بقلم : تامر إدريس
ولد أحمد زويل عام ١٩٤٦م، في مدينة دمنهور لأسرة مصرية بسيطة، والده يعمل كمراقب فني بصحة دسوق، ويعتبر أحمد هو الابن الوحيد لثلاث أخوات.
بدأ أحمد تعليمه الأول في دمنهور ونشأ فيها، ثم انتقل مع أسرته إلى مدينة دسوق حيث مقر عمل والده، وبعد أن أكمل المرحلة الثانوية رغب والده أن يدخله أحد المعاهد الزراعية لكن الشاب الطموح كانت له رغبة أخرى حيث التحق بكلية العلوم بجامعة الإسكندرية، وقد وجد ميوله في الكيمياء حيث يقوم بالقراءة في هذا المجال كثيرًا ويقوم بعمل التجارب الكيميائية حتى في غرفة نومه.. لقد ذاع صيت أحمد زويل في الجامعة وأصبح من الطلاب المتفوقين حتى استطاع الحصول على بكالوريوس العلوم بامتياز مع مرتبة الشرف في (الكيمياء) وقد نشرت آنذاك أحد الصحف خبر تفوقه ونبوغه العلمي؛ لقد استطاع أن يتفوق ويتميز ويحقق ما يريد، لأنه عرف كيف يجمع بين ميوله وتخصصه الدراسي.
بعد تخرجه تم اختياره ليكون معيدًا في الكلية التي تخرج منها، وقد استطاع أن يُنهي رسالة الماجستير في ثمانية أشهر فقط وهذا يعتبر إنجازًا لطلاب الدراسات العليا؛ لقد كان طموحه كبيرًا حيث كان حلمه منذ صغره أن يصبح أستاذاً جامعيًا حتى أنه كان يكتب اسمه دائماً مسبوقاً بكلمة (دكتور) وقد استطاع أن يحقق هذا الحلم حيث سافر إلى الولايات المتحدة في منحة علمية لدراسة الدكتوراه وواجه العديد من الصعوبات والعقبات لكن إصراره على تحقيق حلمه جعله يتخطى هذه العقبات ومن أهمها حاجز اللغة؛ واستطاع هذا الطالب الطموح أن يحصل على درجة الدكتوراه في (علوم الطيف) عام ١٩٧٤م من جامعة بنسلفانيا؛ يقول أحمد زويل: (قررت أن أتخطى كل الحواجز والعقبات التي تقف فى طريقي وتحد من انطلاقي وأخذت أثقف نفسي بنفسي وقررت أن أحضر دروساً في الكيمياء والفيزياء كمستمع وترددت على المكتبة وقرأت كثيرًا من المراجع العلمية في هذه المجالات).
بعد أن حصل على الدكتوراه انتقل د.أحمد زويل للعمل في جامعة (كاليفورنيا-بركلي) عام ١٩٧٤م، ثم انتقل للعمل في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا (كالتيك) كمساعد أستاذ الفيزياء الكيميائية، وتعتبر كالتيك من أكبر الجامعات العلمية فى أمريكا وقد حصل ٣٠ أستاذاً منها على جائزة نوبل، وقد كان عمر أحمد زويل عندما بدأ العمل فيها بسن الثلاثين، وقد حصل فيما بعد على الجنسية الأمريكية.
عندما انطلق للعمل في جامعة كالتيك مُنِح ٥٠ألف دولار ومختبر ومكتب لإجراء بحث خلال ست سنوات هذا البحث إما أن يجعلك تعمل بالجامعة مدى الحياة أو تترك الجامعة، وقد حقق أحمد زويل نتائج عالية وذات قيمة خلال سنة ونصف فقط، لقد كان يعمل في كل الأيام والأوقات حتى الأوقات المتأخرة في الليل.
بعد هذا الإنجاز تمت ترقيته إلى درجة أستاذ كرسي (لاينس بولينج، وهو عالم أمريكي حاصل على جائزة نوبل مرتين الأولى في السلام والثانية في الكيمياء) وبهذا يصبح زويل أصغر العلماء الذين انتخبوا لأكاديمية أمريكا للعلوم، ومع كل إنجاز ونجاح جديد لا يتوقف زويل عن صعود القمة والبحث عن نجاح آخر فبعد عامين أصبح زويل أستاذ لكرسيين ليتفوق على العديد من العلماء الذين سبقوه عمراً .!
نشر د.أحمد زويل أكثر من ٣٥٠ بحثاً علمياً في المجلات العلمية العالمية المتخصصة، وقدم العديد من الأبحاث والإنجازات البشرية الهامة خاصة في علم الليزر، وقد كان من أهمها ابتكاره لنظام تصوير يعمل باستخدام الليزر له القدرة على رصد حركة الجزئيات عند نشوئها وعند التحام بعضها ببعض، هذا النظام يسمى (فيمتو ثانية) وهو جزء من مليون مليار جزء من الثانية.
حصل د.أحمد زويل على أكثر من (٣١) جائزة عالمية، ومن أبرزها جائزة نوبل في الكيمياء، وجائزة (ماكس بلانك) في ألمانيا، وجائزة (الملك فيصل العالمية) في العلوم، وجائزة الامتياز باسم ليوناردو دافنشي، وجائزة(كارس السويسرية) من جامعة زيورخ في الكيمياء والطبيعة، وجائزة بنجامين فرانكلين.
قامت مصر بتكريمه بعدة أوسمة وجوائز مصرية، كما أطلق اسمه على بعض الشوارع والميادين وأصدرت هيئة البريد طابعين باسمه وصورته. كما أنه يحمل شهادة الدكتوراه الفخرية من جامعة أكسفورد والجامعة الأمريكية في القاهرة وجامعة الإسكندرية.
وقد ورد اسمه في قائمة الشرف بالولايات المتحدة التي تضم أهم الشخصيات التي ساهمت في النهضة الأمريكية. وجاء اسمه رقم ١٨ من بين ٢٩ شخصية بارزة بينهم ألبرت أينشتاين، وألكسندر جراهام بيل.
في أبريل ٢٠٠٩ أعلن البيت الأبيض عن اختيار د.أحمد زويل ضمن مجلس مستشاري الرئيس الأمريكي للعلوم والتكنولوجيا والذي يضم 20 عالماً مرموقاً.
رحمه الله تعالى رحمة واسعة…..