يكتبها : محسن حديد
كثيرا ما تغير حقائق التاريخ أو تشوهه ويغمرها معترك من الخرافه فتغدو على مر الأجيال صور خياليه وتحجب معالمها الحقيقة.
هذا القول ينطبق على بهاء الدين قراقوش وزير السلطان صلاح الدين الايوبي .
وروايته التاريخية تقدمه إلينا وزيراً نابها وإدارياً حازماً بما قام به من مشروعات أنشائيه عظيمة على عكس ما تقدمه إلينا الأسطورة أو القصص الشعبية أنه طاغيه وحاكما ظالماً ،سفاكا للدماء متجاهلا كل حق وكل عداله ورفق حتى غدا مضرب الأمثال الشعبية عسف وجور العبارة المأثورة ( حكم قراقوش) .
ولكن في الحقيقة أن بهاء الدين قراقوش تختلف شخصيته تماماً عما تقدمه لنا الأساطير .
وهو أبو سعيد قراقوش بن عبد الله الاسدى الملقب بهاء الدين و قراقوش معناها بالتركيه ( النسر الأسود) وكان خصيا أبيض من خدم أسد الدين شيركوه عم صلاح الدين .
فلما تولى صلاح الدين الوزارة للخليفة الفاطمي العاضد بالله جعله متولى القصر الفاطمي ، ولما استقل صلاح الدين بشئون مصر عينه كبيراً لشئون القصر والخاص وتقدم فى الحظوه حتى أصبح رجل صلاح الدين الأول وساعده الأيمن.
ولما غاب صلاح الدين عن مصر مده عين قراقوش نائبا عنه وفوض أمورها إليه فظبط النظام والأمن .
ومن أعظم أعماله الإنشائية التى خلدت إسمه هى إنشاء قلعة الجبل العظيمة على سفح المقطم ، وكان صلاح الدين يرغب في إنشاء معقل حصين يعتصم به ويكون آمنا من خصومه ، ويجعله مستقراً له وقاعدة حكمه.
وقام على إنشاء القلعة وذلك في سنة 569 ه سنة 1174 م وإنشاء بئرها العجيبة لتمدها بالماء لدرجة تم هدم الاهرامات الصغيرة التي كانت قائمة بالجيزة لاستعمال احجارها الضخمة في بناء أسوار القلعة . وقام ببناء قناطر الجيزة العظيمة على النيل على مقربة من الاهرامات وعدد كثيرا من المنشآت ، ولما استولى صلاح الدين على عكا من يد الفرنج ندب قراقوش لاصلاح وترميم اسواره وقلاعه ثم عاد الفرنج واستولوا عليه ووقع قراقوش أسيراً فى أيديهم ولم يفرج عنه إلا لقاء فديه عظيمة ، ولما نجا قراقوش من الأسر ولبث قراقوش على حظوته حتى توفي صلاح الدين فى سنة 589 ه وعاش قراقوش بعد ذلك عدة أعوام آخر رفيع المكانه وافر الهيبه نافذ الكلمه حتى توفي في عام 597 ه سنة 1201 م .
ونستطيع على ضوء هذه الخلاصة الموجزة لسيرة قراقوش أن نقول إنه شخصية بارزة وأنه قام بأعمال عظيمة وافر الصرامة والحزم وقد امتاز بالقوة والسرعة في إنجاز المنشآت العظيمة الهائلة .
* ابتدع الناس الصورة المثيرة لقراقوش ولصقت به منذ عصره ثم تناولتها الأجيال وزادت عليها ماشاء الخيال الشعبى الخصب فأضحى قراقوش قد غمره سيل الأساطير واستبدلت شخصيته التاريخية العظيمة بتلك الشخصية المزيفة .