كتب : عبده الشربيني حمام
لا تهدأ الساحة الفلسطينية بضعة أيّام حتّى يفجّر أحدهم قنبلة سياسيّة جديدة تشغل قنوات الإعلام وصفحات التواصل الاجتماعيّ لأيّام وربّما أسابيع. وقد بدأ التداعي الحرّ للأحداث المكثّفة والمتعاقبة منذ إعلان الحكومة الإسرائيلية الجديدة عن خطّتها المدعوّة بمشروع الضمّ و التي تقضي بفرض دولة الاحتلال لسيادتها على غور الأردن و مناطق من الضفة الغربية المحتلة. وكما هو معلوم، أعلن الرئيس أبو مازن قطع جميع العلاقات مع إسرائيل وبدأ مسار جديد أطلق عليه لفظ المقاومة الوطنيّة الشاملة.
و في حين استبشر البعض بهذا القرار واعتبروه القرار المناسب أمام لحظة تاريخية فارقة، توجّس البعض الاخر خيفة من تبعات هذا القرار الاقتصاديّة، نظرًا لاتفاقيات الشراكة الكثيرة القائمة بين السلطة الفلسطينية و دولة الاختلال , فحتى الساعة لازال النظام الاقتصادي و الضريبي الفلسطيني في تبعية مطلقة للنظام الاسرائيلي.
أمّا الآن و قد تغيّرت المعطيات السياسيّة مع اعلان دولة الامارات العربية المتحجة اتفاقها مع إسرائيل على عدم المضي قدما في خطة الضم كبند واضح في اتفاقية السلام المبرة بات من المنتظر أن يُعدّل محمود عباس من موقفه من الكيان المحتلّ. التقارب الأخير الحاصل بين الإمارات وإسرائيل، رغم الغضب الكبير الذي خلّفه، فهو يقتضي سحب الحكومة الإسرائيلية مشروع الضمّ، وبالتالي العودة إلى النقطة صفر مع فلسطين.
هذا و قد تحدثت مصادر فلسطينية عن تواصل بعض قياديّي فتح مع محمود عبّاس لإقناعه باستغلال الوضع الجديد لاستئناف مسار المفاوضات مع إسرائيل والعودة إلى المنطقة المحايدة قبل أن تخسر الضفّة الغربيّة الفرصة المتاحة أمامها.
هناك اليوم من يدفع محمود عبّاس لاستغلال المتغييرات من أجل الضغط على إسرائيل لتحصيل اكبر قدر ممكن من المكاسب و استرداد نزرا و لو قليلا من حقوق الشعب الفلسطيني . هذا المسار قد يعين الضفة الغربيّة على التقاط أنفاسها والتركيز على أزمة فيروس كورونا المتفشّي.
رغم الخلاف الشديد القائم بين فلسطين وإسرائيل، فإنّ اتفاقيات الشراكة الاقتصاديّة مهمّة جدّا للجانب الفلسطيني في هذه المرحلة , فلا يعني التنسيق مع إسرائيل التخلّي عن حقوق الشعب الفلسطينيّ العادلة والمشروعة، لكنّ الدفع للمواجهة معها في هذه الظرفية بالذات ليس الخيار الأنسب على ما يبدو.