“سيبوني أعيش علشان خاطر أمي”.. كواليس مقتل “ضحية الآيفون” على يد صديقيه بالعاشر من رمضان
متابعة : محمود ابراهيم
لم يكُن يدري الفتى “محمد هالي” ابن الستة عشر عامًا، أن علاقة الصداقة والجيرة التي جمعته بـ”عواد” الشاب الذي يكبره بنحو خمس سنوات، ستكون هي نهايته، وأن الأخير لن يُقدر “العيش والملح” ليخون ثقته ويُنهي حياته ويمثل بجثمانه بعد مقتله، لا لشيء إلا لأجل الهاتف الذي اشتراه الفتى من حر ماله.
مقتل “محمد” لم يكُن في جريمة غرضها السرقة فقط كما يخال للبعض؛ إذ أنهى القاتل حياة المجني عليه بعدما أعطاه هاتفه وفتح له تطبيقاته عن طيب خاطر، بل واستعطفه أن يتركه لأجل رعاية أمه وإخوته بعد وفاة والده وتحمل المسؤولية منذ نعومة أظافره، لكن القاتل، لم يأبه لذلك أو يرق قلبه، وقتله شر قتلة، في تفاصيل تؤكد بشاعة الجُرم وسوء المُجرم، وهو ما تكشفه السطور التالية وفقًا لحديث عم المجني عليه
مع دقات الثالثة والنصف عصر الأحد 13 يونيو الماضى، كان “محمد” في طريقه إلى منزل أسرته، قبل أن يُصادف في طريقه جاره وصديقه المدعو “عواد”، ليعرض الأخير عليه توصيله، فيما كان في المقعد الخلفي بالسيارة نجل عم الجار وشريكه فيما سيحدث.
دقائق قليلة فصلت بين تحرك السيارة وتغير وجهتها بعيدًا عن منزل ووجهة “محمد”، فيما علّل “عواد” ذلك بأنهما سيقضيان مشوار مهمًّا، ليتبين في غضون لحظات أن وجهتهم هي “الغابة المتحجرة” أو ما يعرفه البعض بـ”أرض المزرعة” الواقعة على أطراف المدينة بالظهير الصحراوي، وهناك تبدلت ملامح “عواد” ليخلع قناع الصداقة والجيرة ويطلب من محمد هاتفه المحمول والشرر يتطاير من عينيه، قبل أن يؤكد حقيقة الأمر بطلب “الباسوورد” للهاتف، وهنا تيقن “محمد” من سوء نية صاحبه وخائن العيش والملح، لكنه استعطفه بلسان لا يعرف من المكر شيئًا: “خد اللي انت عاوزه بس سيبني أعيش علشان خاطر أمي وإخواتي”، وأتبع حديثه بإعطائه الرقم السري لهاتفه الحديث ماركة “آيفون” وتطبيقه المعروف “آي كلاود” -حسب حديث عمه-، لكن “عواد” ونجل عمه “سويلم” ترجلا من السيارة يُمسكان بتلابيب “محمد”، ودفعاه أرضًا قبل أن يأتي الأول بحجر “دبش” كبير الحجم هوى به على رأس المجني عليه لمراتٍ عدة ولم يتركه إلا وقد غير ملامحه وحاله من إنسان إلى جثة تهشمت رأسها، قبل أن يُكمل “المجرمان” جريمتهما بمحاولة دفن الجثة وسط الصحراء ظنًا بأنهما بذلك قد تخلصا من كل شيء.
عاد “القتلة” إلى مسكنهما، وبعد سويعات اتفقا مع أحد أهالي أصدقائهما، ويُدعى “عمر” على التوسط لهما في بيع الهاتف المعروف ثمنه بـ 25 ألف جنيه، بما يقل بنحو تسعة آلاف بالتمام والكمال عن الثمن الأصلي، فيما عرف الثالث بأن الهاتف حصيلة سرقة تعرض خلالها صاحبه للقتل.
على الجانب الآخر كانت أسرة “محمد” في شوارع مدينة العاشر من رمضان يبحث جميع أفرادها كبارًا وصغارًا عن أية خيوط تقود لنجلهم، قبل أن يعود العم الأكبر من قسم الشرطة بعدما عرّف أنه لا يجوز تحرير بلاغ رسمي باختفاء الفتى قبل مرور 24 ساعة على غيابه، لكن الجهود قادت كبار العائلة إلى أن آخر مشاهدة لمفقودهم كانت بالقُرب من سوبر ماركت شهير بالمنطقة القريبة من مسكنه ومسكن جيرانه، وأن من كان برفقته يُدعى “عبدالرحمن” ومعروف بين الجميع باسم “عواد” صديق المجني عليه وجاره.
بعد شد وجذب وتكذيب كبير من جانب “عواد” حررت الأسرة بلاغًا رسميًا في اليوم التالي لغياب نجلهم، وأخبروا رجال المباحث بما عرفوه خلال مدة غياب نجلهم، وكيف أن آخر من كان برفقته هو صديقه وجاره “عواد”، والذي حاول التنصل من الأمر برُمته وأخبر الجميع أنه ترك الفتى إلى جوار “السوبر ماركت”، لكن يقظة رجال المباحث الجنائية، بإشراف العقيد مصطفى عرفة، رئيس فرع البحث الجنائي بمدينة العاشر من رمضان، ورئاسة الرائد محمد أسامة، رئيس مباحث قسم شرطة أول العاشر من رمضان، ومعاونه النقيب علاء هندي، معاون مباحث القسم، تمكنت من كشف غموض الواقعة والقبض على المتهمين وشريكهم الثالث “عمرو” الذي أسهم واشترك في بيع الهاتف رغم علمه بأن صاحبه قد سُرق منه هاتفه وقُتل في سبيل ذلك.
وبعث هشام الدسوقي، عم المجني عليه، برسالة مفادها أن الجناة قتلوا المجني عليه عامدين متعمدين، قبل أن يؤكد أنه على ثقة تامة ومُطلقة في أن القضاء سيقتص لنجل شقيقه.
من جانبه، قال يوسف هشام الدسوقي، نجل عم المجني عليه، 21 سنة، طالب بكلية الهندسة، إن ابن عمه كان لا يتأخر عنه يومًا، قبل أن يشير أنه ورغم صغره عنه بخمسة أعوامٍ، كان دائمًا يستمع لنصائح “محمد”، منوهًا بأن المجني عليه قُتل غدرًا وأن نار قلوبهم لن تهدأ سوى بالقصاص العادل والناجز.
كان اللواء دكتور أيمن مطر، حكمدار مديرية أمن الشرقية لقطاعي الجنوب والعاشر من رمضان، تلقى إخطارًا من العميد أحمد العجوز، مأمور قسم شرطة أول العاشر من رمضان، يفيد بورود بلاغ من أسرة الشاب “محمد هالي محمد السيد دسوقي” عمره 16 سنة، مُقيم بدائرة القسم، تفيد باختفائه عن منزل أسرته منذ عصر الأحد 13 يونيو الماضى، وغلق هاتفه المحمول.
وتبين من تحريات وجهود فريق البحث الجنائي، بإشراف العقيد مصطفى عرفة، رئيس فرع البحث الجنائي بالعاشر من رمضان، ورئاسة الرائد محمد أسامة، رئيس مباحث أول العاشر من رمضان، أن وراء الاختفاء شبهة جنائية ومقتل المجني عليه على يد اثنين من أصدقاء المجني عليه وجيرانه، أحدهما يُدعى “إبراهيم” وشهرته “عواد” عمره 21 سنة، والثاني نجل عمه “سويلم” 19 سنة، واللذان استدرجا المجني عليه بحجة توصيله، وفي الطريق أنهيا حياته بضربه على رأسه بحجر كبير الحجم “دبش”، قبل الاستيلاء على هاتفه المحمول ماركة “آي فون” حديث، ومحاولة دفن الجثة التخلص منها واللوذ بالفرار.