كتبت /دكتورة سحر زغلول
نحتفل سنويا “بيوم اليتيم” فى الجمعة الاولى من شهر ابريل ، تسلط الاضواء و الكاميرات على نجوم المجتمع و هم يشاركون في حفل يوم اليتيم و ننسى الهدف الرئيسى لهذا اليوم و هو التركيز على احتياجات اليتيم العاطفية طوال العام ، و لفت انتباه العالم له و لاحتياجاته و بعد ان تطفأ الأنوار الاعلامية يعود كل إلى حاله الأطفال إلى دور الايتام و نجوم المجتمع إلى أعمالهم .
فكرة يوم اليتيم فكرة رائعة حقاً كى يشعر الجميع ان لهم وجود فى المجتمع و ان لهم حقوق و أنهم بشر يستحقون الاهتمام و الرعاية و أن يتعاملوا كأفراد طبيعيين و لكن علينا الا نغفل معاناتهم النفسية و تقصيرنا تجاههم و نظرتنا السطحية لمعاناتهم و نتمنى ان يكون الاهتمام بهم طوال العام …
و الآن احبتي دعونا نسأل انفسنا هل يتيم الام او يتيم الاب هو من ماتت امه و ابوه فقط ام هناك يتيم من نوع اخر ؟!؟؟
فى زحمة الحياة وكثرة همومها مشاغلها نغفل بعض الشيء عن طفل من نوع آخر لا تسلط عليه الاضواء ، طفل ماتت مشاعره و فقد احساس الامان لانه يعانى من “”أُم تخلت”” أو “”أب مشغول”” أو العكس .. فقد عطف و حنان ابويه او احدهما و هم ما زالوا على قيد الحياة ما يطلق عليه بالعامية ” يتيم الحيين ” أى يتيم برغم تواجد والديه على قيد الحياة .
فحديثى عمن يفقدون شىء كبير فى حياتهم و هو الحب ، الحنان ، الاهتمام ، العطف ، الحياة الاسرية الصحية .. و….و هو أسوأ ما يبتلى به الطفل .
فالاطفال الذين ابتلوا بفقد حنان أمهاتهم و اضطروا للمعيشة مع الأب بمفرده أو مع أحد الأقارب أو زوجة الاب ، أو من فقدوا حنان اباهم واضطروا للمعيشة مع الأم بمفردها او زوج الأم فى حالة ارتباطها وما يترتب على ذلك من آلام
هو طفل بائس نتيجة لانحلال الاسرة تحت تاثير الرحيل الارادي لاحد الزوجين عن طريق ( الانفصال ، الطلاق ، الهجر.. ) فالطفل البائس الذي انفصل ابواه و بدأ كل منهما حياة جديدة مع زوج آخر و تركاه يواجه الحياة وحيداً دون معيل و خصوصا عندما يتخلى الوالد عن مسؤولياته تجاه البيت و الأولاد و نتيجة هذا الألم و الفراق يصبح ضحية لعدد من المشاكل التي لا حصر لها ، ربما يكون اليتيم أحسن منه حالا فهو على الأقل يحصل على تعاطف الناس وبرهم وربما كفالتهم بينما حرم هذا الطفل من فضل اليتيم واجر بره …..
ونوع اخر اسوأ حالا وهو طفل يعانى من اهمال الابوين ؛ والداه يعيشان تحت سقف بيت واحد لكنهما شغلا عن رعايته بسبب أنانيتهما او لظروف عملهم فقد يستخدم أحد الزوجين حجة الانشغال الكثير بالعمل ليبقى بعيداً عن المنزل و بالتالي عن شريكه لأطول فترة ممكنة ؛ فنجد أسرة يعيش الافراد فيها تحت سقف واحد و لكنهم لا يعرفون شيئاً عن مفهوم الأسرة فيفشلون في علاقاتهم معا و خاصة من حيث الالتزام بتبادل العواطف بينهم . او كلاهما دائمي الخصام و الخلاف و ما ينتج عنه من التعامل بالعنف مع الطفل وما يترتب عليه من إنعكاسات سلبية على حالته النفسية و سلوكياته و شخصيته ، الأمر الذي قد يساعد على تهيئته ليصبح فرد جانح في المجتمع ؛ نظراً لفقده الجو الأسري الملائم الذي يشبع حاجاته النفسية و العاطفية و الاجتماعية ، و من ثم ارتفاع معدل الجنوح و الانحراف في المجتمع و ما يلحق ذلك من تبعات خطيرة من الناحية الأمنية ..مشكلة أن يكون أبواه مهملين في تربيته فهذه بداية لسلسلة طويلة من المعاناة تبدأ بنقص الحب و الحنان و الحرمان من الاستقرار النفسي و الاجتماعي الذي يحتاجه الطفل في بداية حياته و تنتهي بالانحراف و ربما الجريمة فإذا اختل توازن الأسرة فلابد أن يؤدي هذا الاختلال إلى اضطراب تنشئة الطفل فلا يوجد أطفال مذنبون بل الأطفال هم ضحايا التنشئة الاجتماعية الخاطئة التى لا تحافظ على بناء الاسرة و المجتمع و أمنه .
حقاً اتعجب لوجود اهل مفرطين في أولادهم قلوبهم كالحجارة او أشد قسوة !!!
يفرطان فى حقوق الطفل من الرعاية و الحب و الحنان والاهتمام و تزويده بما يحتاجه نفسياً و معنوياً أولا ورعايته ثم كفالته مادياً هى من واجبات كل أب وأم … كيف ننادى ببر الوالدين و ننسى ان نذكر الوالدين بواجباتهم تجاه ابنائهم فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته .. فأولادكم امانه تحت ايديكم .. نسعى ان نتزوج ونبكى اذا لم ننجب وننتقل من طبيب لطبيب املاً في أن يرزقنا الله طفل يؤنس وحدتنا ويحملنا في كبرنا و لو ان الله حرمنا هذه النعمه لا نعرف للحياة متعة و لا طعم ..
عزيزى الاب عزيزتى الأم
ابناءكم كنوزاً تمشى على الارض فقبل ان ننادى بحقوقنا عند ابنائنا رفقا بهم ؛ فأنتم القدوة الحسنة لأبنائكم والتربية بالقدوة هى من أنجح الوسائل فى التربية وهى العامل الأساسى فى نجاح النشىء أو فساده .
كما أن التربية بالحب هى سحر التربية .. فبالحب نستطيع تغيير واقع مؤلم وحزين إلى أمل مشرق ..
والسؤال هل تحب اولادك ؟؟ هل تعبر لهم عن هذا الحب ام مشاعرنا لا نفصح عنها ؟ و لماذا !!
هل نعلم أن عدم إشباع الحاجات النفسية للطفل لا يؤدي إلى الموت و لكنه يترك أثراً خطيراً على شخصيته ،، يبدو هذا الأثر في سلوكه و سعادته و أثناء تعامله مع غيره..
نعانى من مشاكلنا مع ابنائنا وننسى اننا لم نشبع حاجتهم في الحب .. نملأ اولادنا برسائل سلبية .. فكم عدد رسائل الحب التى نرسلها لأولادنا يوميا و كم عدد المرات التى تنادى بها ابنك بحبك ..
فلنقف مع انفسنا ونحاسبها قبل ان نحاسب .. ينبغي أن نفكر جدياً للحصول على إجابة سؤال مهم هو كيف ينبغي أن تكون التربية؟؟
وعلينا ان نسال انفسنا
هل ابنك يسعد بوجودك أَمْ ؟؟؟؟؟؟؟
هل تلاعب أطفالك وتجلس معهم وتقرأ لهم وتتواصل معهم أَمْ ؟؟ ؟؟؟
هل تعبر عن مشاعرك لابنك أَمْ ؟؟؟
كما ينبغي أن نعيد النظر في كثير من أشكال تربيتنا لأبنائنا .. كيف نَدخل لقلوبهم ونصادقهم . احضن أولادك و قبّلهم وقل لهم كل يوم إنك تحبهم ، قربوا لابنائكم ضموهم الى أحضانكم فهم فى احتياج لهذه الضمة اكثر من احتياجهم للطعام و الشراب ..
قبل ان ننادى بعقوق الابناء .. علينا ان نتغلب على عقوق الآباء لأبنائهم فحقهم علينا ان يعيشوا فى جو يشعرون فيه بمشاعر الحب تغمرهم المودة والرحمة و التواصل معهم الذي يحقق التوازن النفسي و الاجتماعي لهم . لذا يستوجب الاهتمام بهم و الوقاية مما قد ينتج عن اهمالهم من تبعات.
لا تعيشوا لابناءكم لبنائهم مادياً و تدميرهم نفسياً ، حان الوقت لتبّني ابناءنا و اعادة حساباتنا في مفهوم التربية الخاطئ معهم عملا بالمثل القائل “”إبني أبنك ولا تبنلوش””