الكاتبة منى احمد الطاهر
مر شهران على خطبة محسن وياسمين شعرت خلالهما ياسمين ببعض الميل والإرتياح تجاه محسن وذلك من خلال شعورها بإهتمامه ولهفته عليها والسعى الدائم من ناحيته لإرضائها مع مراعاة بعض التحفظ منها فى مشاعرها تجاهه خوفا منها فى التسرع بالحكم عليه بالسلب أو بالإيجاب …
مرت الإجازه بكل ما تحمله من أحداث و بدأ آخر عام دراسى بين الصديقات بالمدرسه الثانويه وكن جميعا يبدين إستعدادهن بكل حماس لأول يوم دراسى يلتقين فيه ببعضهن بعد شهور من الغياب خلال الإجازه الصيفيه وكانت ياسمين هى بطلة ذلك اليوم حيث قامت الصديقات بإستقبالها بكل لهفه وهن يتسألن عن كيفية خطبتها وكيف تم ذلك ومن أين لها بذلك العريس بهذه السرعه وكثير من الأسئله المعتاده التى تداولها الفتيات فى تلك المناسبه و راحت ياسمين تقص لهم ما حدث معها وكيف أنها لم تصدق حتى الآن إعجاب محسن بها بهذه السرعه وأنه من يوم خطبتها له وهو يشعرها بأنها ملكته المتوجه على عرش قلبه وهى أيضا بدأت تحس ببعض المشاعر الإيجابيه تجاهه ولكن هناك شعور خفى بالحزن يتملكها من حين لآخر ولا تستطيع السيطره عليه ولا تعرف له تفسير وسط حب محسن الكبير لها مما جعلها فى حيره من أمرها وتتسائل كثيرا إذا ما كان محسن يخدعها ويخفى شخصيته الحقيقيه عليها حتى توافق على زواجه بها أم أن هذا كله ليس سوى أوهام تفسد عليها فرحتها … فقابلت الصديقات تلك التساؤلات المتشائمه التى تصحبها نظرات حزن من ياسمين بالمزاح والسخريه وقالوا لها ( بأنها فقريه وتستكتر الفرحه على نفسها بهذه الخوزعبلات الوهميه ) وباركن جميعا خطبتها وتمنين منها أن تطلق العنان لنفسها لتنهل من ينابيع السعاده التى تنتظرها مع ذلك الخطيب الذى تتمناه الكثير من الفتيات …..
وبدأن رحلتهن الشاقه فى تحصيل الدروس والمذاكره وكل منهن على أمل بأن تحصل على المجموع الذى يؤهلها للإلتحاق بالكليه التى تريدها
وبينما ياسمين مشغوله بالمذاكره فى حجرتها دوت صرخه قويه من تحت نافذتها وهرولت مسرعه لتستكشف الأمر وإذا بها ترى السيده مرفت جارتهم تجرى وتصرخ وتنادى على طفلها كريم البالغ من العمر سنتان الذى أختطف منذ لحظات حين إصطحبه أخيه الأكبر عمرو ليشتروا بعض الحلوى من السوبر ماركت المجاور لمنزلهم وبينما عمرو يحاسب صاحب السوبر ماركت وفى أقل من دقيقه تلفت حوله ولم يجد كريم حوله وخرج مهرولا يبحث عنه ولكنه لم يجده فذهب إلى المنزل ليخبر والديه بما حدث وتعالت الصرخات والكل يبحث عن كريم دون جدوى
فزعت ياسمين لما رأت السيدة مرفت تكاد تجن وتجوب شارعهم وكل زقاق به فى لمح البصر وتصرخ بأعلى صوتها مناديه إبنها كريم الذى لا يوجد له أى أثر وفجأة إنهارت الأم و وقعت مغشيا عليها وألتف حولها جيرانها وهمت ياسمين مسرعه هى وجميع أفراد أسرتها ليقفوا مع مرفت ويبحثوا معها عن كريم وجابوا كل الشوارع المجاوره وبحثوا فى كل المنطقه ولم يجدوا له آثر وأستقل الكثير من الباحثين عنه سياراتهم وأنطلقوا مسرعين ليفتشوا عنه فى كل مكان وأنقضى يومان على البحث والتحرى عنه دون نتيجه وأخيرا أبلغوا الشرطه بما حدث وقامت الشرطه بإستدعاء كل المشتبه فيهم فى هذا الأمر وبذلوا قصارى جهدهم ليتمكنوا من إيجاد كريم ولكن الخاطفين دبروا الأمر بعنايه شديده ليصعب على آى أحد الإقاع بهم
وفقد كريم مثله مثل كثير من الأطفال المخطوفين ولم يتم العثور عليهم … وكان لهذا الحادث الآثر الأكبر على إختيار ياسمين لكلية الصحافه والإعلام التى أثرت على الإلتحاق بها لتتبنى هذه القضيه من خلال وسائل الإعلام المتعدده
وكانت من حين لآخر تطمئن على جارتها مرفت التى داهمها المرض ولزمت الفراش حزنا على طفلها المفقود بينما والده وشقيقه أقيموا فى شوارع المحافظات بحثا عنه ولم يعد لمرفت أحد يهتم بها فى مرضها سوى الجيران وبعض الصديقات … وعلى الجانب الآخر كان الطفل كريم المفقود محتجز بأحدى الشقق مع بعض الأطفال المخطوفين مثله … وهى وسيلة شيطانية من الخاطفين بأن يحجزوا الأطفال لمدة سنتين أو ثلاث سنوات ليكى لا يعثر عليهم أهلهم مهما بحثوا عنهم ولكى ينسوا الأطفال أهاليهم ويعتادوا على حياتهم الجديدة مع هذه العصابة المنزوع من قلوبهم الرحمة وبعد ذلك يقوموا بتوزيع الأطفال بالمحافظات ليستخدموهم كوسيلة للتسول بهم …..
مرت الأعوام وتزوجت ياسمين من محسن وأنتهت من دراستها بالإعلام وبدأت رحلتها الشاقه فى تبنى قضية خطف الأطفال وساعدها محسن وشجعها على ذلك وكانت تريد فقط بأن تمسك بالخيط الذى يوصلها للمعلومات عن العصابات التى تقوم بخطف الأطفال و فى ماذا يستخدموهم ويستفيدون منهم وبعد رحلة بحث طويله توصلت ياسمين للمعلومات الخطيره التى تؤكد لها بأن هناك شبكه عصابه كبيره على مستوى جميع المحافظات تقوم بالتخطيط الدقيق لسرقة الأطفال والإتجار بهم فمنهم من يقوم ببيع الأطفال ومنهم من يبيع أعضائهم والكثير منهم يستخدمهم فى التسول وكسب الأموال الكثيره من خلالهم
وسلطت الضوء فى برنامجها التليفزيونى على هذا الموضوع الخطير ونوهت للمشاهدين عن عدم مساعدة المتسولين بالأطفال مؤكده لهم بأن معظم هؤلاء المتسولين يقومون بخطف الأطفال ليتسولوا بهم ويحرمون هؤلاء الأطفال من طفولتهم وحياتهم الأسريه مع أهلهم ويعاملونهم أسوء معامله بل وفى بعض الأحيان يقومون بحرق أجزاء من جسدهم ليستعطفوا بهم الماره فى الشوارع لجلب أكبر قدر من المال
وتأذى الكثير من المتسولين بالأطفال ببرنامج ياسمين وأدركوا أن معظم الناس أصبحت عندهم توعيه بما يفعلون وكانت ياسمين فى كل حلقة من برنامجها تناشد المشاهدين بالبحث عن كريم وتريهم صورته وتحكى تفاصيل إختطافه وظروف والدته المرضيه و والده الذى يجوب المحافظات بحثا عنه وصار كريم معروفا لدى الكثير ….
ولهذا قررت المتسوله الخاطفه الطفل كريم بأن تترك البلد وتسافر إلى الخارج وبكل بساطة قامت بوضع الطفل على الباسبور الخاص بها بشهادة ميلاد إبنها المتقارب فى العمر ل كريم وفرت هاربه قبل أن ينالها مكروه من وراء برنامج ياسمين
وللحديث بقية