صباح_مصري ….
لا تهتكوا ستر الله ….
بقلم د. سمير المصري
إن ستر الله على خلقه لا يقف فقط عند ستر عيوبهم وذنوبهم وفضائحهم وإخفائها عن عيون الناس، بل الستر أكبر من هذا بكثير..
فالله يغني عبده ويرزقه ما يكفيه؛ ليحفظ به وجهه أن يبذله لأحد، أو أن يحوجه فيمد يديه للناس.
ومن ستره سبحانه وتعالى أن يعافيه في بدنه وسمعه وبصره، فلا يصيبه مرض يحوجه إلى من يقيمه ويقعده
أو يسقيه ويطعمه أو يذهب به إلى الخلاء فترى عورته.
ومن ستره أن يعافي العبد في عرضه في بناته وزوجاته ونسائه وأهل بيته
فلا يأتي منهم ما يفتضح به بين الخلق ويشين ذيله بين العباد ويكسر نفسه ويرغم أنفه.
ان أعظم أنواع الستر أن يديم عليك إيمانك فلا ينقضه عليك
فيفتضح يوم الدين بين يدي ربك ونبيه والمسلمين والخلق أجمعين.
انه سبحانه وتعالى يعلم نية العاصي قبل معصيته ، بل ويعلم همه بها، و أيضا عزمه عليها، وبما يمكره لكي يتحصل عليها،
وكيف يتحرك إليها، وكذلك سعيه وسرعته في الذهاب إليها، وكيف يخطط ليتوارى بها عن الخلق اجمعين
يستخفي بها عن الناس، ولا يستخفي عنه سبحانه وتعالى وهو معه إذ يبيت ما لا يرضى من القول.
فكيف تتوارى بجــدران الـبيوت عن الورى وأنت بعين الله لو كنت تشعر ؟
وكيف تخشى عيون الناس أن ينظروا بها ولم تخش عين الله والله ينظــر ؟
ومع ذلك يصبر الله عليك ، فلا هو يرسل عليك صاعقة تحرقك ، ولا ملكا يصفعك ، ولا أحدا يمنعك
وبعد اقترافك للذنب، ووقوعك في المعصية، إذا تراجعت وتبت ، وانبت ورجعت تاب الله عليك
وغفر لك وكأنك لم تعصه، بل وربما يبدل سيئاتك حسنات
سبحانه وتعالي من محبته للستر لم يجعل للمعاصي صوتا يظهر معها، أو رائحة تفوح منها تفضح أصحابها ولم يجعل للمذنبين علامة ظاهرة يراها كل الناس
ليخافوا الفضيحة فيمتنعوا عنها
فلقد أحـســن الله بـــنا .. أن الخطايا لا تفوح فإذا المستور منا .. بين جـنبيه فــضوح
وهو الحيي فليس يفضح عبده .. عند التجــاهر منه بالعصـيان
لكــنه يلــقي علــيه بــســـتــره .. فهو الستير وصاحب الغفران
ومن محبته للستر أنه يستر عباده التائبين يوم القيامة أنه يستر من يستر خلقه سبحانه وتعالي
فمَن ستَرَ الناس ستَرَهم اللهُ يومَ القيامةِ ومن سترَ الناس سترهم اللهُ في الدنيا والآخرةِ
وما يسترُ عبدٌ عبدًا في الدُّنيا إلَّا ستره اللهُ يومَ القيامةِ
لقد نهى سبحانه وتعالي عن تتبع العورات ونشر الفضائح والزلات ،
فإنَّه من تتبَّع عورةَ أخيه تتبَّع اللهُ عورتَه، ومن تتبَّع اللهُ عورتَه يفضَحْه …
إياك وما ستر الناس عليه بيوتهم ، وإياك والتجسس والتحسس فإنه مفسد لك واسرتك ووطنك
انه مفسد لأخلاق الناس إنك إن اتبعت عورات الناس أفسدتهم أو كدت أن تفسدهم
إن الله عز وجل نهانا عن التجسس، وإن يظهر لنا شيئ نأخذ به.
فلا تهتك أستار الناس فيهتك الله سترك..
فإن الجزاء من جنس العمل،
كما قال قائلا :
لا تهتكن من مساوي الناس ما سترا …. فيهتك الله سـترا عن مساويكا
واذكــر محاســن ما فـيهم إذا ذكـروا …. ولا تعب أحدا منهم بمـا فيـكا
الخلاصة
من الاجدي بصاحب الذنب، وأسير شهواته ، وصريع سيئاته ، أن يستر ليستر، وألا يعيب الخلق وهو معاب كما قال قائلا :
إذا عبت قوما بالذي فيك مثله .. فكيف يعيب الناس من هو أعور
وإن عبتـهم بالذي لــيس فيهم .. فــذلك عــند الله والــناس أكــــبر
فلا تهتكوا ستر الله ، واعلموا أن الله يستر عبده ما دام العبد يستر نفسه، وما دام في قلبه بقية حياء من الله والناس، فإذا تهتك العبد ولم يبال بنظر الله ولا بنظر الخلق، فربما هتك ستره وفضح أمره..
إن الستر ستران ستر بين العبد وبين الله، وستر بينه وبين الناس، فمن هتك الستر الذي بينه وبين الله، هتك الله الستر الذي بينه وبين الناس.
غدا صباح مصري جديد ….
د سمير المصري