بقلم عبدالهادي سمير زكي البحيصي
زعيم بحجم أمة
من الخليج إلى المحيط من بغداد إلى صنعاء من القدس إلى الرباط وصولاً إلى نواكشوط علقت صورته في كل منزل وشارع ، من الصين الشعبية إلى فيتنام وصولاً إلى كوبا حتى تشيكوسلوفاكيا وقف زعيماً للأمة العربية والإسلامية و وقف قائداً لعالم الدول الثالث وداعماً للحركات التحررية الباحثة عن الاستقلال والحرية ، صدح صوته العربي بعد مئات الأعوام من سقوط الأندلس كأول ثورة عربية تحمل الفكر التحرري والقومي في سبيل أعلاء شأن الأمة ، قام وكافح وصال وجال وفكر لأجل فلسطين فإعلانها ثورة 23 يوليو كنموذج أساسي وإلهام للثائرين العاشقين على مستوى العالم ، فمن أين لنا بناصر جديد أحبته الشعوب العربية والإسلامية والشعوب المكافحة للتحرر من أجل الاستعمار فكان العنوان الرئيسي لزعماء الثورات التحررية العالمية ، دحر الهيمنة البريطانية على مقدرات وطنه وأمم قناة السويس وقام ببناء السد العالي وحارب الفساد وسعى للوحدة العربية وناضل لاستقلال اليمن والجزائر وليبيا وسوريا وكل الدول العربية ، وقام بمجانية التعليم حتى للفلسطيني المهجر من بلده ، ودخل العامل والفلاح في عهده البرلمان وأنهى حكم الباشوات ، وأرسلت البعثات الإسلامية الأزهرية لشتى دول العالم وجمع القرآن مسموعاً ليبث في التلفاز والراديو الذي هو أسسهما ، لم تشهد مصر في عهده فتنة طائفية ، وتم زيادة عدد المساجد في عهده ، وكان أكثر حاكم عربي مسلم وحريص على نشر التعاليم الإسلامية والعدالة الاجتماعية والمساواة بين الناس ، وفي عهده حارب أقوى منظمة عالمية ( الماسونية ) فأغلق نوادي الروتاري والمحافل البهائية ، ووصلت الفتاة لأول مرة في عهده إلى التعليم الديني ، وأنشأ إذاعة القرآن الكريم ، من الشعب وإليه جمال عبدالناصر الذي حقن دماء العرب والمسلمين وأنقذ الثورة الفلسطينية من الضياع وأنشأ منظمة التحرير الفلسطينية وقال أن فتح هي أنبل ظاهرة عرفها التاريخ ، وزادت الزراعة في عهده وأنشأ الالاف المصانع ، نزل إلى الشارع ليرى حال الناس وسعر غذائهم ، تواضع لله فرفعه ، هزم ثلاثة دول استعمارية في عدوان 56 فتكالبوا وتأمروا عليه ليوجع بنكسة 67 وليست هزيمة بل نكسة فأوجعهم بحرب الاستنزاف وأسس لنصر أكتوبر العظيم ، وقاد الأمة نحو تكوين أيديولوجية واحدة ، وكان يقف على طابور المخبز ليشتري غذائه بنفسه وأتهموه بجلب غذاءه من سويسرا وخرجت الملايين بمطالبته بالرجوع إلى قيادة الأمة بعد خطاب التنحي 67 ، وكان حلمه الوحيد دولة عربية واحدة وأساس هذا الحلم هو ( فلسطين ) كان يأكل كأي مواطن عادي ويفتخر بلابسه المصنوعة بأيدي مصرية ، ورفض السكن في قصر الرئاسة الرسمي وأصر على بقاءه في منزله العادي بحي المنشية ، وأقترض ليزوج أبنته وأن أي هدية كانت تأتي له من زعماء العرب والعالم يودعها في الخزينة المصرية لم يقبل جمال عبد الناصر الترف ، حينما توفى كانت تقريباً مصر دون ديون خارجية وترك مصر وهي متطورة أكثر من كوريا الجنوبية والهند ، وكان العدو الأول لإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية لأنه أسقط كل أحلافها في المنطقة وأسقط الهيمنة الاستعمارية ، وقدم نموذجاً تنموياً متحرراً من أصفاد البنك الدولي ، في حين شكلت نموذج الاصلاح الزراعي التي نفذها نموذجاً لكل القوى الثورية في العالم فتعلم منه جوزيف تيتو وفيديل كاسترو وأرنستو تشي جيفارا وهوشي منه ونيلسون مانديلا ، وقاد مجموعة دول عدم الانحياز في حين كان العالم يتبع قوتين وناصر كان القوة الثالثة ، لم يستسلم ولم ينكسر وحتى أخر نفس قاوم من أجل كسر الاستعمار ، وملايين من الناس رددوا ورائه الحلم العربي ولازال إلى اليوم بيننا يعيش بحلمه وصوته في قلب ملايين من العرب والمسلمين الأحرار ، ونادى بالقدس أولاً قبل أي شيء …..
وفاضت روحه الطاهرة في ليلة مباركة ليلة الإسراء والمعراج
يعيش عبدالناصر حتى في موته .