قليلا من الأمل وكثيرا من الدعاء
فاطمة عبد العزيز محمد
للمرء مع نفسه أَسرار وأمنيات، وتطلع وطموحات، فما من عبد إِلا وقد طاف في هاجسه أَلوان من الأماني، تختلف صورها باختلاف أهلها وأحوالهم.
فالمريض يتمنى الصحة، والفقير يتمنى الغنى، والطالب يطمح للشهادة والوظيفة بعدها، هذا يتطلع للمسكن الواسع، وذاك يمني نفسه بالمركب الفاخر، وآخر تمتد عينه للمنصب العالي.
أماني وأماني لا تنقطع عن أهلها، وهم فيها ما بين مستقل ومستكثر، مستقل لا يقنع، ومستكثر لا يشبع، فـ”لَوْ كَانَ لابْنِ آدَمَ وَادٍ مِنْ نَخْلٍ، لَتَمَنَّى مِثْلَهُ، ثُمَّ مِثْلَهُ، حَتَّى يَتَمَنَّى أَوْدِيَةً، وَلَا يَمْلَأُ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إِلَّا التُّرَابُ” (رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّان).
وتكون أمنيات الإنسان لا حد لها ، لأنها تنبع من النفس، والنفس تشتهي وترغب، وتهوى وتحب، ولو تحقق لها كل ذلك لشاغلتها الشواغل، ولأصبحت هدفاً لمتع الدنيا وزخرفها، وأصبح دورها الانتظار لرغبة منتظرة، وأمل آت.
واعلم أيها الأخ الكريم إن أمر الله تعالى في تحقيق الأماني بمقدار ما فيه خير للإنسان إن آجلاً أو عاجلاً، لا بمقدار ما يرجوه العبد ويطمع به، فكم من مطمع أودى بصاحبه، وأضر به.
فالواجب على العبد أن لا يتضجر ولا يحزن لعدم تحقيق الأماني التي يتمناها بل يقول : الخير فيما اختاره الله فإن حصل المطلوب حمد الله وإن لم يتحقق المطلوب يحمد الله كذلك ، وليرجوه أن يكون صرفه خيراً له.
وصدق الشاعر حين قال :
ما كل ما يتمنى المرء يدركه *** تأتي الرياح بما لا تشتهي السفنُ
كما ان الأماني سلاح ذو حدين، فإن تمنى العبد الخير والمعروف، فهي حسنات صالحات، وإِن لم تعملها جوارحه، وإِن تمنى الإِثم والسوء فهي أَوزار فِي صحيفته وشقاء لم يعمله.
ومن هنا أخي الكريم لابد لنا أن نحول مسار آمالنا وطموحاتنا إلى ما هو نافع لنا في الدنيا والآخرة، كما يجب أن يكون المرء جادا في تحقيق ما تمنى، عازمًا للوصول إِلَى هدفه، أَما إِذا عدم الجد والصدق والعزم فما هذه الأماني إِلا خواطر بطالين، وإِذا تحلى العبد بالجد والعزم، وتدثر بالصبر والإِصرار، وصل بعد توفيق الله إِلى مبتغاه.