نصف عبير الآخر
بقلم عبير مدين
لست كاتبة محترفة فإني لا أكتب في موضوع لمجرد أن أطرح إسمي بشكل روتيني أو لمسايرة الأحداث، لكن لا يتحرك قلمي إلا إذا ظهر على الساحة موضوع إستفز مشاعري و أثار عقلي ليعبر عما يدور في دهاليزه.
وجهة نظري كمواطنة تختلف كثيرا عن وجهة نظري كسيدة قررت أن تدخل معترك السياسة وتخوض الإنتخابات البرلمانية يوما، تجربة لم تكتمل لكن جعلت مني شخصيتين.
الشخصية الاولى هي مواطنة مصرية من الطبقة المتوسطة تعيش في حي شعبي كأي سيدة مصرية عاملة تنتظر الراتب نهاية كل شهر وأحمد الله أن لي مصدر دخل حتى وإن لم يحقق لي ولأسرتي كل ما نحلم به مقابل القراءة والكتابة.
كتابة الرواية على وجه الخصوص أرى منها إنجازات الحكومة في الحي الذي أقطنه ومن خلال الطرق التي أسافر عليها أو أسير إليها بصفة يومية، أقرأ في الصحف عن إنجازات الحكومة من خلال المبادرات الصحية أو المعيشية وهذا يجعلني كمواطنة ليس لديها مشاكل قوية أشعر لحد ما بالرضا.
أما الشخصية الثانية فهي شخصية السياسية وهذه الشخصية تختلف كلياً فيجب أن أضع نفسي مكان أبسط إنسان في محافظتي بل في الدولة يجب أن أشعر بمعاناته حتى لو كانت لا تمسني من قريب أو بعيد.
شخصية السياسي من وجهة نظري يجب أن تكون ملمة بالحد الأدنى من الثقافة في كل المجالات حتى يستطيع أن يبني وجهة نظره في أي قضية على أساس، ويجب أن يكون لديه حس أدبي لا ليقول خطب يدغدغ بها المشاعر فيتبعه قطيع من البشر ويتركوا عقولهم له يحشوها بأكاذيب و أباطيل لكن ليكون لين الحديث مع الناس ويحتوي الثائر والغاضب والمعارض لرأيه منهم.
ولأننا في بلد للأسف بها مجالس نيابية غالبية من فيها ليسوا من السياسيين المحنكين ولا يدركون الدور الذي فوضهم به الناس من خلال الانتخابات فيجب أن يكون هناك صوت ينقل صرخات المهمشين و البسطاء.
الأمانة تقتضي أن يكون صوتي كمشروع نائب برلماني هو صوت هذه الطبقة التي تغمرها المشاكل و المعاناة.
فقراء ذوي دخل بسيط كمجداف مكسور لزورق في بحر الأسعار الهائج، هذا الفقير لا يعنيه القطار السريع ونقلته الحضارية ولا القصور الرئاسية ولا الطرق السريعة.
فهو عندما يجوع لن يأكل هذا الأسفلت اللامع وعندما يريد أن يمارس حقه الطبيعي في الزواج و الانجاب هو لن يسكن في العاصمة الإدارية ولا تلك القصور الرئاسية لكن يحلم بأربع جدران تحفظ آدميته لا يحلم بشقة تمليك لكن حلمه أن يجد إيجار مناسب لدخله المتدني، يحلم أن يجد فرصة عمل براتب يحفظ ماء وجهه من سؤال الناس لا أن يفقد حياته في عرض البحر وهو مهاجر هجرة غير شرعية.
العديد والعديد من المشاكل كادت أن تقضي على طبقة كاملة من المجتمع وتسقط طبقة أخرى مكانها.
عندما أعارض فكرة أو ما تراه أنت إنجاز ليست سوداوية مني، لكنني أنقل مشاعر المتضررين وإلا عليا أن أنسى فكرة أن أكون نائب للناس.
إن كنت غير متضرر وترى الدنيا وردي فلا تسارع بالهجوم وسب المتذمر أو مطالبته بالصبر فأنت لا تعلم بظروفه ولا بالضغوط الواقعة عليه.