محمود سعيد
بدأت عملية نهب مصر فور دخول سليم الأول القاهرة يوم الإتنين 26 يناير 1517. هجمت قواته على المنازل وطردت أصحابها ليسكنوا فيها، وهجموا على الجوامع واقتحموا الجامع الأزهر، وجامع أحمد بن طولون ومدارس القاهرة وأضرموا النيران في بعضها، وقاموا بقتل الكثير من الأهالي الذين امتلئت بجثثهم شوارع القاهرة ومصر القديمة، ويقدر عددهم بحوالي 10.000 شخص. نهب العثمانيين الغلال لإطعام خيولهم، ودخلو القرى وسرقوا مواشي وطيور الفلاحين. ويحكي ابن إياس، الذي عاصر الأحداث، أن العساكر العثمانيين كانوا جوعى وشرهين، وكانوا خشني الطباع وقليلي الدين، وكانوا غير منظمين وأنهم كانوا يوقفون الناس في الشوارع ويقايضون الأفراد على حياتهم مقابل مبالغ مالية يحددوها، وأضاف: وأصارت أهل مصر تحت أسرهم” وإن “انفتح للعثمانيين كنوز الأرض بمصر من نهب قماش وسلاح وبغال وعبيد وغير ذلك من كل شيء فاخر، واحتووا على أموال وقماش ما فرحوا بها قط في بلادهم، ولا أستاذهم الكبير” وفك العثمانيون رخام قاعات القلعة وبيوت القاهرة ونهبوا الكتب والمخطوطات الموجودة في المدارس، وقبضوا على الصناع والحرفيين والتجار والموظفين وفيرهم، مسلمين ومسيحيين، وعدد من أعيان مصر ومشايخها وفقهائها، ورحلوهم إلى الإسكندرية، ونقلوهم بالمراكب إلى أنطاليا ومن هناك إلى القسطنطينية. غرقت بعض المراكب في الطريق، وكان منها مركب محمل ب400 مصري من بينهم جماعة من أعيان مصر. يقول ابن إياس عن هذا الموضوع: ” ولم تقاس أهل مصر شدة من قديم الزمان أعظم من هذه الشدة، ولا سمعت بمثلها في التواريخ القديمة “. في إسطنبول كان شاويشيتهم يحتالوا على مصريين من الذين أسروهم ونقلوهم إلى هناك ويقولون لهم أنهم سيهربونهم إلى مصر سراً وكانوا يأخذونهم وفي الطريق يسرقون أموالاهم وحاجاتهم ويقتلونهم ولا يبقى لهم أثراً. وقد فعلوا مثل ذلك بكثير من أهل مصر ممن كان بإسطنبول”
ظل سليم الأول في مصر حوالي 18 شهراً، وقضى تلك الفترة في ملذاته من شرب الخمر ومعايشة الغلمان المرد، على حد قول ابن إياس، وفي النهاية، جمع العثمانيون عدد كبير من سكان القاهرة وربطوهم بالحبال من أعناقهم وساقوهم قسراً ليقومو بسحب المكاحل النحاسية (المدافع)، التي كانت موجودة في قلعة الجبل، ليضعوها على مراكب في النيل لنقلها إلى إسطنبول. عين سليم الأول خاير بك نائب لهم في مصر، في أغسطس 1517، وفي سبتمبر خرج سليم الأول من بيت ابن السلطان قايتباي وهو يلبس قفطان أحمر في موكب تقدمه خاير بك والأمراء والعساكر العثمانيين وذهب للشام. ويقال أنه خرج من مصر ومعه ألف جمل محملين بالذهب والفضة والتحف والرخام ومنهوبات كثيرة جمعها في فترة إقامته بالقاهرة.
كان الخليفة العباسي المتوكل على الله وعائلته ممن نُقلوا للقسطنطينية، وسلب العثمانين منه الآثار النبوية، وهي البيرق، والسيف والبردة، ومفاتيح الحرمين الشرفين ونقلوهم إلى القسطنطينية مع بقية المسروقات. بقنل الحرفيين والصناع من مصر قلت المصنوعات ويقال أنه قد اخفت 50 صنعة.