ميزان الشكر … وفنون الكلام الطيب
بقلم – د. سمير المصري
ميزان الشكر … وفنون الكلام الطيب
رد الجميل فن من فنون الكلام الطيب، يبين مدى تقدير وحب واعتزاز الشخص لمن قام بفعل شيء مميز له. وأفضل الكلام يكون مختصراً مفيداً لكن ذو أثر بالغ ومؤثر في الشخص الذي يقال له ،
كلام رد الجميل والعرفان أحد أمور التربية الأصيلة التي يغرسها كل فرد في أبناؤه .
ما هو أفضل كلام عن رد الجميل ؟
كيف نرد الجميل إلى أهله ؟ وكيف نعترف بفضل كل صاحب فضل ؟ وكيف نلتزم بالخلق الحسن ونقدم الشكر لكل من ابتسم في وجهنا وقدم لنا معروفا أو هدية حتى ولو كانت وردة.. ؟
الإنسان الحق هو الذي يقوي علاقاته بكل المحيطين به ويكسبهم ويتعاون معهم ويدفعهم إلى حسن الخلق معه وتقديم المساعدة له.
وطريق ذلك كله هو حسن الخلق مع الناس وتقديم الشكر لهم، { من لا يشكر الناس لا يشكر الله } ، هذا التوجيه الكريم يلفت نظرنا إلى أن قيمة الشكر لها منزلة كبيرة وأهمية بالغة، لدرجة أنها إذا لم تتحقق في علاقات بعضهم مع بعض فإنها بالتالي لا تتحقق في علاقات الإنسان بالله.
فنحن مطالبون بأن نرد التحية على الأقل بمثلها أو بأحسن منها، وإذا أسدى إلينا أحد جميلا أو قدم لنا خدمة معينة قولا أو فعلا فإن الواجب يقتضي أن نقدم له الشكر على ذلك قولا أو فعلا حتى لو كان ما يقدمه لنا يقع في دائرة مسؤولياته وواجباته ، ولهذا شاعت على لسان كثير من الناس ردا على هذا الموقف عبارة لا شكر على واجب وهذا سلوك حضاري راق ينبغي أن يسود بين كل الناس .
ولكن للأسف كثيرا ما يضن الناس حتى بكلمة الشكر التي لا تكلفهم شيئا في مقابل ما يقدم لهم من خدمات ويستخدمون بدلا من ذلك كلمات لا تعبر عن الشكر والامتنان الذي يؤكد الصلات بين الناس ، أو لا نسمع منهم شيئا بالمرة، أو نسمع ما يدل على النكران وعدم الاعتراف بالجميل،
إن الاعتراف بفضل الآخرين علينا عندما يكون لهم فضل خلق كريم يجب علينا ان نتعلم ، والشكر هو وسيلة أو أداة الاعتراف بالفضل لأهل الفضل والثناء على المحسن بذكر إحسانه ،
وقد وضع الله في الإنسان موازين دقيقة ، يعرف بها مدى قوة إيمانه وثقته بنفسه ، ومن أبرز تلك الموازين، ميزان الشكر، فحين يحظى الإنسان بنعمة يتجه بالشكر للمنعم الوهاب ، ويرعى حقوق الله منها، ويقر بفضل الله عليه واثقا وموقنا من كل قلبه ، وحين يكون كذلك فهو قوي الإيمان، معتدل الشخصية ، فهو من أول وهلة يدرك حقوق هذه النعمة وما يجب عليه من شكر الله عليه .
وليس الشكر كلمات تتردد على اللسان فحسب، وإنما لابد مع إعلان اللسان الثناء والعرفان لصاحب النعمة من اعتقاد القلب وتصوره للنعمة، وشكر سائر الجوارح بمد يد العون والمساعدة لكل فقير ومحتاج .
الخلاصة
إذا كان متاحا …
حقوق الشكر ورد الجميل ليست قاصرة على جانب المال، وإنما هي كذلك سائر الجوانب الأخرى ، فإذا كان الإنسان في صحة وعافية شكر ربه عليها ، وساعد الضعفاء بها، وشارك في صنع المعروف ، ومناحي الخير والبر ،
وإذا كان في منصب او جاه أدى حقوق هذا المنصب و الجاه مساعدا للناس ، ومتواضعا معهم ، منتهجا منهج الحق والعدل ، فلا يحيد ولا يضن بجاهه أو منصبه على ذوي الحاجات ، ولا يستغل هذا المنصب في منفعة شخصية ، ولا يبطش بالضعيف ، وإنما يتخذه وسيلة إلى كل بر ومعروف.
أما إذا كان على درجة من العلم طبق بالعمل ، وازداد في علمه ، وعلم غيره وهدى الناس وأرشدهم إلى ما فيه صلاح دنياهم وأخراهم من غير أن يخالطه رياء ، أو حب في الظهور …
وهكذا الحال في كل نعمة ينعم الله بها عليه، ويؤدي واجب الشكر حيالها قولا وعملا، وتطبيقا وسلوكا.