سرقات عائلية …. في الطفولة المبكرة
بقلم – د.سمير المصري
سرقات عائلية …. في الطفولة المبكرة
لماذا يعد تفاعل الوالدين مع أطفالهم غاية في الأهمية ؟
ربما قد تكون سمعت بأن الأب والأم هما معلما ومقدما الرعاية الأساسييان للطفل ،
لكن هل تدرك حقاً ما هو دورك كأحد الوالدين في مرحلة الطفولة المبكرة ؟
السنوات الخمس الأولى من حياة الطفل ذات أهمية خاصة ؛ فهي اللبنات الأساسية لنمو الطفل وتعلُّمه وتطوره في المستقبل .
نعم … يتطور الدماغ بمعدل سريع خلال السنوات الأولى حيث تنمو أكثر من مليون شبكة عصبية كل ثانية ، وفي سن الخامسة يتطوّر حوالي ٨٥٪ من أفكار ومهارات وشخصية الطفل . وتزداد حساسية الطفل بالمؤثرات الخارجية مع نموه .
تشير الأبحاث إلى أن التجارب المبكرة بما فيها التفاعلات التحفيزية المتبادلة بين الأهل وأطفالهم لها أثر مباشر على كيفية تطوير الطفل لمهاراته في التعلّم فضلاً عن قدراته المعرفية والاجتماعية والعاطفية. ، فإن مثل هذه التجارب قد يدوم أثرها مدى الحياة.
إن العلاقة بين الوالدين والطفل هامة جداً نظرا إلى أن الطفل يقضي معظم وقته مع والديه ، وبينما تؤثر العديد من العوامل على تعلم الطفل فإن بيئة التعلم في المنزل تسهم بالشكل الأكبر في تشكيل تطوره ، مع أنه قد ثبت أن الوضع الاجتماعي والاقتصادي للأسرة قادرٌ على التنبؤ بنجاح الطفل في التعلّم المبكر إلا أن دور الوالدين من شأنه أن يضاعف هذه القدرة على التنبؤ.
جميع الأطفال يحتاجون للرعاية والحماية والدعم ، وبالتالي فإن تربية الطفل لا تقتصر على تلبية احتياجاته الأساسية ولكنها تمتد لتشمل تلبية احتياجاته النفسية ، والوالدان هم أكثر الأشخاص قدرة على تقديم الدعم اللازم لأطفالهم.
ويلعب الوالدين دوراً رئيساً في تطوّر الأطفال وتعلّمهم من خلال طريقة تحدثهم ولعبهم وسلوكهم وتفاعلهم معهم حتى وإن كان الوالدان غير متعلمين أو أميين .
فلا يزال الوالدين بإمكانهما التأثير بشكلٍ إيجابي على عملية تعلّم الطفل في المنزل وذلك بعد فهم واكتساب المعرفة حول مراحل نمو الطفل، ومعرفة ما يمكن توقعه من الطفل في كل مرحلة وسبل دعم الطفل بشكلٍ أفضل أثناء نموّه.
بناء على ذلك، أصبح واضحاً أن مسيرة تعلّم الطفل تبدأ في المنزل وأن السنوات الأولى تشكل فرصة ليستغلها الوالدان، ولكن السؤال المتبقي هو : ما الذي يمكن أن يقوم به الوالدان خاصة في ظل انشغالهم في ضغوطات الحياة سواء المادية أو الاجتماعية ؟
إشراك الوالدين وتفاعلهم مع أطفالهم له عدة أشكال ومنهجيات وتختلف المنهجيات في تأثيرها …
فهناك مجالان رئيسيان للتفاعل هما التعلّم الموجه للعائلة والشراكة بين العائلة والمدرسة.
يشمل المجال الأول استراتيجيات بسيطة كتحدث الوالدين مع أطفالهم والقراءة لهم واللعب معهم، أو قد يكون على شكل منظم مثل تقديم تدريبات تستهدف تطوير معرفة ومهارات الوالدين.
ويمكن تقديم مثل هذه النشاطات في المنزل أو خارجه عن طريق المراكز الصحية أو المدارس أو المراكز المجتمعية أو عبر وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي المختلفة.
في حين يشمل المجال الثاني التواصل بين الوالدين والمعلمين ومشاركة الوالدين في المجتمع المدرسي .
وقد تبين أن مشاركة الوالدين في سنوات التعلّم الأولى لأطفالهم ترتبط ارتباطاً وثيقاً بتحصيلهم الأكاديميّ المستقبليّ ، تسهِم برامج الوالدين في اكتساب 4 أشهر إضافيّة من التقدّم التعليمي ّ خلال العام وفقاً لمؤسسة
على الآباء والأمهات والمدارس والمجتمعات والحكومات العمل معاً لمساعدة الأطفال على تحقيق قدراتهم الكاملة. وبالتالي من خلال استهداف الأهل الذين يعدون أحد أهم مصادر تعلم الأطفال فإننا نسمح بتعويض القليل من الفروقات الاقتصادية والاجتماعية .
الخلاصة
لا يشارك غالبية الآباء والأمهات في عملية تعلّم أطفالهم وتطورهم ، ويساهم نقص المعرفة والتصورات الغير دقيقة حول التعليم والرعاية في الطفولة المبكرة في ذلك بشكل جزئي. .
أن ٥٥٪ من الأمهات يعتقدن “كلياً” أو “إلى حد ما” أن لرعاية الوالدين في المنزل تأثيرًا محدودًا في مخرجات تعلّم الطفل. وفيما يتعلق بالمشاركة أشار ٤١٪ من الأمهات بأنهن لا يقرأن لأطفالهن ، و٤٠٪ بأنهن لا يقمن بتعلميهم أي حروف أو أرقام أو كلمات.
وقد يؤدي تجاهل هذه الحقائق إلى إضرار طويلة المدى بالمجتمع والاقتصاد ككل. لذلك، بداية يجب توعية الأهل وإعطائهم الفرصة لتعلم واكتساب المعارف والمهارات والقدرات التي تمكّنهم من دعم أطفالهم.
من الجدير بالذكر بأنه من الضروري أن يشارك الوالدان في تعليم أطفالهم ونموهم في وقت مبكر. آخذين بعين الاعتبار أن ما يهم بالفعل هو جودة التفاعل بين الأهل وأطفالهم وليس كميته.