كتب/فاطمة عبد العزيز محمد
________
وبشر المخبتين..
يعيش الناس في هذه الحياة الدنيا في أحوال مختلفة بين رضا عن الله او سخط، في حين أنه يجب أنْ ترضى بما أنتَ فيه من السراء والضراء، ولا تتمنى خِلافَ حالك.
فنجد أن بعض الناس يكون على قدر من الجمال وعلى قدر من الصحة وعلى قدر من المحبة وحسن الخلق، ولكنه قليل المال فيحتقر هذه النعم كلها بجوار قلة المال، لأنه ركز النعم كلها في المال، فبما أن ماله ليس كثيراً أو رزقه ليس موسعاً، فإذن هو لم يعطه الله تبارك وتعالى شيئاً، وهذا ما قاله الله تبارك وتعالى في صنف من أصناف الناس، فقال: (( وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ ))[الفجر:16]، ونسي أن أقل نعمة من النعم التي أنعم الله بها عليه لو أنفق ملء الأرض ذهباً لما استطاع أن يشتريها من أحد أو أن يستردها إذا أخذها الله تعالى.
وإذا كان الله تبارك وتعالى قد حرمك من نعمة فلماذا لم تفكر في آلاف النعم التي تستمتع بها؟، ولنضرب مثالا على ذلك أخت مثلاً قد تكون قصيرة، وتشعر كذلك بعدم الرضا لأنها قصيرة وغير مستريحة، فلماذا لم تنظر إلى أن لها عينين تبصر بهما وهناك من هي عمياء أو عوراء وتعيش مثلاً حياة كئيبة، لماذا لم تفكر في أخت فقدت سمعها فهي لا تسمع أي كلمة، وهي أيضاً في نفس الوقت تسمع كل شيء؟ لماذا لم تفكر في هذه الأخت المشلولة المقعدة التي لا تتحرك ولا تستطيع أن تقضي حاجتها؟ لماذا لم تفكر في نعمة اليد وأن الله أعطاها يدين تستطيع بهما أن تغسل نفسها وأن تطهر نفسها من الأنجاس وأن تأكل بيدها وأن تسلم على الناس؟، تصور الآن لو أنك ليس لك، فبالله عليك هل هناك نعمة تساوي هذه النعمة؟ عندما لا تستطيع مصافحة أحد، أليست كل هذه نعماً، فلماذا نحصر نعم الله في نعمة واحدة، لماذا تنكر فضل الله عليك بهذا القدر العظيم، واذا كنت قد فقدت نعمة فإن هناك ملايين النعم، فهذه نعم عظيمة كيف لا تحمد الله تبارك وتعالى عليها وغيرك محروم من ذلك كله؟.
ولذلك النبي عليه الصلاة والسلام علمنا هدياً لابد لنا أن نلتزمه إذا أردنا أن نخرج من مشكلة عدم الرضا عند بعض الناس، أولاً قال: (ارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس)، فالرضا بما قسم الله يجعلك أغنى الناس وأسعد الناس، وقال: (انظروا إلى من هو دونكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم)، يعني: دائماً انظر إلى من هو أقل منك في المال وفي الجمال وفي الصحة وفي العقل وفي الجسد وفي المنزلة وفي الأسرة وفي العائلة وفي غير ذلك.