عفوا لا أدري..!!!
بقلم الدكتور/ يسري عبد الغني .
نعم، وجب الاعتراف بأن الأدب والفكر الغربي بشكل عام قد قطع أشواطا مهمة حاليا (مقارنة بنظيره العربي)،
ولكن هذا لا يعني الوقوع في فخ تقديس كل ما هو غربي وتبخيس كل ما هو عربي،
توجد شريحة غريبة من القراء، ممن يعتبرون أن كل ما كتبه قاسم أو حسن أو عبد الرحمن أو غسان هو سيء ورديء بالضرورة (قبل مطالعته!)،
وأن كل ما كتبه جون أو مايكل أو ستيفن أو فريديريك هو خارق للعادة بالضرورة (بمجرد قراءة عنوانه!)،
أرجوك لا تكن منهم! الإبداع الحقيقي لم يعترف يوما بجنسية أو عرق أو طائفة صاحبه!
الشيء نفسه بالنسبة للبعض ممن يكتفون بالقراءة للعرب فقط (أو ربما ليس كل العرب، بل فقط أولئك الموافقين لهواهم الإيديولوجي)،
معتبرين أن كل ما كتبه الغرب (بلا استثناء) يدخل في إطار المؤامرة الكبرى
التي تستهدف ديننا وقيمنا وعاداتنا وتقاليدنا، أرجوك لا تكن من هؤلاء أيضا! لقد وهبك الله عقلا راجحا قادرا على التمييز بين
هذا وذاك، كما أن مواجهة “السطوة” و “التفوق” الغربي لا تكون بهذه الطريقة!
مشكلة البعض، أنهم بمجرد قراءتهم كتابين أو ثلاثة لنيتشه ودوستويسفكي أو
حتى كونديرا وسيوران، يعتبرون أنهم “فعلوا أو قاموا بما لم يقم به الأوائل أو قاموا بفتح عكا
كما نقول في أمثالنا ، أو أنهم بلغوا مرتبة عليا تسمح لهم بإطلاق الأحكام والسخرية من المبتدئين في المطالعة، خاصة فيما يتعلق بموضوع روايات
“السندويتش” معروفة العناوين، نعم نحن متفقون على أن هذه الروايات لا تعكس الصورة الحقيقية للأدب، كما أن سطحيتها تحرم مدمنيها من البحث
والتنقيب في مناجم “الذهب” الحقيقي، ولكن هذا لا يمنحك الحق عزيزي القارئ “المحترف” في احتقار هؤلاء أو الاستهزاء بهم،
ساعدهم، انصحهم، وبين لهم الفرق بين سطحية تلك العناوين وعمق أخرى، لكن لا تسخر منهم!
وتذكر في النهاية أن العالم والمثقف الحقيقي هو الذي يزيده علمه تواضعا، ولا يجد أي حرج في قول: “لا أدري!” أليس كذلك؟