من موبقات هذا الزمن
خالد السلامي
(لو دامت لغيرك لما وصلتك )حكمة ازلية خالدة لن يغيرها الزمن مهما دار ولن تؤثر فيها التكنولوجيا مهما تطورت ولاينقص منها ولايزيدها العلم مهما تقدم لان الدوام لغير الله محال والبقاء في نفس الموقع لن يستمر الى الابد فكم من ملك او زعيم او رئيس او متجبر كان يظن انه أمتلك كرسيه مدى الحياة فجاءته ريح بما لايهوى فصار أثراً بعد عينٍ ولنا في التاريخ من الشواهد ما لا يعد ولايحصى فمن قال انا ربكم الاعلى اغرقه ربه الاعلى ومن ملك من المال ماإنَّ مَفاتحه لتنوء بالعصبة أولى القوة فصار مضرباً للأمثال عِبرَ الاف السنين خسف الرزاق به الارض بعد ان انكر أن الرزاق هو الله وقال انما أُوتيتَهُ على علم مني ، وكثيراً من الملوك والزعماء الصالحين والطالحين قد دار عليهم الزمن عبر التاريخ ولم يدمْ لهم عزٌ ولامجد بل وحتى الانبياء عليهم الصلاة والسلام كلٌ أدى رسالته ورحل ، فكيف بتلك المناصب التي تزال بشخطة قلم ربما من حيث لا يحتسب أصحابها وخصوصا في هذا الزمان الذي تَسَلَطَ فيه ناسٌ على ناسٍ مما جعل صاحب المنصب لايأمن على كرسيَهُ لأنه يتوقع انْ يأتيه موجٌ أعلى من موجهِ فيزيحه مابين غمضة عين وانتباهتها ولنا من الامثلة الكثير.
ومن موبقات هذا الزمن انك تجد وقار الكبار في السن يقف يتذلل امام جبروت الشباب الذين خدمتهم الظروف لِأَن يكونوا مسؤولون وأن يكون اصحاب الخبرة والمعرفة والإختصاص في غير محلهم وان كان في محلهم وليس لهم من أَحدٍ يسند ظهورهم فسيكونون تحت رحمة مسؤول لايعرف شيء عن مهام وتخصص موقعه شيئا لِأنه لن يأتي لمكانه عن طريق الخبرة والإختصاص وإنما صعد إليه بعلاقاته وارتباطاته وانتماءاته.
فرفقاً ياشبابنا المسؤولين بأهل الشيبة والوقار والخدمة الطويلة ولانقول أصحاب الخبرة والإختصاص لِأَنهما لم يبقَ لهما أيةِ مكانة في زمان الوصولية والمحسوبية الذي نعيشه وتذكروا فقط تلك الحكمة العريقة التي تقول لودامت لغيرك لما وصلتك ، فما طار طير وارتفع إلا كما طار وقع فإجعل من وقوعك إنْ حصل أنْ يكون مأسوفاً عليه حُباً بك ولا تجعله مصدر فرحٍ لمعيتك وجمهورك .