بقلم فاتن سيف الدين
سنة هجرية جديدة وكل عام وأنتم بخير
فرحة تغمر الجميع بحلوى المولد وتتعالى الضحكات والابتسامات، أصبح كل شيء عادة وتناسينا المعنى الحقيقي
للهجرة، عن أنفسنا وهجرتنا الداخلية نتحدث اليوم….
لقد هاجر في سن الثالثة والخمسين تاركا كل شيء خلفه، واثقا تمام الثقة فيما عند الله أكثر من ثقته فيما يملكه حقا، هل فكرت كيف غامر بحياته من أجلك ومن أجل أن ينشر فكرة كان مؤمنا بها، وهل تستطيع أنت اليوم أن تقتدي به صلى الله عليه وسلم، لقد حاول الصحابة رضوان الله عليهم الهجرة بدينهم من مكة إلى المدينة تاركين كل شيء خلفهم خائفين على حياتهم.
اليوم نعاني من زمن قل فيه الدين وندرت الأخلاق وكثر فيه الحرام، أصبحنا نصعب الحلال ونيسر الحرام،
بل أصبحت فاكهة السوشيال ميديا و مواقع التواصل هي حياة الناس الشخصية، وصارت متابعة التريندات مهمة إلى الحد الذي ينسينا في بعض الأحيان معنى الغيبة والنميمة و أننا على دين خير الخلق أفضل الأنبياء خلقا الذي أمرنا بعض البصر وستر العورات والنسيان أن الدين هو المعاملة،ولا يجوز أن نخوض في عرض أخينا أو نسيء لأخت لنا، أرهقتنا الحياة المادية وتوهمنا أن كلا منا يملك الحقيقة المجردة وحده، أصبحنا نصدر الأحكام على بعضنا البعض
دون قيد أو شرط، ذاب طابع ديننا في سكر الحياة الدنيا.
اليوم نتحدث عن وقفة مع النفس تكشف ستر أنفسنا أمام أنفسنا، وقفة يجب أن تتخذ القرار أنت وحدك فيها؛
لتجلس مع نفسك وتقيس كل أفكارك و تصرفاتك ومعتقداتك
وتقيم اعوجاج نفسك، وتصلح ما أفسدته الدنيا فيك و أفسدته أنت فيها.
لا تقل قد فات الأوان وتذكر من هاجر في سن الأربعين وبدأ طريقا جديدا لكل المسلمين من بعده.
لقد كان واثقا بربه مؤمنا بفكرته العظيمة التي أثرى بها البشرية.
لو تخطيت الثلاثين أو الأربعين أو أيا كان عمرك عليك أن تعي جيدا أن سرعة الحياة تقتلك قتلا وتشعرك أنك أفسدت فرصتك،
لكن الحقيقة تظهر جليا حين تخلع نظارتك السوداء لتجد أن ديننا العظيم يعطيك الفرصة كل يوم كي تتوب
، يعطيك الفرصة كي تنجو من الكفر إلى الإيمان
، يعطيك الفرصة كل يوم أن تبدأ من جديد.
هل فكرت أن تهاجر من المعصية للطاعة أو من الأفكار السلبية تجاه الأفكار الإيجابية، أو أن تبدأ في تعلم شيء جديد.
لا تقل ما عاد في العمر بقية،ما زال في العمر بقية طالما
كنت تتنفس.
أقبل على الحياة وأصلح فساد قلبك وعانق الأمل بنفس راضية، ولا تعاتب الماضي فتعيش سجينا فيه.
لا أحدثك اليوم كي تجلد ذاتك.
ما فات قد فات،ابدأ اليوم بقلب مهاجر جديد
لن أملي عليك الأوامر والشروط ولن أمطرك بالأسئلة أو أحدثك عن الجنة والنار، اليوم نتحدث عن هجرة داخلية في أعماق نفسك من الأسود للابيض نحو حياة رائعة تعيشها بكل ألوان الطيف.
أخيرا دعني أخبرك بوصفتي السحرية من أجل شباب دائم
تناسى وانسى ولا تعاتب أحدا، وأبدأ كل يوم بصفحة جديدة تكتب فيها من أول السطر.
وذكر نفسك كل بداية سنة جديدة أن تهاجر أنت أيضا لشيء جديد إيجابي أو تهجر شيئا سلبيا،
واسأل نفسك هذا السؤال
ما الذي قررت أن تهاجر منه وما الذي قررت أن تهاجر إليه
هذه السنة؟ الإجابة فتش عنها في قلبك.
وإلى لقاء آخر
أترككم في رعاية الله وحفظه