هل نستمر فى إستخدام تحليل الحامض النووى (DNA) فى إثبات النسب أم نعُود للوراء و تضيع الحُقوق ؟
بقلم: نبيـل محيـى عبد الحميـد
لقد هَالنى ما سمعت و قرأت من تصريحات لبعض أساتذتنا و مشايخنا الأجلاء بعدم الإعتراف بتحليل الحامض النووى (DNA) فى إثبات النسب بدعوى أن الولد للفِراش كما قال رسولنا الكريم عليه الصلاة و السلام عندما وصل إليه نزاع رجُلين على نسب مولود فسأل عن أيهما متزوج من أُم المولود و لما قال أحدهم أنا فحسَم صلى الله عليه و سلم الخلاف بقوله: الولد للفِراش. و للأسف تلك الحالة التى قال فيها رسولنا الكريم مقولته لا يصح ان تُسحب على كل الحالات الغير مُشابهة أى التى ليس فيها نفس النزاع بنفس الكيفية أبدا.
و من باب العلم ماهو الحامض النووى (DNA) ؟ : هو ذلك الجُزئ الذى يُعتبر أهم و أخطر و أدق مادة فى جسم الإنسان بشكل خاص بل و الكائنات الحية بشكل عام. هو عبارة عن ترتيب مُحكم جدا لذرات الجزئ بتكرار رائع لا يتكرر فى أى إنسان لأنه يحمل صفات من الوالدين بترتيب هو بالضبط مثل البصمة لذا يُعرف “بالبصمة الوراثية” و هو مسؤل عن كل وظائف الإنسان و صفاته التى تُميزه عن أى إنسان آخر. و قد تم إكتشاف هذا الحامض الطويل جدا و الذى يبلغ طوله 70 رحلة ذهابا و عودة من الأرض إلى الشمس بواسطة العالم السويسرى فريدريك ميتشر عام 1869 و تَلى ذلك وصفه بواسطة العالمين الأمريكيين فرانسيس واتسون وجيمس كريك في عام 1953 و قد وصفا بشكل مُفصل طريقة إرتباط قواعد هذا الحامض ببعض و نالا جائزة نوبل على هذا.
مُنذ ذلك الحين أصبح مُستقرا لدى العالم تركيب و وصف الحامض الأهم فى مخلوقات الكون حتى الآن. و قد تلى ذلك فى اول أكتوبرعام 1990 مشروع الجينوم (البصمة الوراثية البشرية) و الذى إكتمل بتحديد مواصفات تلك البصمة فى أبريل 2003 بعدما رصدت أمريكا المليارت من الدولارات لإتمام هذا المشروع. و بوجود الآات الحديثة أصبح و بسهولة فى مقدُور العالم كله و فى دقائق معدودات تحديد مواصفات اى إنسان بدقة مُتناهية من خلال اى آثار من جسده حتى و لم تُر بالعين المجردة و لا حتى بالميكروسكوب الضوئى.
من هُنا بدأ تطبيق إستخدام تحليل الحامض النووى (DNA) بالعالم كله و ضمنته قوانين و دساتير العالم فى كل نواحى إثبات المادة لصاحبها بكل دقة سواءا فى الطب الشرعى مثل جرائم القتل و التفجير و الإغتصاب و لإثبات النسب و تحديد درجات القرابة و الأمراض الوراثية الحالية و التبُؤ الدقيق بحدوثها..
و من هنا نرى أن العلم لا يتعارض أبدا مع مصلحة البشر بل هو وسيلة لتوصيل الحقوق لإصحابها و بلا تزوير و مخاوف الشيوخ من فضح صاحبة و صاحب جرائم الزنا ليست فى محلها بل هى عكس مُراد رب العباد بوضع العقوبات الرادعة لمنع الجريمة مثل قطع اليد و الرجم و القتل – لم يكن هدفه عقاب بقدر ما هو ردع و تأكد ذلك بقوله تعالى “و ليشهد عذابَهما طائِفة من المؤمنين” و ذلك لمنع تكرار الجريمة.. نحن مع تعاليم ديننا الحنيف و نوقن أن طلب ربنا و رسولنا بطلب العلم لم يكن من باب العلم لكن ليخدم خلقه سبحانه و يحفظ حقوق عباده و لا يجب أبدا أن نأخُذ بآراء لا تقدر دور العلم السليم فى خدمة العباد و إلا سنعود للحج بالجمل و منع نقل الأعضاء و تحريم الملعقة و كل أداة لم تكن موجودة فى عصر رسولنا الكريم. إننى أرى ان عدم الإعتراف بتحليل الحامض النووى (DNA) فى إثبات النسب هو رِدة علمية و تاريخية بل و دينية للوراء و ضياع للحقوق.