”كيف تعالج انهيار العلاقة العاطفية؟” جزء2
كتب الاخصائي النفسي والتخاطب
محمد ابوزيد عثمان
تحدثت فيما سبق عن انهيار العلاقة العاطفية في جزءه الأول وسأتحدث في الجزء الثاني عن التعامل مع نفسك ما بعد انهيار العلاقة العاطفية وطرق التأقلم مع الألم ما بعد الفراق والترك، جزء منه ذهني وجزء منه سلوكي.
يعلق الإنسان في مزاج سلبي مضطرب ليل نهار بعد انهيار العلاقة، إليكم طرق الخروج من هذا المأزق المنحدر نحو استعادة التعافي المنشود مع ملاحظة أن المسألة تحتاج إلى وقت واجتهاد، والتعافي ربما يأخذ ما يقارب من سنة كاملة حتى استعادة المرء لنفسه.
أولا: استعد الأنشطة،
بعد الصدمة العاطفية يتوقف الفرد عن ممارسة كل شيئ، الهوايات، الخروج مع الأصدقاء، التسوق..الخ، تلك الأنشطة هي ما كانت تحسّن من مزاجك وتحميه، لكنك أوقفتها فزادت حالتك سوءاً، استعد الأنشطة لأجل العلاج لا لأجل المتعة حتى لو لم تجد متعة مارسها.
ثانيا: استبدل كلمة “لماذا” بكلمة “كيف”
فبدلاً من جملة “لماذا أنا فقط-لماذا حصل لي ذلك” قل “كيف يمكنني أن أتحسن؟” – “كيف أجد حلاً لتلك المشكلة؟” السؤال الأول يوصلك للعجز واليأس بينما السؤال الثاني يوصلك للعمل والإنتاج.
ثالثا: الحدّ من اجترار الماضي،
أحد أكثر العوامل التي تجعل الإنسان يغوص بالاكتئاب هو استعادة الماضي والبقاء فيه بدلا من العيش في الحاضر وصناعته، أنت لا تستطيع إيقاف أن يقفز الماضي في ذهنك لكن يمكنك ألا تسترسل فيه وتقوم بعمل شيئ مفيد، لا تطل الجلوس في كرسيتحتاج أن تعرف الفرق بين استعادة الماضي للتعلم منه والاستفادة منه والعظة منه وبين استعادة الماضي للندم عليه وجلد ذاتك عليه، الأول تعلم والثاني يأس يفرز مشاعر سلبية هائلة مراراً وتكراراً وأنت لا تعلم. والتفكر بالماضي قم فوراً.
رابعاً: التخلي عن اشتراط معرفة الأجوبة:
هناك العديد من الأمور التي فعلها الطرف الآخر وتسأل نفسك لماذا ولا تجد جواباً، وليس بالضرورة الخطأ منك بقدر أن بعض الأسئلة لا إجابة لها، بعضها ستجد الآن وبعضها ستجد أجوبتها لاحقاً بعد سنوات وبعضها لا أجوبة لها.
خامساً: تصحيح قوانين الحياة،
هناك العديد من القوانين التي قد تكون تربيت عليها تعطلك عن استعادة عافيتك مثل:
“يجب أن تكون الحياة سهلة” أو “مثلما أحسنت للآخر –يجب- أن يحسن الناس إلي” هذا صحيح لكن ستجد أيضا من تحسن إليهم ويسيؤون إليك، تلك هي الحياة ليكن تفكيرك واقعياً لا مثالياً.
– إن كل ألم نفسي من صدمة عاطفية نابع من قانون غير واقعي أو افتراض خاطئ عن الحياة “كان يجب أن….” مثل “يجب أن يكون لكل شيئ معنى! في الحقيقة ليس بالضرورة، تدور الأحداث الماضية في ذهنك مراراً وكأنك تبحث عن المعنى، تبحث عن توضيح، تبحث عن السبب، تقبل ولا بأس ألا تعلم.
– إن الثمن الذي ستدفعه إذا حاولت استعادة الماضي وتقليبه أكبر من الثمن الذي ستدفعه لو تخليت عنه، اسأل نفسك ما الذي ستجنيه لو أنك جلست لوحدك وأحذت تستعيد أحداث الماضي، تتحول لعادة ذهنية مؤلمة لا فائدة منها.
سادساً: التقبل،
ويعد التقبل من مفاتيح الشفاء، إن استعادتنا للماضي باستمرار وتقليبه في الذهن هو نوع من رفض الواقع وعدم تقبل ما حصل ولسان الحال “معقولة” نعم معقول وأكثر، تقبل ذلك، تقبل أنك لا تعلم لماذا، وتقبل أن مسؤوليتك الجهد والمحاولة وليس النتائج.
-كثير من الناس يعتقدون أن استعادة الماضي والحديث الداخلي عنه هو مسؤولية وواجب علي فعله بينما ليس كذلك، ولا يجب عليك ذلك، والتخلي عنه ليس ضعفاً، وما حصل لك لا يعني أنك ضعيف، لكنه يحصل للجميع بمستويات مختلفة.
سابعاً: تسامح مع مشاعرك السلبية،
الذي يحصل بعد الانفصال ورغم أن الطرف الآخر لا يستحقك إلا أنك في نفس الوقت تشتاق له، وهنا يحصل حزن أكبر، لماذا أشتاق لشخص تمنيت فراقه!، مرة أخرى يحاول الإنسان رفض تلك المشاعر وأن عليه أن يشعر بنوع واحد فقط من المشاعر وهي عدم الاهتمام.
– لكن هذا غير واقعي وغير صحيح، لا يعلم كثير من الناس أن المشاعر المتناقضة طبيعية، عقلاً هو لا يصلح لك لكن في نفس الوقت لا تزال هناك مشاعر تجاهه أو تجاهها وهذا طبيعي فالمشاعر لا تتعامل بالمنطق أو الصح والخطأ بل تطفو وتحتاج أن تتقبل ذلك بدلا من الغضب تجاه نفسك.
ثامناً: اقبل الواقع،
ما حصل قد حصل، استعادة الماضي في ذهنك دلالة عدم قبول ما حصل، لاشتراطك إيجاد سبب ومعنى، مثل “لماذا تركني رغم تضحياتي له أو لها؟” لا توجد إجابة ولن توجد إجابة مهما طحنت ذلك في رأسك، وعليه استثمر وقتك بفعل شيئ آخر في الحاضر لتفعيله.
من المهم أن تعلم أن تقبل الواقع وما حصل يحتاج إلى وقت وهو عملية طويلة وليس بالضرورة أن يكون فوراً وبدرجة كاملة بل كما قلت لك مسبقا ربما تحتاج إلى سنة أو حتى سنتين لتصل إلى القبول التام لما حصل. القبول لا يعني أن ما حصل يعجبك لكنه الواقع المرّ والمضي قدما هو الخيار الأمثل.
تاسعاً: أفكار الماضي القهرية،
بعض الحالات تتحول أفكار الماضي إلى أفكار قهرية، تهجم بشراسة، الخطأ الذي نقع فيه هو اعتقادنا أن علينا أن نفعل شيئا تجاهها، أو علينا أن نتخلص منها، وهذا ما يزيدها سوءاً.
كل ما تحتاج فعله هو تقبل تلك الأفكار الشرسة أنها مجرد أفكار “لماذا تركتني/لماذا تركني” دعها تحوم في رأسك، أو احجز لها مكانا في ذهنك لتبقى دون محاولة الاعتراض عليها، بمعنى أن تلاحظ مرور أفكارك الشرسة عن الماضي بدلا من التفاعل معها. فهي لا تعني شيئاً هي مجرد أفكار.
حاول أن تفصل نفسك عن أفكار الماضي،
بأن تقول “حسنا أعلم أني لا أستطيع التخلص منك أيتها الفكرة، لا بأس يمكنك البقاء بينما سأكون مشغولاً عنك في بناء حياتي”. خذ الأفكار المزعجة معك ومارس حياتك، وسيضعف تأثيرها عليك مع مرور