عتاب غزي
شعر: طارق فايز العجاوي
عَتبٌ عَلى الرُّوحِ
قَد جَاوَزتُ فِي العَتبِ
إنِّي أنَاجِي بِلادَ العُربِ
يَا بَلدِي
أنَادِي اهلِي
وإن كَانَت بَنادقهم
فِي ظَهرِيَ الغَضِّ
وَقسوَتُهم عَلى وَلدِي
وَماذَا سَيفعَل
مَن ضَاقَ السَّبيلُ بِِهِ
فَِلا مُغيثَ
وَعزَّ المسنَد السنَدِ!
نَعم .. تَصبّرتُ
حَتَّى مَلّ مُصطََبرِي
وَقد تَحمَّلتُ
حتَّى ملّ بِي جَلدِي
وأنتُمو .. وَعيُونُ
الرَبِّ تَرعَاكُم
.. لَا عِزَّتِي
أينَعت فِيكُم وَلَا كَمدِي
وَقد كَانَ لِي قَلبٌ
يُدمَى لِمحنَتِكُم
وَفِيهِ غَرستُم
خَناجِرَكُم فَوا كَبدِي
عَتبٌ عَلى القَلبِ
قَد عَاتَبتُكُم أمَلاً
ظَنِّي بِكُم
أنِيسَ الرُّوحِ فِي جَسدِي
قَد قِيلَ عَنِّي
يَئِستُ مِن عُروبَتِكُم
كَلَّا وَحاشَى
فأنتُم فِي الدُّنا مَددِي
فَإن ظَلمَنِي عَدوِّي
لَا رَيب أصَارِعُهَ
وَخابَ ظَنِّي
بِأنَّكُم كَُُّلكُم زَرَدِي
قَد خَابَ ظَنِّي
وَهل أسرَفتُ فِي عَتبِي
فَفِيكُم النَّفس خَابَت
فَوا نَكدِي
عَتبٌ عَلى العَينِ
قَد جَاوَزتُ فِي عَتبِي
إنِّي رَصدتُ لَديكُم
حَاضِري وَغدِي
أقسَمتُ أنِّي
رَأيتُ الصَّادِقينَ همُ
واخَيبَتِي
لِى مَا دَارَ فِي خُلدِي
عَلِمتُم بِأنِّي
ألاقِي المَوتَ مُنعَزِلاً
وَحدِي كَسِيراً
وَأنتُم عَقربَا بِيَدِي
وَحيَةً بِلبَاسِي
فَليتَ مَن وَلدَت
أبآءَكُم وَأبِي
للآنَ لَم تَلدِ
يَا حَيف.. يَبقَى
أبنَاءَنا وَمَا نَزفُوا
جُرحَاً عَمِيقَاً
يُحاكِي فِيكُمُ العَقَدِ
لَم يَحمِلُوا عَليكُم
فِي قُلوبِهم حِقدَاً
فَماتُوا
دُونَ مَن فلّ وَلَم يَذُد
أسَفي بَنِي عَمِّنا
قَد هَدَّنِي الوَجَعُ
خَوفِي بِخَيمَتِكُم
حَتَّى عَلى عَمدِي
تَظلُّونَ أنتُم
حَتَّى فِي العَطا بَددَاً
كَأنَّكُم مَوتَى
فِي كَوكَب بددِ
أقسَمتُ لَو أنِّي
لَمحتُ بَارِقَةَ أمَلٍ
لَديكُم
لاستَرَحتُ وَانطَفأ حَردِي
عَلِمتُم
بِمعقَل الأحرَارِ تَكسِرَه
أيَادِيكُم
مَع السَّفاحِ وَهُو نَدي
عِشنَا سِنينَاً
نَشُيدُّ المَجدَ نَرسُمهُ
وَكلُّ مَا شَِدَّنَا
قَبرنَاهُ للأبَدِ
هَل بَعدَ هَذا ؟!
نُبارِكُ سَعيَكُم أبَداً
يَا وَحشَةَ الرُّوحِ
مِن عَبدٍ وَمِن عُبدِ
كُنا الأوَائِل
فِي تَارِيخنَا أبَدَاً
فَيَا وَيلَكُم
قَد حَارَبتُمُ الرَّشَدِ
تَبا لأفعَالِكُم
تَبَّا لِهمَّتِكُم
أفعَالُكم كُلهَا
تَدعُو إلى الحَسدِ
أمَّا العُروبَةُ
فَقد خُنتُم عَراقَتَها
وَكانَتِ العِزَّ
للأعرَابِ مِن أمَدِ
وَالله
مَا هُزمنَا مِن قِلةٍ أبَدَاً
وَلَا طَلبنَا المَددَ
مِن قِلَّة العَددِ
أنتُم عَلِمتَم
بِأنّا دَائِماً مَددَا
وَما حَلُمنَا
بِانّا أهلَنا مَددِ
عَفوَاً أحبَّتنَا
ظَننتُ بِكُم خَيطاً
لِجُرحِي
وأضحَى غَيرَ مُنضمِدِ
فإنَّ قَسوَتُ
عَليكُم فِي مُراجُعتِي
فَلَا قَصدتُّ الأذَى
هَذا وَلم أردِ
حَسناً
إنِّي رَأيتُ القُدسَ بَاكِيةً
فَعاتَبتُكم
وَكلَّ النَّاسِ مُنتَقِدِ
عِشتُ المَخاضَ
مُلتَاعَاً مِن الوَجَعِ
لَم أطلُبِ الغَيثَ
أو أعتَب عَلى أحدِ
فَنحنُ
وَالوِدُّ وَالأشجَانُ مُجمَلهَا
وَجلَّ مَا جَيَّشُوا
فِي وَيلِ مُطَّردِ
أرَاقِبُ الوِدَّ مِن حَولِي
مُساقَطَةً
إحسَاسُ قَلبِي
بَسَهمٍ غَاصَ فِي جَسدِي
أمَّا فِلسطِينُ
فَقد كُنتُم بِسَاحَتِها
هَذا ثَراهَا الذَّكيُّ
منم سَالِف الأمدِ
وَالله يَشهَدُ
حَتَّى طِفلَها بَطلٌ
شِبلاً جَسُوراً
صَاغ الجدّ وَالجَلدِ
قَد قِيلَ وَحدَهُ
فِي سَاحِ الوَغَى
بَطلاً
أقُولُ كلا فَأهلِي جُلّهم مَددِي
فَإن تَكُن
وِحدَة الأعدَاءِ تَجمَعُهم
فَإن أبنَاءَ عَمِّي
كُلُّهم زَردِي
فَفِيمَ إذَاً
رَكضتُ العُمرَ أجمَعُهُ
دَماً
وَلمَّا اتَّقدنَا شَر متّقد
أنَّ الأوائِلَ
مِن أبنَاءِ جِلدتِنَا
كَانُوا عَلى حَقٍّ
وَأصبَحنَا بِلا رَشدِ
لَا نَهر كُنتُم
وَلا حَتى جَداوِلَهُ
وَلا قَناةً
وَلا مِن رافدٍ رفدِ
أنتُم سَرابَاً وَوهمَاً
كُنَّا نُدرِكُه
فِيكُم ظَنُّنَا المَددِ
فِي الذِّهنِ إذ شردِ
وخَيَّبتُ الظَّن
فِيكُم يَا أحبَّتنَا
شحذا ظننا بِكُم
كَالمبرد البَردِ
البَيتُ يُهدَم
إذَا أركَانُه وَهنَت
خِيامَكُم
فِيهَا خِفنَا عَلى الوَتَدِ
تَركتُ أهلِي ثَكالَى فِي
مُنازَلةٍ
مَع شَرِّ خَلقٍ
وَلم أرهن لَهم رَصدِي
أصَارِعُ الألَم القَاسِي
مُصَابَرةً
فَكُل رِماحِ الأرضِ
أنهَكَت جَسدِي
الصَّامِدُونَ همُ
فِي وَجهِ مَجزَرةٍ
حَتَّى لَو أجرَمُوا
أو حِقدَهُم يَزدِ
لَا وَلن نَركَع
لسفَّاحٍ بِدَوحَتِنَا
مَهمَا بَلغَ عِندهُ
نَزدَادُ فِي العِنَدِ
صُغنَا التَّمائِمَ
نَستَحضِرُ مَهَابَتَها
وَآيَاتٌ مِن كِتَابِ
الوَاحِد الأحَدِ
وَالمُعوِّذاتُ التِي
نَعلم جَلالتَها
وَهِي سوَرٌ
الفَلقِ وَالنَّاسِ والصَّمدِ
أستَصرِخُ العُروبَة
فِيكُم أنشِدُها
أن لَا تَكَونَوا
مَع الغَاصِب يَداً بِيَدِ.