شيخوخة الروح
بقلم د سحر العوري
نحن نعرف ان ثلاثية تكوين الانسان هى العقل والجسد والروح
فهل تشيخ هذه الثلاثية مع مرور الزمن ؟
الشيخوخة كما نعرفها هى تقدم العمر و تراجع في القدرات الجسدية والصحية بشكل عام .
ولكن اصبحت الشيخوخة لا تصيب الجسد فقط
بل تصيب العقل والروح ايضا .
فالانسان عندما يكبر فى العمر يصبح العقل اكثر نضجا وتفهم لامور الحياة
ويصبح اهلا للمشورة والحكمة وخبرات الحياة.
ولكن يصاب هذا العقل بالشيخوخة المبكرة عندما يميل الانسان الى الركود والكسل وعدم التفكير
والابتعاد عن المشاركة فى انشطة الحياة والانعزال مع النفس
فتتأكل خلايا المخ لانها لا تعمل ولا تثمر شيئا ولا تتجدد.
ومن هنا يمكن القول بان شيخوخة الجسد والعقل حتمية لها وقت لظهورها
ويمكن ان تعجل انت بها اذا اهملت فى صحتك
ولم تمارس الرياضة او تتناول الاكل الصحى او تشارك فى انشطة مجتمعية
وتعيش العزلة المميته بين جدران المنزل حبيس اليأس والافكار السلبية .
اما الروح فليس لها خلايا تشيخ
لكن لها مشاعر تحلق فى سماء السعادة او تهوى الى قاع الحزن واليأس
فيصادفنا في حياتنا الكثير من البشر كبار السن
ولكن صغار الروح يملاء قلوبهم الامل والسعادة والرضا .
و الكثير من البشر صغار السن كبار الروح قلوبهم يعتصرها الحزن
والالم والهموم والتشاؤم والخوف من المستقبل
لان ملامحنا تظهر حقيقة عما في قلوبنا من سعادة او حزن.
المشاعر بداخلنا لا علاقة لها بتقدم العمر وعوامل الزمن
فتصاب المشاعر بالشيخوخة إذا لم تجد من يهتم بها ويرعاها وللأسف قد تمرض وتموت.
احب ان اقول لك عزيزى الانسان المخلوق للسعادة والسلام الداخلى
ان المشاعر المفتاح السحري لجمال الروح فمهما كانت ظروف الحياة وهمومها وقسوتها
لا تقلق فلك خالق عظيم يعتنى ويهتم بك
ومهما اصابك من حزن وقلق وخوف لن يغير شيئا
مما يحدث من حولك غيرانك ستصبح مقيدا بسلاسل اليأس الذي لا نهاية له .
لا تنتظر ان يتغير الواقع، بل حاول انت تغيير نظرتك للواقع
وان تبدأ بنفسك وتغير طريقة تفكيرك ، فلو اردت ان تصل الى مكان معين
والطريق صعب امامك ومسدود لا تقف مكتوف الايدى
اما صعوبات الطريق .
حاول ان تصل لهدفك من طريق اخر حتى وان طال بك المشوار .
المهم انك تصل .
واليك بعض النصائح لكى تبقيك بروح الشباب مهما وصل بك العمر من محطات جميلة وعظيمة فى حياتك:
داوم على عباداتك وصلواتك واصوامك وعلاقتك القوية مع الله لتنعم بالسلام النفسى والرضا وترميم الروح
لا تُحدّث نفسك بالشيخوخة فتصبح بروح شيخ تحمل قلبا عجوزا في جسد شاب
الروح لا تهرم ولا تشيخ ، لان الشيخوخة الحقيقية هي انطفاء الروح وليست تجاعيد الوجه.
قدم خدمات لمن يحتاج اليك لكى تشعر بسعادة وقوة العطاء التى تغسل اثار الانانية وحب الذات وفقر البذل
عش الأمل والتفاؤل وازرع الخير ولو في آخر لحظة من عمرك
فقد يضعف الجسد ويصيبه الهزال، ولكن الروح المُتفائلة الطموحة لا تزال تُعطي وتُواصل وتتواصل مع جمال الحياة
لا تحلم بتحقيق اهدافك وانت واقف مكانك
فتعجز عن تحقيقها وتقول حظي سيئ في الدنيا
وتصبح حاقد ناقم على حياتك وعلى كل من حولك.
ولكن احلم وتحرك في طريق هدفك وأسعى لتحقيقه بكل الطرق التى ترضى الله سبحانه وتعالى
اجعل في حياتك هدف جميل تسعى الى تحقيقه
ولكن لا تنسى نفسك وقلبك وانت تحارب وتناضل من اجل هدفك
وفجأة تجد نفسك طريح فراش شيخوخة الروح وضحية تحقيق الهدف الذى انساك ان تكرم روحك وتعزها
ابتعد عن السوشيال ميديا ونيرانها التى تصيب اروحنا وتحرقها بالقلق والحزن والخوف
مما نشاهده ونسمعه من كذب وتزييف وانعدام اخلاق وعلو شأن للذين لا يستحقون
فتتحسر على اشياء انت تمتلك اعظم منها .
ولكن اهتم بمتابعة ورؤية وسماع ما يسعد نفسك ويملاءها بالامل والسعادة ويدفع الى طريق النجاح والسعادة
لا تكن الشمعة التي تحترق من اجل الاخرين
فكما تنتهى الشمعة ستنتهى مثلها، ولكن كن الضوء الذي ينير لهم ولنفسك دائما فهذا الضوء لن ينتهى ما دمت انت موجود .
لا تحمل نفسك فوق طاقتها لأجل أحد مهما كانت الظروف
لأنك سوف تسمع منه (محدش طلب منك تيجى على نفسك –
انت اللى عامل في نفسك كده – ده واجب عليك )
افصل بين حياتك العملية والعائلية و الشخصية
لان تحقيق التوازن بينهم مهارة وفن ولا تجعل الاهتمام بواحدة منهم تصيبك بتصحر القلب من المشاعر او تحرمك من متعة العطاء للاخرين .
لا تحط نفسك بأنصاف البشر الحاقدين الناقمين على البشر المحبطين لأنفسهم وللأخرين
حتى لا تدخل في دوامة شيخوخة الروح التي ليس لها مخرج وتصبح اسيرا لها، بل خالط من يشبهك فى جمال روحك ومن ينشر البهجة من حولك …
لاننا نصغر ونكبر على حسب من نتواجد معهم، صاحب جميل وسعيد الروح فتصيبك عدوى جماله.
اجعل لنفسك اولوية فى حياتك ، فلا يوجد احد سيجعلك أولوية في حياته
مهما قدمت من تضحيات
لان نفسك لها عليك حقوق كما للاخرين عليك حقوق فلا تشطبها من قائمة اهتماماتك .
انعم بالجلوس مع نفسك واكرمها بما تحب من ابسط الاشياء واقلها تكلفة لكى تعتاد ان تكرمها دائما
لا تخجل ولا تكتئب وانت في مرحلة تقدم العمر
ولكن كن زهرة في بستان هذا الوقت بشباب روحك
فلكل مرحلة جمالها فى حياتنا ورسالتها الجميلة.
افتخر بانجازاتك حتى ولو كانت بسيطة لانها بوجودك وتعبك وكفاحك
خرجت الى النور وحلقت فى سماء الانجازات والنجاحات واصبحت تقدم قيمة لنفسك وللاخرين.
صالح نفسك وكف عن لومها وعتابها وتحميلها باخطاء الاخرين واخطاء الماضى .
اذا اخطأت عاتب نفسك واطلب المغفرة من الله لاننا بشر نصيب
ونخطىء ولكن اكرم نفسك وقومها واسعدها بعدم تكرر الخطأ لانها تستحق ان تكون نزيهة وراقية .
كل ما تخاطب به نفسك من إيجابيات تحصده روحك تفاؤل وسعادة
وما تخاطب به نفسك من سلبيات تحصده روحك شيخوخة وعجز وضعف .
ابتعد عن كل ما يعكر صفو حياتك ويخرجك من بستان زهور الامن والأمان النفسي
لتحارب وتشكو من الدنيا والزمن.
عش بروح شابة
مهما شاخ العمر وزادت الأخطار.اسرق لحظات السعادة من الحياة
لان ثروتك الحقيقية هي ثراء روحك وقلبك بسلامك النفسي وشباب روحك الدائم
وجمال ملامحك المتجدد وابتسامتك الساحرة
فهذه هى الحياة التى خلقنا لها . احذر من شيخوخة روحك .