(..واني لادعو الله..)
بقلم /فاطمة عبد العزيز محمد
لا يخلو أحد من الناس من مشاعر الهم والحزن، وقد تجد بعض من هؤلاء قد تحول عندهم طيب العيش إلى نكد، وهربوا من الواقع وهاموا في الشوارع وأحبوا الخلوة، وقد ابتلوا بالخمر والمخدرات واحيانا الانتحار، وتختلف أسباب الهم والحزن من شخص لأخر، فقد يكون بسبب الحرمان أو فقدان حبيب أوعزيز أو صديق، أو فقد وظيفة أو ثروة أو مكانة، أو الهجرة من الوطن، أو الإصابة بمرض خطير، أو وقوع ظلم عليك..الخ.
والهم والحزن داءان ضاران بالإنسان المسلم لابد أن يحاول جاهدا أن يطردهما عنه ما استطاع و إلا وقع فريسة اذا استسلم لهما فأقعداه عن المعالي وحطماه عن الإنجاز، لذا
على المسلم أن يفزع إلى ذكر الله إذا نزل به بلاء أو مصيبة ويلجأ إليه إذا دارت عليه دائرة أو حلت به نازلة، يقول الله تعالى: (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ * وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) سورة الحجر:97-99.
ولقد علمنا النبي ﷺ ادعية ندعو بها تدفع الهم والحزن،
قوله صلى الله عليه وسلم: (اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والبخل والجبن، وضلع الدَّين وقهر الرجال).
وقوله صلى الله عليه وسلم: (ما أصاب أحداً قطُّ همٌّ ولا حزن فقال: اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماضٍ فيَّ حكمك، عدلٌ فيَّ قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك؛ أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همِّي، إلا أذهب الله همَّه وحزنه وأبدله مكانه فرحاً).
وإذا اشتدت عليه الهموم فإنه يدعو بدعاء الكرب أيضاً، وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض رب العرش الكريم)، ويقول أيضاً: (اللهم رحمتك أرجو، فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت).
ومما يساعد أيضا على إزالة الهموم الإكثار من ذكر الله وتلاوة القرآن والإكثار من الاستغفار على مدار اليوم، والابتعاد عن الذنوب والمعاصي.
فذكر الله سبحانه سلاح المؤمن في كل المواطن والمواقف والمشكلات والأزمات، وبه يدفع المؤمن عنه الأمراض وتكشف الكربات وتهون عليه المصائب.
وقد أمر الاسلام المؤمن بعد أن يلجأ إلى الله تعالى أن يأخذ بالاسباب التى تدفع عنه الهم والحزن، منها أن يبتعد عن الأماكن التي يشعر بأنها تثير فيه كوامن الهم والغم وتجدد فيه الأحزان، كما أن عليه اجتناب قراءة الكتب التي تحمل طابع المأساوية، ويحاول ألا يجالس أصحاب الهموم ولو بغرض المواساة، وعلى العكس من ذلك يحاول قراءة الكتب المفيدة التي تبعده عن الهموم، كما أن عليه إذا شعر بالضيق والحزن ألاّ يجنح إلى الصمت والتفكير والبحث عن الانفراد،
وعليه كذلك أن ينشغل بالأعمال الصالحة التي تبعده عن الفراغ الذي هو سبب من أسباب التفكير والانشغال بالغموم والهموم.