كتب إياد رامي.
“بسم الله الرحمن الرحيم … شعب مصر العظيم”.
«إن القوات المسلحة لم يكن فى مقدورها أن تصم آذانها أو تغض بصرها عن حركة ونداء جماهير الشعب التى استدعت دورها الوطنى، وليس دورها السياسى على أن القوات المسلحة كانت هى بنفسها أول من أعلن ولا تزال وسوف تظل بعيدة عن العمل السياسى».
نستهل في هذه الأيام العطرة من تاريخ أمتنا العربية ، ذكرى ثورة 30 يونيو، والتي انحازت فيها قواتنا المسلحة والشرطة المدنية لإرادة ونداء الجماهير من ملايين الشعب المصري، وأنقذت مصر من الغرق، وحفظت وحدتها بكل شجاعة وتقدير، حمى الثورة وخلص الشعب من خفافيش الظلام، وتصدى للإرهاب والعنف المسلح، أعاد انفتاح الدولة المصرية على العالم، وعادت مصر إلى أحضان أفريقيا من جديد بعد سنوات من التجميد والتجاهل، وأنجز مشروعات قومية حققت طفرة تاريخية كبيرة فى الإقتصاد المصرى، وساعد على استمرار عجلة الحياة في الشارع المصري في وقت حالك من التاريخ المصري.
7 سنوات مرت على ثورة 30 يونيو التى تعد أبرز الأحداث التاريخية فى القرن الواحد والعشرين، الثورة التى انتفض فيها كافة أطياف الشعب المصرى لتعديل مسار ما بدأته ثورة الشباب 25 يناير 2011، في مشهد متناغم وبديع لإنقاذ مصر من دوامة الفوضى والعنف، وإنقاذها من الغرق فى وحل جماعة الإخوان الإرهابية .
في 30 يونيو 2012، استولت على مقاليد حكم البلاد في غفلة من الزمن جماعة الإخوان، وتولى حينها محمد مرسى العياط رئاسة الجمهورية وقام مكتب إرشاد الجماعة بتعيين العديد من التابعين للجماعة فى الوزارات والمصالح الحكومية مما جعلهم متحكمين بالحكم وإقصاء كل طوائف المجتمع المصرى فى مشهد لم تعتاده الحياة السياسية في مصر، فمصر دولة برلمانية عتيقة ، ومنذ ذلك الوقت عملت الجماعة على تفكيك مفاصل الدولة والإضرار بالأمن القومى للبلاد ، الأمر الذى دفع الشعب المصرى وخاصة الشباب الحالم بالتغيير للخروج بمظاهرات فى الميادين حتى أنهى الشعب المصرى حكم مرسى بعد عام وثلاثة أيام فقط قضاها فى الحكم، ارتكب خلالها أخطاء أنهت العلاقة بينه وبين الشعب المصرى خلال هذه المدة الزمنية المفقودة من تاريخ مصرنا الغالية، كانت فيها البلاد أحوج ما تكون لاستثمار كل يوم للبناء والتقدم.
عوامل عديدة دفعت جميع أطياف الشعب المصرى للخروج عن بكرة أبيه للإطاحة بتلك الجماعة الإرهابية كان من بين الأسباب، الإعلان الدستورى المكمل، الذى صدر فى 21 نوفمبر 2012، والذى أثار جدلاً كبيراً حوله ودفع الشعب المصرى للخروج إلى شوارع وميادين كافة محافظات مصر للتعبير عن رفضهم له، لقد كان بمثابة الشرارة الأولى التى فجرت معها ثورة 30 يونيو وكانت نهاية تنظيم الجماعة الإرهابية فى الحكم، وكذلك حالة الإقصاء الحاد التى رسخها حكمهم البغيض، وقسم المجتمع بين مؤيد للمشروع الإسلامى الذى يمثله هو وجماعته وبين مناهض له، وفشل الزيارات المتعددة التى قام بها للخارج فى فتح آفاق التعاون بين مصر ودول عديدة، وكذلك فتح الحدود مرتعا للتنظيمات الإرهابية والجهاديين، وكذلك إفراجه عن سجناء جهاديين من ذوى الفكر المتطرف استوطنوا سيناء وسعوا إلى تكوين إمارة إسلامية متطرفة، وكذلك تفاقم أزمات البنزين والسولار والكهرباء والتي تكررت خلال فترة حكمه، واستهداف وجماعته للإعلام المصرى وإقصاء رموزه أو من يخالفهم التوجه، و امتلأت القنوات الفضائية المصرية بالعديد من البرامج ذات التوجه التكفيري والداعشي والتي عملت على الترويج لافكارهم البغيضة وخدمة مشروعهم.
خرج الشعب المصرى فى 30 يونيو عندما شعر أن هناك خطراً، وأن جماعة الإخوان الإرهابية باتت تشكل تهديدا خطيرا للأمن العام وقال الشعب المصرى كلمته حينها: « يسقط يسقط حكم المرشد»، وأنه لا مكان لغير مصلحة الوطن ، وأضاف السيسي بخطابه:
« عندما تجلت إرادة الشعب بلا شبهة ولا شك ووقع محظور أن تستخدم أدوات حماية الشرعية ضد مصدر الشرعية، فإن الشعب وبهذا الخروج العظيم رفع أي شبهة واسقط أي شك»، واستجابت القوات المسلحة لتلبية نداء الشعب وحماية ثورته وحماية إرادته، حيث بدأ الإجتماع الذى دعت له القوات المسلحة لحل الأزمة، والذى رفض قيادات الإخوان حضوره أكثر من مرة، حيث رفض محمد سعد الكتاتنى، رئيس حزب الحرية والعدالة حضور الإجتماع ، بينما حضر باقى القوى السياسية من بينهم الدكتور محمد البرادعى، رئيس حزب الدستور آنذاك، ومحمود بدر، مؤسس حركة تمرد، وسكينة فؤاد كاتبة صحفية، وجلال مرة ، الأمين العام لحزب النور، بجانب شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، والبابا تواضروس الثاني ، بالإضافة إلى قيادات القوات المسلحة وعلى رأسهم وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسى، وكافة أطياف المجتمع لإعلان خارطة الطريق فى 3 يوليو 2013، والتى أسست لمرحلة جديدة من عمر الوطن بل تمثل مرحلة إعادة بناء الدولة بعد حالة الفوضى العارمة التى شهدتها، والتي كانت لا تتحمل مزيداً من الإضطرابات أو النزاعات .
انتصرت إرادة المصريين فى التخلص من حكم جماعة الإخوان الإرهابية ، ونجحت منذ عزل المخلوع وتولى المستشار عدلي منصور رئيس المحكمة الدستورية، رئيسا لمصر مؤقتاً لمدة عام، من إعادة بناء وتثبيت أركانها والتصدى للإرهاب والعنف المسلح،وإعادة أنشاء دستور جديد صدر العام التالي 2104 بتوافق القوى الثورية والشعبية وباستفتاء شعبي، 7 سنوات مرت على الثورة التى أنقذت مصر، نجحت مصر خلالها بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيس الجمهورية فى إستعادة الأمن وتثبيت أركان الدولة وانفتاح مصر على العالم وعودتها لإفريقيا، ترأست مصر الاتحاد الإفريقى بعد غياب ، وشهدت مصر فى عهده طفرة كبيرة فى الاقتصاد المصرى بسبب المشروعات الضخمة التى تم تشييدها، هكذا الحال بالنسبة للإعلام الذى أعيد ضبطه بعد حالة الفوضى العارمة التى شهدها، حيث تم إقرار التشريعات المنظمة للإعلام وتشكيل الهيئات الإعلامية.
لقد خاضت مصر مزيداً من التضحيات، مضحية بكل غالي ونفيس من دماء الشهداء بالقوات المسلحة والشرطة المصرية في سبيل إستعادة الأمن والإستقرار ، واستعادة هيبة ومكانة الدولة المصرية، والحفاظ على تماسكها لقد كان الجميع على قدر المسؤلية، وظهرت معادن الرجال من أبناء الشعب المصري الأصيل شعبا وجيشا، اختارت وبلا تحفظ أن تكون في خدمة شعب مصر ، تحية إلى الشعب المصري العظيم الذي كان يدرك حجم المؤامرة على وطنه والوطن العربي الذي تمثل مصر القلعة الأخيرة والصخرة التي تحطمت عليها مشروع تقسيم الشرق الأوسط الجديد رغم ما يُصرف من أموال وامدات السلاح ويُدار من دول إقليمية ودولية لاختراق المجتمع المصري من خلال خونة مرتزقة ممن يحسبون على مصر ولا زالوا حتى اللحظة يحاولوا تعطيل مسيرة الوطن، ويحاولون محاصرته من كل إتجاه لمحاولة جرها نحو استفزازها وصولا لإسقاط الدولة .. وهذا يعيد للذاكرة خوارج وخونة كل عصر الذين أعدتهم قوي الشر الخسيسة لمرحلة ما بعد السقوط ومن ثم كان مصيرهم مزبلة التاريخ.