علي حمدي أبوخوات
كنت وما زلت مقصرا في أداء فريضة صلاة الفجر، ولكن في الليالي القليلة التي يناديني فيها المؤذن لأداء تلك الصلاة وأذهب إلى المسجد، أرى العجب في جموع المصلين في الصف، ربما لا يطلق عليه صفا من الأولى، ولكن العدد الموجود خلف الإمام عبارة عن بعضا من المسنين الذين على وجوههم أثر الإرهاق والتعب من الإستيقاظ من النوم، وعدد قليل من رجال في العقد الرابع والخامس من أعمارهم.
أقف وأنظر حولي لا أجد شبابا أو أطفالا، ربما وجدت أحد الشباب قد أتى إلى المسجد كي يصلي ولكن سبب استيقاظه لم يكن لكي يصلي فرض ربه، بل استيقظ لأنه كان يجب عليه أن يستيقظ مبكرا كي يصل إلى عمله في موعده، وأحدهم استيقظ كي يلتحق بالقطار الذاهب إلى محل خدمته العسكرية، فكلا الشابين اتخذا ذهابهما إلى المسجد عادة وكي يضيعان بعضا من الوقت في الإنتظار، وهذا طفل كاد النعاس أن يقتله ذاهب مع أبيه إلى المسجد وهو متأففا من الإستيقاظ من نومه، فكل هؤلاء أراهم بعد أن يسلم الإمام التسليمة الأخيرة من الصلاة، يقفون في نفس اللحظة ويهرولون إلى الخارج وكأن العقرب قد لدغهم.
ولكن بعد كل هذا فأنا أتسائل!، لما لا يؤدي تلك الفريضة سوى الشيوخ والهرم، ماذا بينهم وبين الله كي يستيقظوا في هذا الليل الحالك، وفي البرد الشديد القارص، كيف يفعلون ذلك بكامل إرادتهم؟، وكيف يستيقظون وحدهم وعلى ما أظن أنهم لا يعلمون شيئا عن الهواتف والمنبهات، الهاتف الوحيد الذي يسمعونه هو هاتف من الرحمن يخبرهم بأنه يريدونهم للقاءه، فيجيبونه سمعا وطاعة يا مولانا دون أن تغلبهم وساوس الشيطان، ودون لحظة من كسل يقومون كما يقوم الفرس من مرقده، ويركضون نحو المسجد، لا يشغل بالهم شئ سوى ربهم، يستغفرونه ذهابا وإيابا، حتى بعد أن يسلم الإمام التسليمة الأخيرة، يجلسون يذكرون ربهم، ربما حتى مطلع الشمس، ويعودون إلى بيوتهم حامدين شاكرين ربهم على نعمه.
أين نحن من هؤلاء؟، وما سبب عدم استيقاظنا لأداء تلك الفريضة؟، رغم أن بها فضل عظيم عن باقي الصلوات، ودعني أخبرك أنك ستجد راحتك النفسية والعقلية حينما تصليها في جماعة وفي المسجد، الأمر لن يستغرق سوى ربع ساعة من كل الأوقات التي تضيعها في يومك، فلما لا تحاول!، لما لا تشجع غيرك على أدائها!، لما لا تشجعني إذا كنت محافظا عليها!،
شغلتنا أنفسنا ونسينا الله، الذي يحب أن يرانا واقفين بين يديه، خاضعين له وخاشعين، فاللهم إنا نسألك هداية لا نضل بعدها أبدا..