أذهان الكثيرين من الناس، ويندر أن تجد شاباً أو فتاة تضع عامل الذكاء في اعتبارها عند اختيار الزوج أو الزوجة … فكثيراً ما يذكر الشباب والفتيات ضمن الصفات التي يشترطونها في شريك حياتهم، كونه من أسرة غنية، أو كونه متصفاً بالخلق أو الجمال أو الثقافة، أو نحو ذلك دون اهتمام، بجانب صفة الذكاء والنضج العقلي، حيث إن الذكاء والعقل الرزين يضفي على صاحبه نوعاً من الجمال في الشخصية، اما الغباء وضعف العقل، فهما لازمة من جمال الوجه أو تنسيق التقاطيع، فإن صاحبه يكون مكروهاً في شخصيته، بعيداً كل البعد عن الجاذبية.
الخصائص الانفعالية والخلقية:
إن النواحي الانفعالية والخلقية من أهم مكونات الشخصية الأساسية ويمكننا نتصور ما ينتج من تزاوج الأفراد الذين تكون طباعهم وصفاتهم الانفعالية والخلقية بها نوع من الإنحراف.
فالشخص الذي يغلب على طباعه التهور والثورة لأتفه الأسباب كثيراً ما يجره تهوره واندفاعه إلى ارتكاب الأخطاء والذنوب الخلقية. بينما الشخص الذي يغلب على طبعه الانفعالي اتزان يكون أقدر على كبح جماح نفسه، وتحكيم إرادته في سلوكه، فتقل أخطاؤه ويستطيع أن يكون لنفسه مبادئ خلقية سليمة.
ويرتبط بالناحية الانفعالية والخلقية نوع الميول والهوايات التي تغلب على سلوك الشخص، ويرى بعضهم أنه من الواجب في اختيار الزوج أو الزوجة توافر نوع من التقارب في الصفات المزاجية والتوافق في الميول والهوايات والانسجام في الطباع.
ثانيا: أساليب الاختيار للزواج
تتمثل فيما يلى:
– أسلوب الذاتي الحر
ويسمى أيضاً الأسلوب الشخصي أو التلقائي، وفيه تبدو رغبة الفرد الشخصية في اختيار الشريك، وهنا يكون تدخل الأهل أو الأقارب أقل تأثيراً في توجيه عملية الاختيار، أو قد ينعدم تماماً، ويبدو أن الزواج الاغترابي ساهم كثيراً في ظهور هذا الأسلوب، حيث رافق انتشار الزواج الخارجي تغيراً في طريقة اختيار الشريك، فلم يعد مقصوراً على الأبوين، بل أصبح هذا الاختيار مرهوناً بالشاب والفتاة، وبدأت ظاهرة الزواج المرتب بالانحصار لتحل محلها ظاهرة الاختيار بالمباشرة، وهكذا بدأت قيم الزواج تتغير، وأصبح الاختيار للزواج في المجتمعات العصرية مُسئولية الشباب أنفسهم، حيث أن الشاب لا يسمح في كثير من الأحيان بتدخل والديه أو أشخاص آخرين في الاختيار، على اعتبار أنها مسألة شخصية، لأنهم سوى الشخصين المقبلين على الزواج، وهذا الأسلوب ما هو إلا نتيجة لتلك التحولات الاجتماعية والثقافية التي مرت بها هذه المجتمعات، إذ حدث تحول ثقافي واجتماعي في معظم أنحاء العالم سمح بظهور الاختيار الفردي أو النفسي، الذي يختار فيه الشخص المقبل على الزواج شريكه بمقاييسه ورغباته وإرادته كما أن نظام العمل الحالي أتاح للأبناء إمكانية الاستقلال المادي على آبائهم، وبالتالي عدم السماح لأي شخص بالتدخل في شئونهم الخاصة.
– أسلوب الوالدى :المُرتب
وهو الأسلوب الذى يسمح بتدخل أحد الوالدين أو كليهما أو بعض أقارب المُقبلين على الزواج فى عملية الإختيار وغالباً مايكون هذا التدخل من جانب رب الأسرة، ويؤكد الأسلوب الوالدى فى الإختيار للزواج على أساس الإعتبارات الاجتماعية والنفسية والثقافية.