قراءة في الشأن الدولي
بقلم عبير مدين
مازلنا نتابع ما يحدث على الساحة السياسية والاقتصادية الدولية بعين القلق والغضب طوفان الأقصى الذي أنسي الجميع الازمة الروسية الأوكرانية.
فحتى الدول الغربية وجدت دعم إسرائيل اهم من دعم أوكرانيا فإسرائيل تمثل التواجد الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط والغرب يأتمر بأمر العم سام.
ولا يخفى على احد عمق العلاقات الاقتصادية والتجارية بين إسرائيل وتركيا التي تثير مخاوف أمريكا والاتحاد الأوروبي وتناور بين التزاماتها معهم كعضو في حلف الناتو وبين علاقاتها الجيدة مع الصين وروسيا وطموحاتها في العسكرية والسياسية لاستعادة مجدها العثماني لذا هناك محاولات لتقييد وجودها وتحييدها.
وإسرائيل بالطبع هي اللاعب الأساسي ومركز المشروعات الاقتصادية لأمريكا في المنطقة, وقاعدتها العسكرية المفضلة في الشرق الأوسط, وتقوم عليها جميع استراتيجيتها الاقتصادية ومعها اللاعب البديل اليونان العدو التاريخي لتركيا.
الخليج يحتاج دعما أمريكيا دائما في مواجهة إيران بأحلامها الطامحة للهيمنة على المنطقة وازاحة وإعادة امجاد الإمبراطورية الفارسية القديمة بعد ان احكمت قبضتها على سدة الحكم في أربع دول عربية وخاصة بعد استيلاء الحوثيين على اليمن.
وأمريكا استغلت هذا الخوف لتفرض على الخليج حتمية التعاون والتطبيع مع طفلها المدلل في المنطقة إسرائيل وقد حدث ذلك بالفعل فوجدنا دول الخليج تفتح ذراعيها للتطبيع بكل اريحية!
اما مصر فقد نجحت أطراف عدة إقليمية ودولية في جرها للأزمة الاقتصادية التي تعيشها الآن بعد ان زينوا لها طريق الاقتراض فأصبحت تعاني من سداد أقساط القروض في ظل عدم توفر العملة الصعبة وارتفاع سعره بشكل جنوني في السوق السوداء مع اتجاه المستثمرين نحو دول الخليج التي فتحت أبوابها على مصراعيه لإسرائيل.
كما تعاني مصر من ازمة سد نهضة الذي يهدد أمنها المائي وتحاوطها من كل حدودها ومع تدفق اعداد اللاجئين من دول الجوار ومن سوريا ربما انعطفت البلاد نحو عدم استقرار واعمال عنف قد تهدد اخر امل في تحويل البلاد الى واجهه سياحية وترفيهية بعد ان حاولت دبي والرياض سحب البساط من تحت قدمها!
ناهيك عن أنهم يحاولون في كل الأزمات تحجيم دور مصر الإقليمي وأبعادها حتى عن جهود الوساطة التي كانت تقوم بها
ففي حرب السودان الحدودية مع مصر كانت السعودية هي الوسيط التفاوضي، وفي ليبيا حاولت تركيا ان تفرض وجودها من قبل والآن في حرب غـزة الحدودية أيضا قطر هي الوسيط التفاوضي!
اما الهند شريكة روسيا عدو أمريكا اللدود المنضمة للبريكس بدأت تكشر عن أنيابها كقوة عظمى صاعدة؛ والهند عقلها مع شركائها في البريكس وقلبها مع أمريكا التي تدرك ما بينها وبين الصين من مشاكل سياسية واقتصادية قديمة ومستمرة.
فهي تحاول استغلالها وتستميلها أكثر بالتحالف الاقتصادي معها ومحاولة ربطها بحلفائها الأوروبيين والخليجيين بطريق الحرير الجديد المار بإسرائيل بدلا عن تركيا الدولة الآسيو اوربية وحتى تظل شوكة قوية في ظهر الصين التي تتوجس منها خيفة على اقتصادها الذي يتعرض لازمة شديدة رفعت على اثرها سعر الفائدة على الدولار 11 ضعف في عام واحد (من 0.5% إلى 5.5%) لتدارك أزمة التضخم الذي وصل إلى 9% العام الماضي!
أمريكا فرضت عقوبات اقتصادية على الصين لمواجهة الركود الاقتصادي في الأسواق الأمريكية ثم تبعتها أوروبا في ذلك فردت الصين عليهم بعقوبات اقتصادية غير مباشرة مثل رفضها استقبال واردات بعض الشركات الأميركية والاوربية وفرضت عقوبات على عدد من الشركات والافراد الاميركيين وكان منهم نانسي بيلوسي رئيسة الكونجرس الامريكي! فازداد الركود الاقتصادي للجميع!
وبعد صراعات وحرب اقتصادية أدركت أمريكا والصين مؤخرا أن العقوبات الاقتصادية المتبادلة ليست حلا بل المنافسة الاقتصادية بينهما بخطط ومشاريع اقتصادية عابرة للقارات قد تحسن الوضع الاقتصادي لكلتيهما.
الشكل العام يوضح ان الأمور باتت مصيرية وتتجه بقوة لتشكيل خارطة جيوسياسية جديدة للمنطقة وللعالم كله وميلاد تحالفات جديدة وهذه الأمور المصيرية والتحالفات لا تقبل المناورة أو أنصاف الحلول.
ومن هنا كان الضغط الأمريكي التي تحارب بشراسة كي لا تفقد هيمنتها على جميع الأطراف في المنطقة والجميع مطالب بالانصياع وإلا غرق في مشاكل وازمات قد تفقده منصبه، وقد قالها نتينيـاهو نيابة عن الولايات المتحدة الاميركية “إذا كنتم تريدون الحفاظ على مصالحكم فأصمتوا”.
لذا لا اظن ان يتفوه أحدهم بكلمة.