(عظماء من زمن فات )ابن الباشوات ..أصابه بالصمم ..ولم يخرج فى جنازته أحد!
كتبت / صفاء مصطفى……
(عظماء من زمن فات ) سلسلة اسبوعية نتناول فيها قصة شخصية سينمائية من الزمن الجميل وشخصيتنا هذا الأسبوع
ولد في قصر يمتلكه جده اللواء محمود باشا رستم فى 25 مارس 1903في منطقة الحلمية وفي فمه ملعقة من ذهب، وكان جده من كبار ضباط الجيش، أما والده محمود بك رستم فكان من كبار ملاك الأراضي الزراعية، ولم يكن في أسرته من يحمل لقب أفندي..ولقب تشارلز لوتون،العرب...الفنان زكى رستم
عشق زكى رستم التمثيل منذ الصغر، وكان يخرج مع مربيته لمشاهدة الموالد وعروض الأراجوز، وعندما كان طالباً في المرحلة الابتدائية كان يذهب مع أسرته لمشاهدة العروض المسرحية التي تقدمها فرقة جورج ابيض
وفي أحد المرات شاهد جورج أبيض وهو يؤدي شخصية أوديب في مسرحية أوديب ملكاً، فعاد لمنزله وحاول استرجاع طريقة تمثيله، ولم يكتف بذلك فقط، إذ كان يجمع أصدقائه وأقاربه تمثيل الروايات معه في بدروم القصر،
وكان بطلا رياضيا أيضا،وكان يهوى رفع الأثقال،وحصل على بطولة هذه اللعبة عام 1923، ولم يكن التمثيل هوايته الوحيدة، إذ وفي العام التالي حصل على شهادة البكالوريا. كان من المفترض أن يستكمل دراسته لكلية الحقوق، طبقا للتقليد السائد فى العائلات الارستقراطية الذي يلزم أبنائها باستكمال دراستهم الجامعية، ولكن المفاجأة أنه رفض دراسة الحقوق، وأخبر والدته برغبته في أن يكون ممثلا، هنا ثارت الأم بشدة، وخيرته بين الفن والعيش معها، فاختار الفن وترك المنزل، فأصيبت الأم بالشلل حزناً على عمل ابنها بالتمثيل
.كانت بداية زكي رستم في التمثيل من خلال سليمان نجيب ، والذي كان والده صديقا لوالد زكي رستم، فقدمه ل عبد الوارث عسر الذي نجح في ترتيب لقاء مع جورج أبيض، وعندما رآه طلب منه أداء مشهد تمثيلي، وبعد نجاحه في أداء هذا المشهد بتفوق واضح، وافق على انضمامه لفرقته، حيث ظل يعمل فيها لمدة سنة ونصف تعلم خلالها الاندماج الكامل في الشخصية وهو الأسلوب الذي اشتهر به جورج أبيض،
وقد رفض زكي رستم خلال عمله مع جورج أبيض تقاضي أي أجر، فكان حبه للتمثيل يجعله سعيدا بممارسة هوايته دون مقابل، رغم أن الأجر المحدد له كان نحو 7 جنيهات، وهو ثروة بمقاييس هذا العصر، وقد ظل يعمل بدون أجر في فرقة رمسيس التي انتقل إليها بعد تركه فرقة جورج أبيض، إلا أن يوسف وهبى أقنعه بأهمية الاحتراف وتقاضي أجر،
وبالفعل تقاضى أول أجر شهري في حياته 15 جنيها، وكان من الأجور المميزة داخل الفرقة، حيث كان البطل الأول يحصل على 25 جنيها، وبعد عامين من عمله بالفرقة التحق بفرقة فاطمة رشدى وعزيز عيد،
وقد بدأ مع السينما الصامتة،و كان زكي رستم من الرعايا الأول الذي قامت صناعة السينما على أكتافهم، وظهر في فيلم زينب عام 1930، ومن المواقف الطريفة التي حدثت فى تصوير الفيلم – وتدل على خفة دم زكي رستم عكس ما كان يشاع عنه أنه متجهم وحاد المزاج – أن أحد المخرجين طلب منه في أحد مشاهد الفيلم أن يحمل زوجته المريضة بالسل،وبالفعل أدى المشهد، ولكنه لم يعجبه أداءه، وطلب منه إعادة المشهد ليكون أكثر رومانسية،
فغضب رستم لأن بهيجة كانت ثقيلة الوزن، فألقاها من يده على الأرض، وصرخ فى وجه كريم “اتفضل شيلها أنت”.
وبعد نجاحه في فيلم زينب، قدم مجموعة من الأدوار الصغيرة منها الضحايا الورة البيضا
كما برع زكي رستم في أدوار الشر، وساعدته ملامحه الحادة على إتقان هذه النوعية من الأدوار، وقد وصل درجة إتقانه أن الناس كانت تكرهه بالفعل، وتصوروا أنه فعلاً شرير، كما تميز أيضا في أدوار الباشا الارستقراطي فى العديد من الأفلام منها صراع فى الوادى ونهرالحب واين عمرى مع الفنانة ماجدة
ومن المواقف الشهيرة الآخرى التي تدل على أن زكي رستم يندمج في الشخصية التي يقدمها وينفعل بها ويتجاوب معها أنه أثناء تصوير فيلم الفتوة أصر على أن يدخل فريد شوقى ثلاجة الخضار التي حبسه فيها زكي رستم في أحداث الفيلم، وذلك لأن فريد خرج من مكانه في الثلاجة ليتابع الأداء البارع لزكي رستم، فلم يستطع زكي أن يواصل الأداء عندما لمح فريد خارج الثلاجة، وأصر على دخوله الثلاجة حتى يكتسب المشهد الصدق والفاعلية.
ظل زكى رستم عاذب رغم أنه شارك معظم نجوم السينما في أعمالهم، إلا أنه لم تكن له أي صداقات داخل الوسط الفني، وكانت علاقته بالممثل تنتهي عند خروجه من الإستوديو، فكان لا يزوره أحد ولا يدعو أحد لزيارته، كما عاش حياته عازفاً عن الزواج،
في أوائل الستينات عانى من ضعف السمع وقد أعتقد في البداية أنه مجرد عارض سيزول مع الأيام، وأنه بحفظه جيداً لدوره وقراءته لشفاه الممثلين أمامه قد يحل المشكلة، ولكن هذا لم يحدث، ففي آخر أفلامهاجازة صيف كان قد فقد حاسة السمع تماماً، فكان ينسى جملاً في الحوار أو يرفع صوته بطريقة مسرحية، وعندما كان المخرج يوجهه أو يعطيه ملاحظاته لا يسمعها، مما أحزنه كثيراً، حتى أنه في أحد المرات بكى فى الإستوديو من هذا الموقف.
وبعد انتهائه من تصوير الفيلم، هجر زكي رستم السينما والأضواء تماماً، وكان صديقه الوحيد كلب وولف يملكه، فكان يصحبه عندما يغادر المنزل لتناول الطعام في أحد مطاعم وسط القاهرة، ثم يعود لعزلته داخل البيت، وقد أصيب في أواخر أيامه بأزمة قلبية دخل على إثرها المستشفى التي مكث فيها أياماً عديدة حتى توفى فى 15 فبراير عام 1972 عن عمر يناهز 69 عاماً.ولم يمشى فى جنازتة أحد .