كتبت : ريهام سمير
بدأت حكاية الطفلة الخارقة لينا عندما بدأت آلام المخاض بدأت تظهر على جسد الأم الثلاثينية غادة مدين، بشكل مفاجئ رغم كونها في الشهر الثامن، شعور القلق والخوف غلب على الفرحة المصاحبة لولادة طفليها التوأم: “الولادة كانت مفاجئة.. وكانت أول تجربة ليا”.
وضعت الأم طفليها التوأم وجاء الخوف في محله، فالرضيع يعاني من سرعة التنفس وشقيقته التوأم التي أسمتها “لينا” ظن الطبيب المختص بأنها لم تعش طويلًا، لذلك استقر الأطباء على وضع الرضيع بالحضانة في محاولة لإسعافه وترك شقيقته تصارع لوحدها: “كانت في حضانة فاضية.. بس قالولي كفاية عليكي ولد يعيش”.
أسرعت الأم في البحث عن حضانة تنقذ رضيعتها، وفي الوقت ذاته أدركت إصابة طفليها بفيروس دم، أيام قليلة وفارق الرضيع الحياة تاركًا ورائه آلام الحزن على رحيله والتمسك بالأمل لإنقاذ شقيقته.
أسابيع ثقال مرت على الأم الثلاثينية، لم تذق خلالها فرحة الولادة، رغم احتضانها لابنتها والخروج بها من المستشفى، لكن أمرًا ما ظل يؤرق راحتها، فالرضيعة لينا لم تعطي أي استجابة لحركة العين: “كنت حسا أن في حاجة غلط.. مش حسا أن عينها بتابع”.
رحلة من المعاناة بين أطباء شبكية العيون، قضتها “غادة” برفقة طفلتها لمعرفة ما أصابتها، ما بين السفر إلى بلجيكا لإجراء إحدى العمليات للرضيعة التي لم تدرك سوى المعاناة، والتردد على العيادات المختلفة لإجراء الفحوصات اللازمة: “بنتي كانت بتتخدر كليًا وهي كام شهر.. وأنا كنت مدمرة نفسيًا عليها.. عرفت بعد كدا أن الأطفال المبتسرين لازم يتعملهم كشف على العين”.
انتهت الرحلة المؤلمة بفقدان “لينا” للبصر: “سلمنا أمرنا لله” لتبدأ “غادة” مشوار جديد في البحث عن مراكز تأهيلية تمكنها من تنمية حواسها ومهاراها والتأقلم مع ممن حولها: “بقينا ننمي باقي الحواس.. بقيت اتكلم معها وأوصفلها كل حاجة.. بقيت أنا عينها اللي بوصفلها الدنيا”.
تنمية المهارات الحياتية للطفلة “لينا” المهمة التي حاولت الأم الثلاثينية تحقيقها: “هي مشيت متأخر.. ومعظم المهارات كنا متأخرين فيها.. لكن مع كل حاجة بتعملها كان في فرحة كبيرة”.
“رب ضارة نافعة” المثل الذي ينطبق على حياة “لينا” فرغم إعاقتها البصرية، لكنها برعت في مواهب عدة، كان أولها السباحة التي تمكنت من ممارستها وحفظ الجزء الأخير من القرآن الكريم، بالإضافة إلى ملكة الحكي التي سرعان ما أظهرتها: “هي بتحب تسمع القصص جدًا وتحكيها.. وبقيت أدربها على فويس أوفر”.
محطات أمل وأخرى يأس وحزن تقابلها الأم الثلاثينية مع طفلتها، التي بدأت تدرك معنى فقد البصر، فهي لم تمتلك القدرة على اللهو مع شقيقتها الأصغر وصديقاتها في الجري: “أكتر حاجة بتوجعني لما أشوفها مش قادرة تلعب معاهم”
بلغت “لينا” عمرها السابع وازدادات أسئلتها التفصيلية حول كل ما يحيطها، لتقابلها الأم بإجابات توضيحية: “بقت تسأل عن القمر شكله إزاي.. أو لون البحر.. بقيت أفهمها الحقيقة بأنها كفيفة وربنا خلقنا مختلفين”.
الرحلة لازالت طويلة أمام “غادة” التي تسعى لتحقيق طموحات ابنتها في اللعب وتنمية المهارات، لكن يبقى أمل بداخلها بوجود طفرة طبية لترد البصر لطفلتها: “بندعي وعندي أمل أن بنتي هتشوف.. ودايمًا بشوف قصة سيدنا يعقوب قدامي رحمة ومعجزة من ربنا”.