هُناكَ صَمْتٌ يَقولُ كُلَّ شَيْءٍ…
بقلم: د. ريتا عيسى الأيوب/هامبورغ
وَفي لَحَظاتٍ مِنَ الصَّمْتِ… تَرانا نُجابِهُ هَذِهِ الحَياة…
نُجابِهُها بِكُلِّ قُوَّتِنا… وَمِنْ دونِ أَنْ نَخْشى مِنَ الآت…
فَبِالصَّمْتِ تَكْمُنُ قُوَّةٌ… قَدْ تَصْنَعُ أَمامَ أَعْيُنَنا المُعْجِزات…
كَما وَأَنَّها قَدْ تُخْرِجُنا مِنْ أَعْظَمِ المَصائِبِ… وَتُنَجّينا مِنَ الضّيقات…
وَلِلصَّمْتِ أَسْرارٌ دَفينَةٌ… تَأْخُذُكَ مُكَبَّلًا… مارًّا بِجَميعِ ما في حَوْزَتِكَ مِنْ ذِكْرَيات…
فَلا تُفْسِدْ جَمالَ ذاكَ الشُّعورِ… مُحاوِلًا النُّطْقَ بِما يَجولُ في بالِكَ حينَها مِنَ الكَلِمات…
وَلا تَقْتَرِبْ مِنْ بَشَرٍ… قَدْ يُجْبِرونَكَ عَلى كَلامٍ لَيْسَ في حينِهِ… فَتُمْضي وَقْتَكَ بَعْدَها بِالتَّحَسُّرات…
وَدَعْ الصَّمْتَ يَكونُ حينَها… مُحاوَلَتَكَ الأَخيرَةَ لِإِخْبارِهِمْ… بِكُلِّ شَيْءٍ كانَتْ قَدْ عَجِزَتْ عَنْ قَوْلِهِ كُلُّ العِبارات…
فَهُوَ مَعْروفٌ بِأَنَّهُ… مِنْ أَرْقى أَنْواعِ عِزَّةِ النَّفْسِ… في الوَقْتِ الذي يَنْتَظِرُ فيهِ النّاسُ انْفِجارَكَ بِالتَّمْتَمات…
وَتَذَكَّرْ… بِأَنَّكَ رُبَّما لَنْ تَنْدَمَ عَلى السُّكوتِ مَرَّةً… في الوَقْتِ الذي قَدْ تَنْدَمُ فيهِ مِرارًا عَلى التَّلَفُّظِ بِبَعْضِ التَّنْويهات…
كَما وَلا تَسْعى جاهِدًا الكَلامَ… مُحاوِلًا البَحْثَ عَنْ أَسْبابٍ لِفَشَلٍ… كانَ حَليفَكَ بَعْدِ عِدَّةِ مُحاوَلات…
وَكُنْ صامِتًا… تَكُنْ آمِنًا… فَالصَّمْتُ أَبَدًا لا يَخونُ… وَلا حَتّى في أَشَدِّ الأَوْقاتِ… فَيَحْميكَ بِدَوْرِهِ مِنَ الزَّلّات…
فَلا تَنْسَ أَنْتَ يا صاحِبي… بِأَنَّ الحَياةَ بِدَوْرِها… كَفيلَةٌ بِالعَوَضِ لَكَ… وَمَهْما كانَتْ الطَّريقُ مِنْ أَمامِكَ مَليئَةً بِالعَثَرات…
وَكُنْ بِدَوْرِكَ… ذاكَ الصّامِتَ المُتَحَدِّثَ… وَالذي تَعْجَزُ النّاسُ كُلُّها عَنْ إِجابَتِهِ… حَتّى بِاسْتِخْدامِ أَقْوى المُصْطَلَحات…