صباح_مصري ،،،،،
الفشــــل الاداري …
بين سؤ الإدارة … وقلة الموارد
بقلم د. سمير المصري
الادارة كمفهوم هي العملية المتعلقة بالتخطيط والتنظيم والقيادة والرقابة لكل الموارد البشرية والمالية والمادية والمعلوماتية ، في بيئة تنظيمية معينة ، يعمل بها الافراد بكفاءة من اجل انجاز أهداف مختارة ، بافضل الطرق وأقل تكاليف .
الجميــع يعرف أن يوسف عليــه السلام رفض الإذعان لزليخة فيما طلبتـــه منه … فدخل السّجن ظلمـاً … ولبث فيــه بضع سنين …
ثم شـــاء الله أن يــرى الملك رؤيـــاه الشهيرة … ويرسل صاحب يوسف _ عليه السلام _ القديم في السجن ليـأتيه بتعبيرها.
ولكن هل يعرف الجميع أن يوسف _ عليه الســـلام _ في تعبيره للرؤيــا قد وضع أهم قانون في علم الإدارة …وهو أن الفشل يقع بسبب ســـوء الإدارة لا بسبب قلة الموارد.
يوسف الوسيــم حـــد الذهول … الحكيم حد العبقريــه لم يرشدهم إلى البحث عن موارد جديدة لتخطي السبع العجاف …
كل ما فعله هو أنــه أرشدهم إلى طريقة إدارة الموارد المتاحة بين أيديهم …
ثم شاء الله أن يخرج من سجنه … ويدير تلك الموارد المتاحة بنفسه … ويقود أهل مصر وجيرانهم الكنعانيين والهيثيين إلى بــر النجاة.
أما اليوم …فيعرف الجميع … بـاستثناء المدراء طبعاً أن الفشل يقع بسبب سوء الإدارة لا بسبب قلة الموارد.
فإذا تعرّض فريق كرة قدم لخسائر متلاحقة … يطردون المُدرّب ولا يبيعون اللاعبين.
وإذا تفاقمت مشكلة وطن … يعزلون الحكومة ولا يُغيّرون الشّعب.
وإذا وصلتْ العلاقة الزّوجيّة إلى طريقٍ مسدود … فهذا خطأ الزّوجين لا خطأ الأولاد.
وحده المدير العربى كان …رئيساً لمجلس إدارة …وزيراً … زوجاً …في الجامعة … والمدرسة ….والمستشفى … والشركة ….والمصنع … والورشه … يبحث عن سبب المشاكل في كلّ مكان إلا في نفسه …دوماً يبحثُ عن شماعة يُعلّق عليها فشله.
نعم هي الحقيقة المرة ، إذا نجح إختال كالطاوس فهذا النجاح نجاحه … وإذا فشل فحتماً هو خطأ الذين يعملون تحت إمرته.
ياعزيزي … يستحيل أن ينجح مدير لا يملك الجرأة ليعترف أنّ أي خطأ يقع ضمن حدود صلاحياته هو خطاه بالدرجة الأولى.
منذ سنواتٍ نظّمت إحدى جامعات بلجيكا … إن لم تخني الذاكرة … رحلة لطلابها … وأثناء الرّحلة قام أحد الطلاب بقتل بطّة … فاستقال وزير التعليم … وعندما سألوه عن علاقته بمقتل البطة حتى يستقيل.
قال أنا مسئول عن نظام تعليمي أحد أهدافه أن ينتج مواطنين يحترمون حقّ الحياة لكلّ المخلوقات …وبما أنّ هذا الهدف لم يتحقق فأنا المسئول.
لو حدثت هذه القصة في بلادنا … سيوبخ وزير التعليم مدير الجامعة … وسيوبّخ مدير الجامعة المعلم … وسيوبخ المعلم التلميذ … وسيوبخ التلميذ البطة ..
نعم … هذه هي عقليتنا الإدارية باختصار ،،،
أن يتم تحميل أسباب الفشل لمن هم تحت إمرتنا …فلا أحد يجرؤ أن يعترف أن نصيبه من الفشل هو بمقدار نصيبه من المسئولية …
يستحيل أن ينجح مدير لا يملك الجرأة ليعترف أنّ أي خطأ يقع ضمن حدود صلاحياته هو خطأه بالدرجة الأولى.
هل تعلم ان أحد أسباب نجاح عمر بن الخطاب رضي الله عنه في إدارة أمة كاملة هو امتلاكه لجرأة أن يلوم نفسه قبل أن يلوم عمّاله على أي خطأ يقع!
وهو القائل لو أنّ دابة عثرت في العراق … لسألني الله لِم لَمْ تُصلح لها الطريق يا عمر ؟!
هو في المدينة وهي دابة في العراق …ولو تعثرت فهذه مسؤوليته قبل أن تكون مسؤولية والي العراق … و هزيمة جيش ما هي الا فشل الجنرالات قبل أن تكون فشل الجنود،
وسوء شبكة الطرق هي فشل وزير المواصلات قبل أن تكون فشل الاحياء …
وسوء أحوال المستشفيات هي فشل وزير الصحة قبل أن يكون فشل الأطباء والممرضين … وعلى صعيد أصغر هذه كتلك .
فإذا تردت أحوال البيت على الزوج أن يحاسب نفسه قبل أن يحاسب زوجته وأولاده …وعندما تتردى أحوال مدرسة على المدير أن يحاسب نفسه قبل أن يحاسب معلميه وطلابه …
وعندما يتردى حال مصنع على مديره أن يحاسب نفسه قبل أن يُحاسب عماله …
وعندما تتردى حال ورشة على مديرها أن يحاسب نفسه قبل أن يحاسب مستخدميه ،
أنّ المؤسسات أجســــاد والمــدراء رؤوس … وإنه لا يستقيم جسد ما لم يستقِمْ رأسه …ولا شك إننــــا في حاجة للمدير القائد والقائد المدير المؤسسئ الشوري .
أن القائـــد والإداري الناجح يتمتع بصفات النبل من شجاعة وكرم وحكمة وذكاء وقوة وأخلاق وصبر وتواضع وعدل وحنكة سياسيه.
الخلاصة
هناك عدة اسباب يتم تشخيصها للفشل الإداري في بيئة العمل الوظيفي على مستوى الوحدات الادارية “الهيئات او المنظمات” وهذه الاسباب تعود الى غياب الشخصية القيادية والكفاءة الادارية وضعف الفريق الاداري وطبيعة القرارات المتسرعة والانفعالية التي تتخذ من قبل الفريق الاداري التي تتأثر سلباً وفق المتغيرات.
غياب الرؤيه الاستراتيجية للاهداف التنموية وغياب التفاهم المشترك بين المستويات الاداريه في بيئة العمل وخلق علاقات سلبيه بين الموظفين
استقطاب الموارد البشرية المتواضعة في أدائها الوظيفي والغير مؤهلة لتولي الادارة والتخطيط وتسرب الكوادر والكفاءات المميزة.
سوء التخطيط الإداري وغياب الاهداف وسوء توعية الموظفين وتطوير الكفاءات المهنية لادارة العمل وخطورة المواقف والاحداث لتفادي تكرار الاخطاء وهذا ينعكس على هرم السلطة الادارية.
غياب الفكر الاداري والغموض في مفهوم الادارة وضعف تقنية المعلومات الإدارية التي تساعد في التنسيق والتحكم والتحليل في بيئة العمل.
عدم تفعيل وتنفيذ الخطط الموضوعة والبحث الدائم على شماعه لتحميل الأخطاء الإداريه.
ضعف الكيان الاقتصادي وتضارب الاختصاصات وعدم السماح بتطبيق اسلوب اداري متكامل والاهتمام بالحضور وليس بالعمل والانتاج.
غياب المسؤولية الرقابية وضعف المتابعة على التنفيذ وتحديد نقاط الحيود عن الخطط الموضوعة.
التضخم الوظيفي والترهل التنظيمي الذي يفقد المؤسسة المرونة والقدرة على الحركة متمثلا في الثقة الزايدة في الشركة ( الغرور) ، الفشل في التخطيط ، عدم تحفيز الموظفين ، عدم الاهتمام بتقييم الاداء السنوي او تقييم تطور الموظفين ، زيادة معدل الدوران فى العاملين ، عدم الدراية و الدراسة لاساليب الادارة و تطورها ، عدم مشاركة الافكار للموظفين
وأخيرا ….
نعم نحن في حاجة للإداري المهتم بالإنسان عقلاً وروحــاً وجسداً.
تحياتى وتقديرى ؛؛؛؛؛
غدا صباح مصري جديد