بقلم : عبدالهادي سمير زكي البحيصي
أن الدور التاريخي والسياسي والعسكري الملقى على عاتق مصر في التاريخ الحديث لرفع شأن الأمة العربية ودعم الدول الشقيقة لهو دورً كبير تمتاز مصر عن غيرها من الدول العربية في حمل هذه الأمانة الثقيلة لأنها تعتبر المدافعة والحصن المنيع الذي نلوذ إليه على مدى التاريخ المعاصر،
مصر التي قدمت الكثير للإسلام وللعرب خاصةً ، وتعمق هذا الدور منذ ثورة 23 يوليو المجيدة التي فتحت أبواب التاريخ للعرب بقيادة زعيم الأمة جمال عبدالناصر الذي كان له دور بارز في دعم الثورات التحررية العربية وفي نيل استقلال العرب ، ومنذ ذلك الحين أسستَ السياسة المصرية على أنها الأم الكبرى للعرب ،
قبل أي وجود دولة كانت مصر الدولة ذو الحضارة القديمة التي تتميز بموقع جغرافي بين الشرق وأفريقيا ، وهكذا فرضت جغرافية إقليم مصر على مصر مفهوماً مصريا لأمن مصر ، أن مكانة التاريخ التي تحتلها مصر تدل على أن الغزاة تساقطوا على أبوابها ولقد حمت مصر سقوط الخلافة الإسلامية عدة مرات على مدى التاريخ ، ويقول جمال عبدالناصر في كتاب فلسفة الثورة أن العالم العربي هنا هو العالم المجاور أو المجال الحيوي لمصر ، وما إسرائيل بالنسبة إليها إلا خطراً توسيعاً يهدد حدود أقاليمها أو مصادر ثروتها ،
يجب أن نعطي مصر حقها اعلامياً وفكرياً لأبناء الأمة العربية في دورها لتحقيق الاستقلال للدول العربية ، والمصلحة هنا ليست مصلحة مصر فقط ولكن مصلحة الأمة العربية كلها بما فيها مصلحة مصر ، وبه يصبح إلغاء تجزئة الوطن العربي وإقامة دولة الوحدة تجسيداً لسيادة الشعب العربي على وطنه دوراً لمصر ، وبه تصبح المحافظة على ثروات الوطن العربي وتوظيفها في خدمة تقدم الشعب العربي كله اقتصادياً واجتماعياً دوراً لمصر وبه يصبح ثقل مصر في موازين القوة الدولية هو ثقل الأمة العربية وبه ننهي الخطر الإسرائيلي على أرض فلسطين الحبيبة ،
أن مصر المحاصرة سياسياً والتي منذ أن بدأ فيها الربيع العربي ( الماسوني ) يتوغل في مؤسسات مصر ويضعفها بدأت تفقد فيها مصر موازين قواها لمحاربة قوى الاستعمار ، يجب أن تفيق الأمة العربية التي لن تقم لها قائمة إلا بمصر الأم الكبرى للعرب ، ويجب دعمها بكل الإمكانيات والسبل والطاقات المتاحة من الشعوب العربية التي تدرك أهمية العمق القومي والاستراتيجي لمصر في العالم العربي ،
أننا نعرف تماماً أن المستعمرين يتمنون لو أنهم وحدوا الأمة العربية تحت سيطرتهم ، وأن أمل الوحدة العربية كان منذ القدم والدولة الوحيدة التي حاولت تطبيق الوحدة العربية هي مصر ،
أن لمصر دور هام وفعال في المنطقة في التعامل مع الكثير من القضايا والتحديات التي لم تشهد المنطقة مثلها من قبل ما بين إرهاب يروع وتدخلات خارجية شرسة وتحديات تنال من هوية الأمة واستقرار مجتمعاتها على نحو يستهدف الروابط بين دولها وشعوبها وتفكيك نسيج مجتمعاتها واستقطاب البعض وإقصاء البعض الآخر على أساس من الدين أو المذهب أو الطائفة أو العرق ،
أن مصر تسعى جاهدةً إلى ترسيخ علاقات الشراكة والتعاون مع الدول العربية رغم المؤامرات التي تدور حولها ورغم التحديات التي تواجهها ، وتحتل فلسطين مكانة خاصة لدى مصر وتحتل فلسطين الأولوية في سياسة مصر الخارجية حتى يحصل الشعب الفلسطيني على كامل حقوقه المشروعة وفقاً لقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية ، وعلى رأسها إقامة الشعب الفلسطيني دولته المستقرة على حدود الرابع من يونيو عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية ،
ويجب أن نكون واضحين في المصالحة الوطنية الفلسطينية أن مصر عليها الدور الأساسي والرئيسي لوحدة الشعب الفلسطيني ويجب على الفصائل الفلسطينية أن تجعل مصر قبلةً سياسية وحدوية تجمع أطياف الشعب الفلسطيني لأن القضية الفلسطينية بشكل عام يبدأ حلها من مصر التي لطالما تاريخياً خسرت الكثير لأجلها ، وفي نهاية الحديث لا يكره مصر إلا أثنين عدو أو خائن ، ويقول زعيم الأمة العربية الراحل جمال عبدالناصر ( اللهم أعطنا القوة ، لندرك أن الخائفين لا يصنعون الحرية ، والضعفاء لا يخلقون الكرامة ، والمترددين لن تقوى أيديهم المرتعشة على البناء ) ، حفظ الله مصر قيادةً وجيشاً وشعباً .