شاهد موقف «ترامب» من الحروب بعد فوزه في الإنتخابات
بقلم : نبيل أبوالياسين
ترقب العالم بأكملة على وثيق قوي وإنتظر نتيجة السباق للمكتب البيضاوي، الذي يؤثر بدوره في مجمل سياسات الكوكب بكل مجالاتة، في حين كانت المرشحة الديمقراطية “كامالا هاريس” تمثل خط الإستمرارية لعهدي جوبايدن وباراك أوباما، وبرغم أن “ترامب” العائد بقوة يمثل في نظر خصومه وحلفائه وجه الشعبوية السياسية والفوضى، التي طبقها بشكل عملي منذ فوزه بإنتخابات عام 2016، الذي عرف بها في جميع دول العالم باسم “الترامبية السياسية”، التي أصبحت علامة مسجلة بأسمة، وأعتبرها الكثير بأنها ”الخلطة الفريدة”، التي جمعت عدة متناقضات براغماتية قيل عنها إنها لم تحصل في تاريخ الولايات المتحدة.
واليوم نشاهد فوز “ترامب” الذي حرص على التقارب مع أشد أعداء أمريكا، ورسم مشهداً سريالياً عند لقاءة بزعيم كوريا الشمالية “كيم جونغ أون”، فضلاًعن؛ أنه إرتبط بعلاقة شخصية وودية مع الرئيس الروسي”فلاديمير بوتين”، وأعلن حينها حرب إقتصادية عنيفة ضد الصين، وشن حملة إقتصادية شعواء ضد الأوروبيين الذين يعتبروا الحلفاء التاريخيين لأمريكا، وتميز عهد”ترامب” السابق بتنسيق غير مسبوق مع تركيا فيما يخص سوريا.
وتُوج هذا التنسيق، أنذاك، بتوقيع إتفاق مع الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان”، في 23 أكتوبر من عام 2019، أوقفت بموجبه عملية “نبع السلام” العسكرية في شمال شرق سوريا، مقابل إنسحاب الميليشيات الكردية وتسيير دوريات أمريكية تركية مشتركة في المناطق الحدودية، فلعل هذا التميز والتوافق السابق بين “ترامب وأردوغان” يعطينا ولو لبصيص أمل لإنهاء الحرب في غزة ولبنان وأوكرانيا أيضاً، فلا شك أن فترة “دونالد ترامب” السابقة شهدت الكثير من الأحداث المهمة في العالم، ولاسيما؛ الشرق الأوسط لكن تعتبر الـ”4″سنوات من 2016 و2020، كانت بمثابة “نزهة سياسية له مقارنةً بالوضع الحالي في الشرق الأوسط والعالم بأسرة.
وأن فوز ترامب بالانتخابات تعتبر هزيمة ساحقة تليق بـ”كامالا هاريس وجوبايدن” والحزب الديمقراطي بأكملة الذين كانوا شركاء في حرب الإباده والتجويع في غزة، وتساؤلات ؛ هل كان تصويت الأمريكيين ضد الديمقراطيين في الرئاسة والكونجرس وفوز المرشح الجمهوري “دونالد ترامب”عقاباً للرئيس بايدن ونائبتة هاريس بسبب إنحيازهما المطلق للإبادة الجماعية في غزة؟ أم كانت لأسباب أمريكية داخلية بحتة أدركها الجيل الأمريكي الجديد بعد صحوة الوعي الغير مسبوقة في نهج سياسة الديمقراطيين التي أضرت بشكل كبير في مصالح البلاد وعملهم الدئوب لمصلحة إسرائيل من أجل مكاسب سياسية تخدم مصالحهم الشخصية ضيقة الأفق؟.
وعاد”ترامب” بقوة بإرث الولاية الأولى ّبملامح عهد جديد، ودخل المرشح الجمهوري “ترامب” التاريخ كونه ثاني رئيس أمريكي يشغل فترتين غير متتاليتين بعد فوزه بالرئاسة، وهذا يعتبر إنجاز تاريخي لم يُحقق منذ 132 عاماً
فضلاًعن؛ أنه يعُد أول رئيس مهزوم يترشح للرئاسة مرة أخرىّ منذ أواخر القرن التاسع عشر، فعندما ترشح الرئيس “ثيودور
زفلت” لفترة ثالثة في عام 1912 لم يكن قد هُزم سابقاً ولم يحصل على ترشيح حزب كبير أنذاك، ونتذكر أنه شخص واحد فقط شغل منصب الرئيس لفترتين غير متتاليتين في البيت الأبيض وهو الرئيس “جروفر كليفلاند”، الديمقراطي الذي إنتُخب رئيساً لأول مرة في عام 1884.
•صفعة كبيرة موجهة من نتنياهو للديمقراطيين
كان أول من علق وهنأ “ترامب”هو نتنياهو التي نعتبرها صفعه قوية موجهة لـ “جوبايدن” والحزب الديمقراطي بأكملة الذين دعموه بكل قوة في حرب الإبادة على غزة، وذُكر أنه لم يدعم إسرائيل أي إدارة أمريكية كدعم إدارة “جوبايدن” لها حيثُ قال: رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو”على النتائج الأولية غير الرسمية للإنتخابات الأمريكية، التي أظهرت تقدم “ترامب” على نائبة الرئيس الحالي “كامالا هاريس”، وفي أول تعليق له كتبه في منشور عبر حساباتة على منصات التواصل الاجتماعي، عزيزي “دونالد وميلانيا ترامب”، تهانينا على أعظم عودة في التاريخ!، ما آثار حفيظة الديمقراطيين لأنه تناسى دعمهم المطلق له وخاصةً عندما وصف فوز منافسهم بـ”الإنتصار الكبير!.
•ماذا يعني فوز “ترامب” للعالم ولاسيما؛ للشرق الأوسط ومنطقتنا العربية؟
إن الجمهوريين إكتسحوا أركان السلطات الثلاث “الرئاسة ومجلسي الشيوخ والنواب”، وأصبح زلزال سياسي في أمريكا غير مسبوق يتردد صداه في أنحاء جميع دول العالم فإن فوز”ترامب” وفوز حزبه بمجلس الشيوخ يمنحه فرصة مريحة لتشكيل إدارتةُ بالشكل الذي يراه، ولن يعاني ما عاناه سلفه من قبل، وسيكون قوياً وأكثر ثقة ببرنامجه وسياساتة الداخلية والخارجية أيضاً، وهو سيعود منتقماً ويرىّ التفويض الجديد له من الشعب الأمريكي تصحيحاً لما إعتبره تزويراً وإستهدافاً شخصياً له ولحزبه.
ويعتبر هذا الفوز هو فوز لليمين في جميع دول العالم، فضلاًعن؛ أنه يعُد ضربة قاسمه لليبراليين، ولذلك قد نرىّ تصاعد حظوظ اليمين عالمياً في أية إنتخابات قادمة في دول أوروبا التي تعيش الآن أجواء صدمة وقلق بالغ، لآن حلف الناتو سيعود مرة أخرىّ
إلى دائرة التردد التي وضعه فيها”ترمب” في دورتةُ الرئاسية السابقة، وسوف يجبر الأوروبيين على مزيد من المشاركة المالية وتحمل مسؤولية الدفاع عن أنفسهم في ظل أن والإقتصاد الأوروبي ليس على مايرام في الوقت الراهن، كما أن أوروبا الآن تعتبر منقسمة سياسياً بين يمين صاعد ويسار متأرجح.
•هل يستغل” ترامب” ضعف القيادات الأوربية الحالية لإسترداد مكانة أمريكا دولياً؟
لقد جاء فوز “ترامب” في مرحلة مهمة جداً قد تخدمة وتجعله يتمتع بقاعدة شعبية أمريكية وعالمية غير مسبوقة سواء على المستوى الشعبي أو السياسي، لأن القيادات الأوربية الحالية هي الأضعف منذ الحرب العالمية الثانية وأصبح دورها دور الإنقياد وراء سياسة التابعية، ونشاهد ويشاهد الجميع بأن روسيا تعيش أجواء إحتفالية كشعب وحكومة، ويعتبر “ترامب” بالنسبة لهم هو الحليف الذي كانت روسيا تعمل جاهده لكي يفوز، والآن يمكنها أن تحسم ملف أوكرانيا، وأن تحقق ما تعمل له من إضعاف الناتو وصده عن جوارها الإستراتيجي.
على عكس الصين التي لا تعيش نفس الأجواء الإحتفالية التي تجتاح روسيا، فسياسات “ترمب” ضد الصين أكثر عدوانية في موضوع الحصار، فنعتقد أننا قد نشاهد
تصاعداً للحرب الإقتصادية والتقنية بين أمريكا والصين، غير أن”ترمب” مفيد للصين من ناحية واحدة فقط، وهي عدم ميله للصدام العسكري المباشر، وهنا نستدعي سياستةُ تجاه كوريا الشمالية ومحاولتةُ غير التقليدية للتوصل إلى توافق مشترك “صفقة”، والسؤال؛ هنا فهل يخطو “ترامب” خطوات مصالحه تجاه بكين كما فعل مع بيونجيانج؟، رغم أن موضوع الصين هو موضوع يتعلق بالإستراتيجية الأمريكية ومصلحتها القومية.
وختاماً: فإن الأمر الذي يتعلق بالمنطقة العربية بعد فوز “ترامب “فمن المبكر أن نحكم على سياساتةُ تجاة منطقتنا، فأننا عاهدنا على”ترامب”في ولايتة السابقه أنه رجل صفقات، ولا يسير في مسارات
متماسكة، وقد يتخذ خطوات غير متوقعة في أي إتجاه من الإتجاهات، لكن فوزه على “هاريس” أسعد الكثير لآن إدارة “بايدن” تورطت بشكل لا لبس فيه في دماء أطفال ونساء غزة، ولو أن هاريس فازت لنهجت نفس نهج سياسة دعم الإبادة هناك، ويجب علينا أن لا ننظر إلى أن “ترمب”سيكون حمامة سلام بالنسبة لمنطقتنا، فقد يتخذ قرارات أكثر سوءً كما فعل في دورتة السابقة فيما يخص الجولان والقدس.
وأُكد: في مقالي على أننا ننظر إلى فوز “ترمب” كنقطة تحول مهمة جداً في الداخل الأمريكي المنقسم بشكل غير مسبوق، كما أن تشويشاً وشكوكاً كثيرة سوف تجتاح الواقع الدولي مما سيسرع من حالة الإستقطاب والقلق، وسيدفع إلى مزيد من التكتلات
الإقليمية والتحالفات الجديدة، فالنظام العالمي حالياً مُتزعزِع وضعيف وغير ثابت ونحن أمام مرحلة في غاية الإثارة، قد تحمل مخاطر كبيرة وفي نفس الوقت ستفتح أبواب التغيير وإعادة تموقع القوى الإقليمية والدولية على حد سواء.