ما لا تعرفه عن قصور إسكندرية القديمة
كتب: عماد برجل
قصر محمد فيطر
وهو يعتبر من الآثار المعمارية الرائعة بالإسكندرية وهو مبني على الطراز اليوناني الروماني ويتراوح عمره مابين ١٢٠ إلى ١٥٠ سنة، ويقع بشارع السلطان حسين بمحطة الرمل- الإسكندرية، وبالقرب من المعبد اليهودي ومتحف الأديب اليوناني كفافيس.
القصر حالياً عبارة عن محل لبيع الأنتيكات وكان يملك المبنى في الأساس عائلة يونانية ولم يكن المبنى قد تم تعديله كما هو الآن، إنما كان عبارة عن مبنى سكني كغيره من المباني وكان يقطن به أحد المستأجرين وهو المهندس محمد فيطر الذي إشتراه من صاحبه اليوناني وقد كان صديق شخصي له وكان يعمل في ذلك الوقت في تجارة الدهانات، ثم بدأ في التفاوض مع السكان لإخلاء المبنى حيث كانت لهم الرغبة في الهجرة إلى اليونان موطنهم الأصلي، ونجح في ذلك.
توفي الوالد بعد ذلك وتفرغ الورثة للمبنى حيث سافر احمد فيطر إلى إلى أوروبا للبحث عن أفضل ديكورات وتصميمات خاصة بالمباني وقام بنقلها جميعاً إلى القصر حتى أصبح كما هو الآن، ثم إستطاع أن يدرج المبنى ضمن قائمة المباني الأثرية في الدولة حتى لا يتم إزالته مستقبلاً وليظل إسم والده محفور على المبنى إلى الأبد، وكما هو واضح لمن يشاهد المبنى من الخارج.
استطاع الورثة أن يحولوا القصر إلى مايشبه المتحف، حيث زينوه بتماثيل على الطراز البطلمي والذي يتماشى مع طابع عروس البحر المتوسط، بينهم على واجهة القصر تاج ملكي حفر عليه حرفين [F] و [M] وهي تعبر عن أول حروف إسم والدهم محمد فيطر تخليداً لذكراه وحرصٱ منهم على أن يشابه المتجر محلات هارودز بلندن، وقد تحول المحل بالدور الأرضي إلى متجراً لبيع الأنتيكات والتحف الثمينة والتي تناسب جميع الفئات والأذواق بداية من التماثيل المصنوعة من مادة ال” GRC” زهيدة الثمن إلى التماثيل المصنوعة من البرونز باهظة الثمن.
أحمد فيطر أحد أبناء صاحب القصر، يقول إنه مهتم بعرض التحف والأنتيكات داخل المتجر والتي تناسب جميع الفئات، بداية من التماثيل المصنوعة من مادة الـ”GRC” زهيدة الثمن إلى التماثيل البرونز باهظة الثمن، وقد نقشت في نهاية الطابق الأرضي قصيدة على لوح رخامي عن فن البهو؛ والمعروف أن البهو هو المكان الفسيح المخصص لإستقبال الضيوف.
أما الطوابق الثلاثة الأخرى – التي يمكن التنقل بينها بسهولة في مصعد أنيق فخم مطلي بلون الذهب وتغمره النقوش يعيد الزائر إلى الزمن الملكي- فلا يخلو جزء من أسقفها من الرسوم الزيتية التي تروي قصة أسطورية أو حكاية تاريخية. كذلك تطل منها تماثيل مجنحة تضاء ليلا بأضواء متلألئة كأنها تحرس قصرا ملكيا، وهي تزخر أيضا بالثريات واللوحات الزيتية العتيقة، وأما الطابق الأخير أو «سطح المنزل»، فيضم مجموعة من قطع الأثاث والتحف والتماثيل التي تصلح للحدائق والشاليهات وواجهات الفيلات، ليمثل المكان في النهاية قلعة أو معبدا تاريخياً يحمل داخل طوابقه وكل أركانه مايعبر عن الحضارات الفرعونية واليونانية والرومانية والصينية والهندية والمكسيكية، ليضاهي في روعته بعض كبريات المتاحف العالمية.
ويقول أحمد فيطر أن عائلة فيطر تؤسس أجيالا للعمل في مجال الأنتيكات والتحف، موضحا أن الجيل الثالث بدأ في التدريب هنا منذ نعومة أظافرهم حتى الانتهاء من دراستهم الجامعية لينضموا إلى فريق العمل، ويواصلوا رفع إسم الوالد عاليٱ.
وتابع محمود فيطر كلامه قائلا «المبنى كله للتحف والأنتيكات، ومنازلنا أنا وإخوتي لا تقل عنه، غير أننا قررنا أن يكون المبنى كله لخدمة زبائننا ولكي يستوعب هذه التحف، كما أن معظم اليونانيين والروس والإيطاليين يأتون خصيصا لتصوير المبنى، وفي الخارج يعتبرونه من أفضل المباني في الإسكندرية؛ وحقا جاء إلي زيارتنا أبناء بعض اليونانيين الذين كانوا يسكنون المبنى، ومنهم ستيليو اليوناني الذي كان مقيما في المنزل بشكله القديم وانبهر بشكله الجديد.
وتابع فيطر بفخر «العائلات المصرية ذات المستوى العالي كلها تأتي إلى هنا. وقديما كان زبائن المكان من الملكات والأميرات، وكنا نعرفهم فردا فردا، وأبرزهم الأميرة فوزية، والملكة ناريمان وزوجها الدكتور أدهم النقيب، وما زال ابنهما المحامي الشهير أكرم النقيب يأتي إلينا. كذلك يقصدنا مندوبو الأمراء والأميرات وكبار الشخصيات العرب. ومن الفنانين كان يأتي إلينا دائما الفنان عادل أدهم، وكانت روحه مرحة جدا وكان يغمر المحل بهجة، والفنان الراحل أحمد زكي.. وأيضا من زبائننا الدائمين الفنان السكندري سمير صبري ويأتي معه العديد من النجوم العرب والأجانب، وكذلك من النجوم عادل إمام ويسرا وسمير غانم ومحمود عبد العزيز ومحمد نجم».
وعن أكثر أنواع التحف رواجا في أوساط الأجانب المترددين على المتجر، أوضح «أنا أعرض على الزبون التقليد والأصلي وأترك له حرية الاختيار، وأؤكد له أن التقليد عمره قصير لكن الأصلي عليه ضمان. والأجانب بشكل عام يشترون أشياء شبيهة بمنتجات خان الخليلي، ويحبون الأشياء القديمة وليس شرطا أن تكون من مصر، لكنهم يشترون أي أنتيكات تعجبهم».
كلمة أخيرة هي أن محمود فيطر تعلّم من والده بعض أخلاقيات التعامل مع الزبائن التي يحافظ عليها حتى الآن، حتى إنه يدلل كل الزبائن ويعمل على راحتهم ويحرص على الإجابة عن كل تساؤلاتهم، وهو لا يبدي أي تأفف منهم حتى لو طلبوا أن يقوموا بمعاينة كل ما يضمه المحل من أنتيكات، وهنا علّق قائلا «الحكمة التي علمها لي والدي وأعمل بها حتى اليوم هي أن أي شيء أقدّمه للغير يردّ لي بشكل أو بآخر، وهو ما يجعل في رأيي للمحل زوارا من كل أنحاء العالم، يتهافتون عليه ليستمتعوا بهذا المتحف المتنوع الذي لم يدرج في أي خريطة سياحية».