كتب : محمد خضر
مرت بالآمس القريب ذكرى يوم عظيم من أيام الوطنية المصرية آلا وهو يوم عيد الجهاد وللأسف الشديد الكثيرون من المصرين باتوا لايعلموا شيئاً من هذه الذكرى الخالدة لهذ اليوم المجيد “يوم الجهاد ” ورأينا أن نكتب عن هذا اليوم ولكن ً الآجواء التى مهدت ليوم الجهاد وهى ذاتها أجواء كفاح شعب مصر عبر تاريخها الطويل
حكاية وطن وشعب عظيم أحتله المستعمرون من قديم الآزل وذهب المحتل وبقيت مصر رغم أنف كل من أحتلها شاهدة على كل عذاباتها و ألامها تعالوا نتعرف على القصة من البداية قصة يوم أسمه
( عيد الجهاد )
كانت مصر ترزح تحت الآحتلال البريطانى بعد أن تم أحتلال مصر فى العام 1882 وعلى الرغم من المقاومة التى أبداها العرابين و التى أنتهت بهزيمتهم فى التل الكبير بعد العديد من الخيانات التى تعرضوا لها ونتيجة للتفاوت الهائل فى قوة التسليح الآمبراطورى البريطانى فى مواجهة جيش تم تقليص عدد أفراده الى ثمانية عشر ألف جندى مسلح بما تيسر له من بقايا حروبه العظيمة و التى كان قد مر عليها دهر من الزمن إلا أن هذا السلاح قد بات قديماً ولم يدخل عليه أى شكل من أشكال التحديث أو التطور منذ هزيمة الجيش المصرى فى عام 1827 ثم تقليم أظافرمحمد على و الجيش و الدولة المصرية بأتفاقية 1840 وكذلك نتيجة لفارق الخبرة و نتيجة للآفراط فى الثقة فى عدو وعد فأخلف ” فردينال دليسبس ” ولخيانات على خنفس وسلطان باشا وأشباههم ممن لفظهم التاريخ وما عاد يذكرهم إلا بلقب ” الخونة ” وعلى الرغم من محاولات المقاومة التى قام بها الشعب المصرى ” جمعية الآنتقام ” فى أعقاب الآحتلال إلا أن هذه المقاومة تم كشفها وأودع رجالها السجن وأصبح الآحتلال واقع حال ولا سبيل للخلاص منه
ومع أندلاع الحرب العالمية الآولى و التى أنقسم العالم فيها الى قسمين ( المحور أو المركز وكانت تتمثل فى ألمانيا والآمبراطورية النمساوية و الدولة العثمانية و المجر وبلغاريا و بين الحلفاء وهم بريطانيا العظمى و فرنسا و إيرلاندا و الآمبراطورية الروسية ثم أنضم إليها فيما بعد كل من اليابان و إيطاليا والولايات المتحدة الآمريكية ) هذه الحرب التى أنطلقت بسرعة الصاروخ وكان كل سببها رصاصتان أطلقها شاب صربى على ولى عهد النمسا فأرداه قتيلاً لتشتعل الحرب بين الفريقين وتحصد أكثر من سبعة وثلاثين مليون قتيلاً من كلا الطرفين وتنتهى بأنتصار الحلفاء وسقوط ثلاثة أمبراطوريات هى الآمبراطورية النمساوية والتركية والآلمانية وتتهدم غالبية أوروبا ولايبقى فيها حجر على حجر وربما هذا يفسر اعداد الآوربين الذين لجئوا الى مصر بكثرة حيث أنها كانت من البلاد الآكثر أماناً رغم تأثرها فى هذه الحرب وأشتراكها ببعض القوات فيها لكنها كانت مستقرة الى حد كبير وأكثر أماناً من أى بقعة أخرى فى العالم
وفى 11 نوفمبر 1918 تنتهى هذه الحرب ويهلل العالم فرحاً بأنتهاء كابوس الموت التى عرفته هذه الحرب …..
13 نوفمبر 1918 ولماذا أصبح عيداً للجهاد …
كاذب كل من يقول أن مصر أستكانت لمحتل أو عدو وكاذب كل من يقول أن المقاومة المصرية أنقطعت يوماً عن جهادها ضد المحتل ولكنها كانت مقاومة يغلب عليها الطابع السياسى أكثر من الطابع المسلح وكان كلما خرج من وسط الجموع أحد الخونة كان الشعب يلقنه درساً لاينسى وربما قصة أغتيال بطرس غالى هى خير دليل على ذلك وبطرس غالى والذى كان يترأس الحكومة المصرية ” رئيس الوزراء ” و الذى أرتكب العديد من الخيانات فى حق الشعب المصرى ومنها على سبيل المثال
1- أشراك الآنجليز فى حكم السودان مع مصر ورفع العلم البريطانى على السودان بجانب العلم المصرى
2 – الآتفاق مع الآنجليز سراً على حق مد الآمتياز على قناة السويس أربعين عاماً لتنتهى فى عام 1968 بدلا من عام 1928 وبذلك يكون مهد لبقاء الآنجليز أربعين عاماً أضافياً
3 – ترأسه محكمة دنشواى وأصداره أحكاماً بالآعدام على بعض الفلاحين الذين لاحول لهم ولا قوة و جلد قطاع كبير منهم علناً أمام أهلهم وأولادهم وذويهم
4 – أصداره قانون النفى الآدارى ( و الذى بموجبه يجوز نقل أى موظف له أى ميول وطنيه الى مناطق بعيدة)
5 – أصداره قانون المطبوعات ( الرقابة على حرية الصحافة )
6 – وصفة الوطنية المصرية بالآوباش ” الرعاع “
وعلى الرغم من أنه كانت هناك مقاومة تمثلت فى الزعيم الوطنى مصطفى كامل و الذى كان عليلاً ومريضاً بمرض السل والذى شن حرباً ضروساً على الآنجليز فى هيئة معتمدها السامى وقتئذ ” اللورد كرومر ” وخاطب ضمير العالم الحر والتى أنتهت مساعيه بترحيل كرومر من مصر ولكن ظل الآحتلال يمارس طغيانه ضد المصرين بالآتفاق مع بطرس غالى الذى كره الشعب المصرى .
ويموت مصطفى كامل وهو فى ريعان الشباب متأثراً بمرض السل الرهيب ليحل محله الزعيم الوطنى محمد فريد و الذى فضح الآتفاقات السرية التى تمت بين الآنجليز وبطرس غالى بشأن مد أمتياز قناة السويس أربعين عاماً أضافية وقام بنشر نص الآتفاق فى جريدة اللواء التى أسسها مصطفى كامل وفضح كلا الجانبين ويتم تضيق الخناق على محمد فريد حتى يضطر للسفر خارج مصر الى ألمانيا ويموت هناك فقيراً معدماً بعد أن أنفق كل ثروته على القضية الوطنية .
ابراهيم الوردانى المنتقم
قولوا لعين الشمس ما تحماشى أحسن غزال البر صابح ماشيى “
من كل ما سبق كان الشعور الوطنى فى قمة الآحتقان والغضب وكانت القوة العسكرية البريطانية تسارع لقمع أى حراك شعبى وتعصف بكل من يتجرأ على نقض ما قام به بطرس غالى من خيانات متعددة مع المحتل البريطانى بل وسب الحراك الوطنى بوصفه بالرعاع و الآوباش
وفى ظهر يوم 20 فبراير 1910 تقدم شاب وسيم نحيف أنيق فى العشرينات من عمره له شارب دوجلاس ويضع وردة على عروة الجاكت الذى يرتديه ويمسك بيده ورقة تقدم بها نحو بطرس غالى أثناء خروج بطرس غالى من الديوان وبصحبته حسين باشا رشدى وزير الحقانية وأحمد فتحى زغلول بك وكيل الحقانية و عبد الخالق باشا ثروت النائب العمومى وأرمولى بك التشريفاتى بالخارجيه وتظاهر الشاب بأنه يرغب بتقديم مظلمة وعندما أستدار بطرس غالى إلى الشاب سقطت الورقة وظهر مكانها مسدس وقام الفتى بأطلاق الرصاص على بطرس غالى رصاصتان أصابت أحداهما فى صدره ثم عاجله بثلاثة رصاصات اخرى استقرت واحدة فى العنق و اثنان فى الكتف ثم طلقة سادسة اصابت عروة الجاكت الخاص ببطرس غالى على الفور تم القبض على الشاب مطلق الرصاص وتم محاولة أنقاذ بطرس غالى بفريق طبى من خمسة عشر طبيب ولكنه توفى فى اليوم التالى نتيجة نزيف حاد بعد أستخراج الرصاصات الخمس من جسده وفى التحقيقات مع مطلق الرصاص أعترف أعترافاً كاملاً بأغتيال كبير الوزراء بطرس غالى وكان مطلق النار هو صيدلى شاب أسمه أبراهيم ناصف الوردانى فى الرابعة والعشرين من العمر ولد يتيماً فكفله أحد أقربائه وهو ظفيل باشا وقد درس فى سويسرا علم الصيدلة وعاش بها عامان ثم سافر الى إنجلترا ودرس الكيمياء عام وحصل على شهادة صلاحية فى الكيمياء ثم عاد الى مصر عام 1909 وعمل صيدلى بها وكان يجيد الآنجليزية والآلمانية و الفرنسية بجانب اللغة العربية أنضم الوردانى الى الحزب الوطنى الذى أنشأه مصطفى كامل ثم الى جماعة التضامن الآخوى والتى كان شرطها أن المتقدم عليه أن يكتب وصيته قبل قبوله عضواً بها
أعترافات الوردانى المثيرة
أثناء التحقيق مع الوردانى أعترف الوردانى أعترافاً كامل بأغتياله لبطرس غالى
س / هل قمت بأغتيال كبير الوزراء المرحوم بطرس باشا غالى ؟
ج / نعم انا من قتلت كبير الوزراء بطرس غالى .
س / ولماذا أقدمت على أغتيال بطرس غالى ؟
ج /. لآنه خائن .
س / كيف قتلت كبير الوزراء ولماذا أتهمته بالخيانه ؟
ج / أطلقت عليه ستة رصاصات
الآولى …لآشرك الآنجليز أعداء مصر فى السودان ورفع علم بريطانيا بجانب علم مصر
الثانية …. لآنه أتفق سراً مع أعداء الوطن على مد أمتياز تواجد الآنجليز بقناةالسويس أربعين سنه بدون علم المصرين
الثالثة … لآنه حكم على الفلاحين بالآعدام والجلد فى حادثة دنشواى
الرابعة … لآنه وضع قانون النفى الآدارى
الخامسة … لآنه وضع قانون الرقابة على المطبوعات
السادسة … لآنه أهان الوطنية المصرية ووصفهم بالآوباش
س / هل كان لديك شركاء ؟
ج / لا نفذت عملية الآغتيال بمفردى ومن باعث وطنيتى وليس لدى شركاء
س/ هل لديك أقوال أخرى ؟
ج / نعم فليسقط الآنجليز وكل الخونه .
بهذا الآعتراف الواضح الصريح لم يجد المحققون أى سبيل أخر لآستمرار تحقيقاتهم مع الوردانى فالرجل قدم أعترافه كاملاً ولم ينكره وظل مصراً عليه حتى داخل أروقة المحكمة
ابراهيم الهلباوى
وصحوة الضمير المتأخرة
كان لحادث أغتيال بطرس غالى أصداء واسعة خاصة وأنها ثانى عملية أغتيال سياسى تتم فى مصر وكانت الآولى هى أغتيال الجنرال ” كليبر ” على يد شاب سورى يعيش فى مصر هو سليمان الحلبى و الثانية هى أغتيال الوردانى لبطرس غالى وقد وجد الآنجليز هذا الآغتيال فرصة مواتية لتنفيذ سياستهم المتعارف عليها منذ القدم ( فرق تسد ) فأشاعوا أن هذا الآغتيال تم تحت باعث دينى فالقاتل مسلم والمجنى عليه مسيحى مصرى وعلى الرغم من أعترافات الوردانى الصريحة الواضحة فى أثناء التحقيقات أنه أغتال كبير الوزراء لآنه ” خائن ” وأنه عدد أسباب هذه الخيانات و التى أسماها بكل طلقة أطلقها عليه ( ستة رصاصات بستة أتهامات ) واحدة منه فقط كانت تكفى لآغتياله ألف مرة لكن الآنجليز الذين أستشعروا أن هذا الآغتيال هو بداية صحوة جديدة للمصرين والذى قد ينتج عنه مقاومة مشابهة لجمعية الآنتقام فى أعقاب أحتلالهم لمصر ولذلك فقد أوعزوا لبعض عملائهم من المأجورين و الذين سيروا مظاهرة فى مصر وكان هتافها هو تسلم أيدين الوردانى قتل بطرس النصرانى وقد أدرك الشعب المصرى ومعه قياداته الوطنية لما يحاول الآنجليز من صنع فتنة طائفية فخرجت المظاهرات الوطنية لتغطى على مظاهرة المأجورين من عملاء الآنجليز وهى تصحح الهتاف ليكون
تسلم أيدين الوردانى قتل بطرس البريطانى وسرعان ما أصبح هذا الهتاف على ألسنة العامة والخاصة وأفشل المصريون الوقيعة التى حاول الآنجليز أن يوقعوا فيها الشعب المصرى
لم يعدم الانجليز الحيله أبداً وحولوا الدفة على بعض المسيحين المصرين الذين راحوا يروجوا أن باعث الآغتيال طائفى وليس سياسى فكتب بعضهم أخنوخ فانوس عدد من المقالات بهذا الرأى ورد عليه البعض بمقالات مضادة ولعل كان أشدها عنفاً ما كتبه مرقص باشا حنا دفاعاً عن الوردانى والذى كان محامى للوردانى مع مجموعة أخرى من هيئة الدفاع من المصرين والتى كان من ضمنها أشهر محامى فى مصر وأعظمهم من حيث قوة الحجة وفصاحة اللسان وعلمه الغزيربالقانون وهو ( ابراهيم الهلباوى نقيب محامين مصر بعد ذلك ) والذى رأى فى تطوعه للدفاع عن أبراهيم الوردانى شفاعة لدى المصرين من جراء جريمته الكبرى عندما وقعت حادثة دنشواى وأستغله الآنجليز وطلبوا منه أن يمثل الآدعاء على الفلاحين لكنه رفض فى الآول ثم لما ألحوا عليه ثانياً أراد تعجيزهم فطلب مبلغاً مهولاً من المال ( خمسمائة جنيه مصرى ) وهو مبلغ لو حول الآن فى عصرنا الحاضر لما بلغت عدد الآصفار نهايته وقد دهش الآنجليز من هذا الرقم المهول ولكنهم وافقوا عليه وهكذا سقط الهلباوى فى فخ الآنجليز وقبل أن يبيع أبناء دمه من الفلاحين فى دنشواى وترافع عن الآنجليز والتى أنتهت بأن حكم عليهم بطرس غالى بالآعدام شنقاً وعلناً و على جزء منهم بالجلد أمام القرية ومن هذا اليوم نبذ المصريون ابراهيم الهلباوى وأطلقوا عليه وصم عدو الشعب وهو وصم كريه لم يتحصل عليه إلا كل من أساء لمصر وشعبها أمثال ” إسماعيل باشا صدقى فيما بعد “
ولذلك فقد كانت هذه الحادثة بمثابة طوق نجاة لسمعة ابراهيم الهلباوى والذى تطوع مسرعاً للدفاع عنه عله يحظى بمغفرة الشعب ( والذى لم يغفر له أبداً ما فعله وظل بعد ذلك يكرهه الشعب المصرى رغم أن الله قد مد بعمره طويلاً حتى يعذب بما أقدم عليه من أرواح شهداء دنشواى )
…. محاكمة الوردانى …. المسلم يوجه الآتهام و المسيحى ينفيه
عقدت محاكمة لآبراهيم الوردانى وسط مظاهرات صاخبة تطلب العفو عنه لكن المحكمة العسكرية رفضت ذلك وتم عقد المحاكمة وتولى عبد الخالق ثروت باشا توجيه الآتهام الى ابراهيم الوردانى بصفته النائب العمومى وطالب بأعدام الوردانى ووصف بطرس غالى بالرجل الطاهر فرد عليه مرقص حنا المحامى المسيحى قائلاً ” وأنا بصفتى قبطياً أصرح أن حركتنا هى حركة وطنية مجردة و ما يتمم ترديده من إشاعات من تعصب إسلامى ما هى إلا من إشاعات الآنجليز التى يتبعونها ليبرروا المظالم التى يرتكبونها فى مصر ” وبهذا الرد الرائع تحدث مرقص حنا المسيحى المصرى ليرد على عبد الخالق ثروت المسلم
ولم يجد كذلك ابراهيم الهلباوى من دفاع بعد أعترافات الوردانى الصريحة الواضحة إلا أن يدفع بعدم الآتزان العقلى للوردانى لعله يجد له مخرجاً لكن المحكمة البريطانية لم تلقى بالاً لآى دفاع وحكمت بالآعدام على ابراهيم الوردانى ..
المفتى يرفض التصديق على حكم إعدام اراهيم الوردانى …
صدر الحكم بأعدام ابراهيم الوردانى فى 18 مايو 1910 وتم أحالة أوراقه للمفتى للتصديق عليها ، إلا أنه وفى مفاجئة كبيرة رفض المفتى ( الشيخ بكرى الصدفى ) التصديق على حكم الآعدام وذلك تأسيساً على تجاهل المحكمة لدفع ابراهيم الهلباوى فى المحكمة من عدم أتزان الوردانى عقلياً وكتب المفتى فى أسباب رفضه للتصديق على الحكم أن المحكمة أهملت دفعاً شرعياً هو عدم أتزان المتهم ( الوردانى ) وطالب بأيداعه أحدى المصحات العقلية لمراقبته ولم يلقى عدم تصديق المفتى الشجاع على قراره بعدم التصديق على حكم الآعدام ومن ضرورة أيداع الوردانى أحدى المصحات العقلية لمراقبته أى أهتمام من السلطة البريطانية و التى أعتبرت أن تصديقه هو أمر شكلى لايغير من واقع الحال وقررت الآستمرار فى تنفيذ الآعدام
الآجانب يتظاهرون من أجل الوردانى …..
من المفارقات العجيبة جداً أن الآجانب الذين كانوا يعيشون فى مصر وكانوا كثر فى هذا العام ( 1910 ) قد سيروا تظاهره كبيرة مطالبين بالعفو عن ابراهيم الوردانى ثم كتبوا عريضة أسترحام وقع عليها ثلاثة ألاف أجنبى بطلب وقف الآعدام إلا أن الآنجليز أدعوا فقدانها .
إعدام ابراهيم الوردانى وكلماته الآخيرة
فى يوم 28 يوليو 1910 فى تمام السادسة صباحاً تم قراءة منطوق الحكم على ابراهيم الوردانى وسألوه هل له من طلبات فرفع رأسه بشموخ قائلاً لا ثم طلبوا منه أطلاق الشهادة فقال بصوت عال
” أشهد إلا الله إلا الله و أن محمد رسول الله وأن الحرية والآستقلال من أيات الله “
وهكذا كانت أخر جمل ابراهيم الوردانى هى أن الحرية والآستقلال من أيات الله
الشعب يبدع فى وصف الوردانى و الإنجليز يحرمون أسمه
حزن الشعب المصرى كثيراً على أعدام ابراهيم الوردانى الذى قتل رجل خان مصر وباع روحه للآنجليز هو بطرس غالى الطاغية وقد بكاه العامة والخاصة وبينما بكت البيوت المتوسطه و الفقيرة ابراهيم الوردانى فقد قامت البيوت كبيرة الشأن التى أستقدمت ” بكائيات معدده ودورها هى العويل و التلفظ على من مات بكلمات تعبر عن حزنها وألمها للفراق
شهادة من البطل عريان يوسف سعد الى ابراهيم طلعت
ً المناضل الوطنى العظيم عريان يوسف سعد
( أحد أبطال ثورة 1919 و عضو التنظيم السرى للثورة واليد السوداء و المتهم بمحاولة أغتيال يوسف باشا وهبه فى أعقاب ثورة 1919 لمخالفته تعليمات سعد زغلول بعدم تولى أى مناصب فى ظل الآحتلال )
وقطعاً سنعود لسيرة هذا البطل فى …..
يقول عريان يوسف سعد
حزن المصريون كثيراً لآعدام ابراهيم الوردانى والذى أعتبروه بطلاً قومياً وكانوا يقتطعون صوره من الجرائد ويتلقفونها كما يتلقف الآطفال الحلوى وأصبح كل ما كان يرتديه من ملابس موضه فى هذا الزمان فبدلته المخططه عرفت ببدلة الوردانى ووضع الورده على عروة الجاكت موضه وشاربه الدوجلاس موضه وحتى حذائهالابيض و الاسود موضه وهكذا تحول الى أسطورة حتى أن الآنجليز منعوا تسمية الآولاد بأسم الوردانى حتى لايظل فى الذاكره وطلبوا من الصحف عدم ذكر اى أسم له ولاتنشر أى مقالات تحمل معلومات أو تشير إليه ، ويوم إعدامه غنى الناس أثناء تشيع جثمانه وأستطرد قائلاً ” كانت الناس تبكى بشده وكان الحر قيظ شديد و أفترشت السماء بأشعتها حارقة كل من تحتها وصرخت سيدة مجهولة وهى تنتحب بعد قولها يا ضنايا يابنى قولوا لعين الشمس ما تحماشى أحسن غزال البر صابح ماشى ثم أخذت فى تكرارها مرة تلو الآخرى وأعجب كل من يسير فى الجنازة بالسجع الجميل المعبر فراحوا يرددونها حتى صارت شعاراً وظل الناس يرمزوا الى ابراهيم الوردانى المحرم نطق أسمه بغزال البر “
أنتهت شهادة المناضل العظيم عريان يوسف سعد على قصة ابراهيم الوردانى ولم تنتهى القصة ، فى العام 1968 أثناء أعتقال الكاتب الصحفى صلاح عيسى مع الشاعر مجدى نجيب و الذى حكى عيسى لنجيب قصة الوردانى فأخذها الآخير وحور بعض الكلمات وصنع منه قصيدة غنائية رائعة كلما سمعناها شعرنا بالحزن والشجن و التى تغنت بها الرائعة شادية و التى كان مطلعها ” قولوا لعين الشمس ما تحماشى أحسن حبيب القلب ده اللى صابح ماشى ….إلخ وهكذا أعاد الشاعر مجدى نجيب أحياء قصة أبراهيم الوردانى من خلال غناء شادية وغنى شعب مصر كله الآغنية وهو لايعلم أبداً أن حبيب القلب اللى صابح ماشى هو البطل ابراهيم الوردانى
” غزال البر “
وتظل دائما مصر منتصرة أبية مرفوعة الرأس ضد أعدائها فى الداخل والخارج
تحيا مصر .. تحيا مصر .. تحيا مصر