عيد النصر 23 ديسمبر في عيون الإنجليز
بقلم اللواء دكتور/ سمير فرج
مقالي الأسبوعي في جريدة أخبار اليوم السبت 21 ديسمبر 2024
أثناء دراستي بكلية كمبرلي الملكية في إنجلترا كنت أنتهز عطلة نهاية الأسبوع لقضائها بمكتبة الكلية
التي تحتوي على كنز من الكتب والمراجع والصحف اليومية المحفوظة في دواليب كبيرة إذ لم الحاسب الآلي قد ظهر بقدراته التي نعرفها اليوم.
وفي أحد الأيام قررت البحث في تلك الدواليب عن إصدارات الصحف البريطانية المعاصرة لحرب السويس
كما كان يطلق عليها في بريطانيا للاطلاع على كيفية تناولها من منظور الإعلام الإنجليزي
الذي طالما حث رئيس الوزراء البريطاني للهجوم على مصر واستعادة الوجود البريطاني في منطقة قناة السويس
بدءاً من بورسعيد والإسماعيلية حتى السويس.
إلا أنه مع بدء العدوان الثلاثي على مصر تغير شكل معالجة الصحف البريطانية لأحداثها.
فكانت المفاجأة الكبرى عندما فجرت مصر سفن القوات المعادية
في قناة السويس من جهة بورسعيد ففشل الأسطول البريطاني في دخول القناة.
وبدأت حكاوي غزو مدينة بورسعيد، وكيف نجح أهاليها في إبادة الدفعة الأولى من المظليين البريطانيين
في مطار الجميل وانهالت الانتقادات حتى وصلت إلى الاتهامات بالتقصير والغباء في التخطيط
من القيادات البريطانية في خطة غزو مدينة بورسعيد وهو ما أظهره حجم الخسائر التي ألمت بالقوات البريطانية.
وحتى بعد توقف القتال واحتلال المدينة، استمر الانتقاد اللاذع لسوء تقدير الموقف
حيث كانت كل تقديرات الجيش البريطانية تؤكد أنهم سيلاقوا ترحيبا كبيراً من أهالي بورسعيد
إلا أن الواقع خالف كل التقديرات، وفوجئوا بضراوة المقاومة الشعبية، وعملياتها الفدائية
التي كان منها اختطاف الضابط مورهاوس البريطاني ابن عم المليكة اليزابيث
وهو ما كان كارثة مروعة في التاريخ البريطاني كذلك تم اغتيال ضابط المخابرات البريطاني في بورسعيد.
وقد أكدت الصحف البريطانية نجاح غارات الفدائيين المصريين، على القوات البريطانية، كل ليلة
منذ بدء حظر التجوال، وحتى يوم الانسحاب في 23 ديسمبر من نفس العام 1956
وركزت الصحف البريطانية على أن الجيش البريطاني لم يلق هزيمة في تاريخه
مثل التي تلقاها في حرب السويس في مدينة بورسعيد التي خرجوا منها منكسي الرؤوس يوم 23 ديسمبر 1959 بعدما ظنوا أن يعودوا إليها بعد 72 عاماً.
كانت تلك شهادة الصحف البريطانية حول شجاعة وبسالة أهالي بورسعيد أمام العدوان الثلاثي
الذي استحق أن يفخر ببطولته في تلك المعركة العظيمة وأن يخلدها في وجدانه ويحيي ذكراها في كل عام على مر العصور.